أوباما و”الخط الأحمر”

لقد كلف عدم التزام الرئيس السابق أوباما بقصف نظام الأسد بعد استخدامه السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية السوريين كثيرا، حيث أعطى الضوء الأخضر الكامل لنظام الأسد بالاستمرار في قتل السوريين بكل الأشكال الممكنة دون أي محاسبة أو عقاب.

وإلى الآن ما زالت تفاصيل تغيير أوباما لقراره بعدم ضرب النظام السوري بعد مرور 24 ساعة من إعلانه بأنه سيقوم بمعاقبة نظام الأسد على استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الذي راح ضحيته أكثر من 1400 شخص كان 400 منهم من الأطفال.

وكما يذكر السفير الأميركي السابق ماكفول في موسكو في مذكراته “من الحرب الباردة إلى السلام البارد” “لقد دفع أوباما ثمناً باهظاً على صعيد سمعته، في الولايات المتحدة الأميركية وفي العالم أيضاً. فهو قد رسم خطاً أحمر، بيدَ أنه لم يتحرك عندما تجاوزه الأسد. لقد وصف أحد وزراء الدفاع السابقين في إدارته ذلك بـ”الخطأ الفادح”، في حين صرح آخر، ليون بانيتا، “لقد كان مهماً لنا الالتزام بكلمتنا والمضي قدماً وفقاً لما يتعين على القائد الأعلى القيام به…. لقد أرسل (أوباما) رسالةً مشوشةً، ليس فقط إلى الأسد، ليس فقط إلى السوريين، بل (أيضاً) إلى العالم”.

لقد كانت فرصة حقيقية أن هكذا ضربات من شأنها كما يذكر ماكفول أن “تبطئ ذبح الأسد للمدنيين الأبرياء. فالضربات المحددة الهدف الموجهة نحو طائراته، طائرات الهوليكوبتر خاصته، وَمطاراته كان من شأنها تقليص قدرته على شن الهجمات، على الأقل مؤقتاً، وَلعلها كانت ستساعد في الضغط عليه ليكون أكثر جديةً حول التفاوض على انتقالٍ سياسيٍ للسلطة. فمن خلال الضربات الجوية المحدودة، كان ما يزال بوسعنا الوصول إلى اتفاقٍ مع الأسد لنزع أسلحته الكيماوية. كان بوسعنا التهديد بمواصلة القصف إلى أن يوافق على تسليم هذه الأسلحة”.

لم تؤدِ صفقة نزع الأسلحة الكيماوية إلى إيقاف الحرب. إذ استخدم الأسد وسائل أخرى لقتل المدنيين الأبرياء. وَبعد مضي أربع سنواتٍ، في نيسان عام 2017، عاود الأسد استخدام الأسلحة الكيماوية مجدداً، مودياً بحياة كثير من المدنيين الأبرياء. فالأسد لم يفِ بتعهده الذي قطعه عام 2013 بالتخلص من جميع أسلحته الكيماوية. من المؤكد أن بوتين كان على علمٍ بذلك.

يضيف ماكفول “مايزال الأسد في السلطة، وَهو اليوم أقوى مما كان عليه أيام كنت ما أزال في الحكومة. وفي أثناء هذه الفترة، لقي أكثر من مليون شخصٍ مصرعهم، وَتشتت أكثر من 12 مليون لاجئٍ عبر سوريا، الشرق الأوسط، وَأوروبا. وَبالتزامن مع ذلك، توسعت مكاسب داعش ممتدةً أكثر عبر العراق وَسوريا، مما أجبر الولايات المتحدة الأميركية على التدخل في نهاية المطاف. فقد شرعنا منذ الثامن من آب، عندما بدأت عملية العزم الصلب ضد داعش، بشن نحو عشرين ضربة جوية يومياً في العراق وَسوريا، بكلفةٍ يوميةٍ تقريبية بلغت 13 مليون دولارٍ أميركي. لقد نجحنا مع حلفائنا على الأرض، باستعادة الأراضي التي احتلتها داعش في سوريا، لكن لمن سنسلم مع حلفائنا هذه الأراضي المحررة؟ إلى الأسد مجدداً؟”

ثم ينهي فصله الخاص ضمن مذكراته عن سوريا بالقول “لا أزال أعتقد أنه كان علينا أن نبذل مزيد من الجهد لرحيل الأسد في عام 2011، تسليح المعارضة المعتدلة على نحوٍ جادٍ حالما تحولت المواجهة السياسية نحو مزيد من العنف، قصف مطارات وَطائرات الأسد عقب استعماله الأسلحة الكيماوية في آب عام 2013، وَفرض منطقة حظر طيرانٍ منذ بداية الصراع، قبل دخول القوى الجوية الروسية المعركة”.

المصدر تلفزيون.سوريا


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا