تفجيرات أرياف حلب تدفع نحو قرارات جديدة..ضبط أم احتواء للقلق؟

رغم حالة الاستقرار النسبي التي تشهدها مناطق ريف حلب، الخارجة عن سيطرة نظام الأسد، لاعتبارات متعلقة ببعدها عن العمليات العسكرية منذ سنوات، إلا أن حالة الفلتان الأمني، مازالت تمثل هاجساً أمام سكان تلك المناطق، التي ارتفعت فيها وتيرة التفجيرات مؤخراً، حيث كان المدنيون المستهدف الرئيسي لتلك التفجيرات، فيما استهدفت بعضها عناصر من “الشرطة الوطنية”.

قرابة 10 تفجيرات شهدتها مناطق ريف حلب، خلال الشهرين الماضيين، أودت بحياة عشرات المدنيين وخلفت دماراً في الأبنية السكنية، ما دفع السلطات المعنية في المنطقة، وعلى رأسها المجالس المحلية و”الشرطة الوطنية”، إلى اتخاذ إجراءات من شأنها ضبط المنطقة أمنياً، حسب نصوص تلك القرارات، وايقاف التفجيرات التي تتم عبر تفخيخ السيارات والدراجات النارية وغيرها من الآليات.

وتتمثل القرارات بتجديد الدعوة لتسجيل الآليات لدى إدارة المواصلات التابعة للمنطقة، إلى جانب منع أي آلية غير مسلجة بمناطق ريف حلب من الدخول للمنطقة.

الهدف من القرارات “واضح”.. هل يتحقق؟

آخر القرارات الصادرة بهذا الصدد، كانت الأربعاء الماضي، حين أصدر مجلس مدينة اعزاز المحلي، في ريف حلب الشمالي، قراراً طالب فيه أصحاب الآليات والدراجات الالتزام بتسجيل آلياتهم أصولاً، رغم أن قرارات تسجيل الآليات ليست جديدة على المنطقة، إلا أن المجلس أعاد التذكير بها عقب ارتفاع وتيرة التفجيرات.

مجلس مارع المحلي بريف حلب، أصدر أيضاً قراراً، منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، منع بموجبه دخول أي آلية لا تحمل لوحة مسجلة في ريف حلب، مشيراً إلى أن القرار يصب في إطار ضبط المنطقة أمنياً عقب كثرة الآليات والدراجات النارية المفخخة.

وكذلك أصدر مجلس محلي اخترين قراراً مماثلاً، يقضي بمنع دخول الآليات بكافة أنواعها دون وجود لوحة صادرة عن مديريات النقل والمواصلات في منطقتي “درع الفرات” و”غصن الزيتون”، تحت طائلة الحجز والغرامة، فيما أصدرت معظم مناطق ريف حلب قرارات مشابهة.

وتعليقاً على ذلك، قال معاون قائد شرطة جرابلس، النقيب نزار عبد الرحمن، لموقع “السورية نت”، إن الهدف من منع السيارات غير المسجلة بريف حلب من الدخول للمنطقة “واضح”، مشيراً إلى أنه يصب في إطار حصر الآليات الداخلة والخارجة من المنطقة، لمعرفة هوية مالكها ومواصفات الآلية عند حدوث أي تفجير، ما يسهل على السلطات كشف ملابسات العملية “الإرهابية”.

وأضاف “هذه القرارات ستكون مؤثرة بعملية ضبط المنطقة أمنياً، على اعتبار أنها ستحد من دخول الآليات التي يتم تفخيخها خارج مناطق ريف حلب، كما ستسهم في معرفة وضبط حركة الآليات الداخلة والخارجة”.

تسجيل المركبات.. هدف أمني ثم تنظيمي

 قرارات تسجيل المركبات والدراجات على اختلاف أنواعها ليست جديدة في عموم مناطق الشمال السوري، إذ بدأت في مدينة الباب عام 2018، ثم انتقلت تدريجياً إلى باقي مناطق ريف حلب عام 2019، حين صدرت قرارات بمنح سيارات المنطقة المدنية والتابعة للمديريات لوحات مرقمة ورخص، بالإضافة إلى تسجيل السيارات ضمن سجلات المديرية.

وعلى اعتبار أن تلك القرارات لم تكن إلزامية، أحدثت ثغرة فيما يتعلق بضبط المنطقة أمنياً، ما دفع المجالس المحلية إلى تجديد الدعوة للسكان من أجل ترخيص دراجاتهم وسياراتهم على اختلاف أنواعها، خاصة مع تزايد وتيرة التفجيرات مؤخراً، إلى جانب حظر دخول السيارات التي لا تحمل لوحات معدنية إلى المنطقة، حيث توعدت المخالفين باتخاذ إجراءات قانونية بحقهم والحجز على آلياتهم.

مدير المواصلات في مدينة اعزاز، علاء الزعيم، قال في حديث لموقع “السورية نت” إن السلطات قدمت تسهيلات عدة لمالكي المركبات من أجل تشجيعهم على تسجيل مركباتهم لدى مديرية المواصلات، وربطها مع المجالس المحلية.

وأضاف أن عملية تسجيل المركبة تتم في مبنى واحد ولا تستغرق مدة نصف ساعة في الأحوال العادية، وقد تصل إلى 3 ساعات في ذروة الازدحام، مشيراً إلى أن المركبة تخضع لكشف فني من قبل لجنة مختصة، ثم يستكمل مالك السيارة أوراقه في نفس المبنى، ويدفع ما عليه من رسوم.

وعن تكلفة الترخيص، أوضح الزعيم أنها متشعبة وتختلف حسب نوع السيارة (تجارية- خاصة- كبيرة- صغيرة)، مشيراً إلى أن رسم تسجيل السيارة العادية يصل إلى 100 ليرة تركية، تشمل الطوابع والورقيات والتصوير وغيرها من اللوازم، وتعود عائدات التسجيل إلى المجلس المحلي في المنطقة.

وأضاف مدير المواصلات في مدينة اعزاز أن الهدف من تسجيل المركبات هو أمني بالدرجة الأولى، ثم تنظيمي، متحدثاً عن أهمية معرفة مرجعية كل مركبة، خاصة أن عملية التسجيل لا تتم إلا في حال كان لدى المالك بطاقة تعريف صادرة عن دائرة النفوس التابعة للمجالس المحلية، أي أن البيانات جميعها مرتبطة بحواسيب دائرة النفوس والمجالس المحلية وولاية كلّس التركية أيضاً.

وبحسب الزعيم، فإن عملية تسجيل المركبات يجب أن تتبعها إجراءات عدة في مجال الحركة المرورية، مثل تنظيم منح شهادات القيادة، مشيراً إلى افتتاح مدرسة قيادة في اعزاز مؤخراً.

مطالب بإجراءات “أكثر صرامة”

في خضم حالة القلق الشعبي التي تشهدها مناطق ريف حلب، نتيجة كثرة السيارات والدراجات المفخخة، يرى سكان تلك المناطق أن ضبط حالة الفلتان الأمني يحتاج إلى إجراءات جدية صارمة لمنع إراقة المزيد من الدماء، حسبما قال محمود أحد سكان مدينة اعزاز.

محمود (35 عاماً) تحدث لـ”السورية نت” عن حالة قلق وخوف تسود مدينته نتيجة التفجيرات المتكررة التي شهدتها، ورحب بأي إجراء من شأنه إنهاء الوضع وإرساء الأمن، خاصة موضوع تسجيل المركبات.

ومع ذلك اعتبر محمود، الذي يعمل سائق تكسي، أن تسجيل المركبات ومنع دخول المركبات غير المسجلة لا يكفي لضبط المنطقة، مطالباً بإجراءات أخرى تتخذها الأجهزة الاستخباراتية والأمنية العاملة ريف حلب.

وكذلك، اعتبر النقيب نزار عبد الرحمن، معاون قائد شرطة جرابلس، أن تلك القرارات غير كافية للحد من دخول المفخخات إلى المنطقة، متحدثاً عن تدابير احترازية أخرى متعلقة بتفعيل أنظمة المراقبة وتركيب الكاميرات لمراقبة حركة دخول وخروج المركبات.

كما تحدث عن ضرورة تكثيف الدوريات الأمنية المشتركة بالقرب من المنطقة المحاذية لما أسماها “المنظمات الإرهابية”، داعياً في الوقت ذاته إلى جعل تسجيل المركبات إلزامياً.

وكان وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، سليم إدريس، حدد في مايو/ أيار الماضي خطوات “الجيش الوطني” لضبط الأمن في ريف حلب الشمالي، مشيراً إلى ضرورة “تزويد المعابر بكاميرات مراقبه تعمل على مدار الساعة، وبأجهزة كشف للمتفجرات وللأسف هي غير متوفرة حتى الآن”.

ومن الخطوات، بحسب إدريس، “التفتيش الدقيق للسيارات والأفراد الذين يدخلون إلى المناطق المحررة من المعابر، والتفتيش الدقيق لكافة الآليات والأفراد على مداخل البلدات والمدن، وتعزيز العمل الاستخباراتي، والتعاون الوثيق والدائم مع الشرطة المدنية”.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا