إيران- أميركا.. صفقة أم ضربة عسكرية؟

صعّدت واشنطن من حدة تصريحاتها تجاه إيران هذا الأسبوع ملوحة، على لسان الرئيس جو بايدن، بـ”خيارات أخرى”، بالتزامن مع فتح قنواتها الدفاعية مع إسرائيل لنقاشات وتدريبات حول ضرب منشآت إيران النووية، وتلك الاقتصادية مع الأوروبيين لزيادة العقوبات.

التصعيد الأميركي يوازيه مسار المفاوضات في دهاليز فيينا. هل تنجح الجولة السابعة من المحادثات في إعادة إحياء الاتفاق النووي أو على الأقل التزام فريق إبراهيم رئيسي بما التزم به حسن روحاني؟ محادثات فيينا هي أيضاً حول إقناع الصين بقطع شريان الحياة الاقتصادي للنفط الإيراني والالتزام بالعقوبات. إنما في الحالتين، نحن أمام عد عكسي مع رفع إيران التخصيب إلى مستويات قياسية، عرقلة طريق المفتشين والتحايل على العقوبات الأميركية.

المفاوض الإيراني يشتري الوقت اليوم في بازار المفاوضات النووية، وهو صاحب قناعة (ليس عن خطأ) بأن كلما اقتربت طهران من القنبلة النووية، كلما ارتفع السعر التفاوضي.

هذا التكتيك يضع واشنطن اليوم أمام التحضير لمسار الخيارات الأسوأ، وأزمة مع إيران ستبدأ خلال أسابيع في حال عدم العودة للاتفاق. هذه الأزمة ستكون أول ملامحها تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران وتنسيق أميركي-إسرائيلي حول خيارات عسكرية ليس لإطاحة النظام في طهران، بل لمنع الوصول لقنبلة نووية. التحضيرات لذلك بدأت في واشنطن هذا الأسبوع وزيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتز ليوم واحد لإدارة بايدن.

هناك وفد آخر من وزارة الخزانة الأميركية يتوجه إلى الخليج الأسبوع المقبل لبحث تطبيق العقوبات.

مع ذلك ورغم هذا التصعيد من واشنطن وبازار طهران لشراء الوقت في فيينا، هناك عدة أسباب تدفع جميع الأطراف باتجاه إبرام صفقة في اللحظة الأخيرة وتفادي المواجهة. أبرز هذه العوامل هي:

1- إيران ليست بحاجة لقنبلة نووية: لا بل هي بحاجة أكثر لورقة الوصول إلى القنبلة النووية لحصد تنازلات من الغرب. وكلما رفعت التخصيب، كلما استعجل الغرب بالتنازلات.

2- رفع العقوبات وتوفير أكثر من مليار دولار نقداً لإيران هو أهم من أي قنبلة أو سلاح نووي في هذا الوقت لطهران. لذلك فإن التنازل في اللحظة الأخيرة ليس مستبعدا في حال تم الاتفاق على حجم العقوبات التي سيتم رفعها وحسابات المصارف التي سيتم تحويلها من مصارف أوروبية وبريطانية.

3-إدارة بايدن لا تريد مواجهة عسكرية مع إيران وهي حتى لم ترد على الضربة الأخيرة من ميليشيات تابعة لإيران لقاعدة عسكرية لها في دير الزور. هناك إعادة مراجعة أميركية ومخاوف بأن العمليات العسكرية ضد إيران السرية والعلنية لم تبطئ من برنامجها النووي، وهناك حاجة ماسة لنهج مختلف واختراق دبلوماسي يكبح قدراتها النووية.

4- الحوار الإقليمي مع إيران وزيارة مسؤول الأمن القومي الإماراتي، الشيخ طحنون بن زايد، إلى طهران يعكس تحضيرا إقليميا لمرحلة ما بعد التوصل لاتفاق نووي مع إيران. طبعا هو قد يكون أيضا لحماية الخليج من انعكاسات أي مواجهة إسرائيلية أو أميركية مع إيران، إنما ما من ضمان لذلك.

5- الخط المتشدد في إيران هو أكثر حاجة لإنعاش البلاد اقتصاديا والانفتاح الإقليمي من المعتدلين. فإيران أحمدي نجاد كانت أكثر انفتاحا على الخليج من إيران حسن روحاني. وهشاشة الوضع الاقتصادي في طهران تفرض على النظام التحرك بحذر وتفادي انفجار في الرأي العام يشبه تظاهرات 2009.

كل ذلك يضعنا أمام لعبة العد العكسي بين إيران والمجتمع الدولي. اتفاق الساعة الأخيرة في فيينا يوفر على طهران أزمة اقتصادية خانقة وقد يمنحها انفتاحاً إقليميا ولا يضعها في مرمى الضربات الإسرائيلية، فيما الفشل سيعني الدخول في دوامة تصعيدية في 2022 ستكون الأسوأ للغرب وإسرائيل في وجه خامنئي.

المصدر الحرة


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا