ريف اللاذقية..سكانٌ يجوبون الجبال بحثاً عن رزقهم بجمع الأعشاب الطبية

تتوزع عائلة أبو أحمد شيخوني، المقيمة في مخيم الأنصار بريف اللاذقية الشمالي، بداية كل صباح، فبينما يقصد الرجل الخمسيني متجره القريب، يخرج أبناءه الثلاثة وجميعهم بأعمار دون الخامسة عشر عاماً إلى الغابات القريبة، لجمع ما تيسر لهم من الأعشاب الطبية بغرض بيعها.

يبتعد الأطفال الثلاثة عن خيمتهم في الجبال المجاورة إلى ما بعد منتصف النهار، بحثاً عن أنواع محددة من الأعشاب مثل الزعتر الأخضر والزوفة والبابونج وزهرة البنفسج، وزهرة البلوط، وغيرها من الأنواع التي يمكن بيعها.

اكتسب الأطفال هذه المهنة بعد عدة رحلات قاموا بها مع والدهم، الذي يروي لـ”السورية.نت”، مراحل العمل بها وتطورها في المنطقة.

ووفق شيخوني، فإن غابات ريف اللاذقية غنية بالأعشاب الطبية التي باتت مقصد الأهالي، في ظل ارتفاع أسعار العقاقير الطبية وغياب فرص العمل، مضيفاً:”سابقاً كان عدد من يعملون بهذه المهنة قليل جداً، لكن الآن أصبح هناك تجار كثيرون يشترون من الأهالي ما استطاعوا جمعه، سواء كان أخضراً أم يابساً، ليقوموا ببيعه في محافظات أخرى”.

ويشير الرجل الأربعيني إلى أن هذه المهنة منتشرة بشكل كبير بين النساء والأطفال، وتؤمن دخلاً محدوداً يمكن أن يساهم في تأمين المصروف.

وحول الأشهر التي تنشط بها مهنة جمع الأعشاب العطرية أفادشيخوني، أن فصل الربيع يعتبر بداية العمل وحتى بداية فصل الخريف، وكل نوع له موسم محدد مضيفاً:”هذه الأيام نركز على جمع الزعتر الأخضر ودرنات نبات الأوركيدا البريّ (يستخرج منها السحلب)، وقبل شهرين كان موسم الزوفة وزهرة البابونج، وباقي أيام العام بعض العائلات نجمع الحشائش (الحويشة).. لكل نبات موسمه”.

أجور بسيطة

أم خالد وهي إمرأة خمسينية تعمل أيضاً في هذه المهنة مع إحدى جاراتها في نفس المخيم، قالت لـ”السورية.نت”، إن الأوضاع الاقتصادية الصعبة وغياب المساعدات أجبرها للبحث عن عمل لإعالة ابنتها بعد وفاة زوجها، مضيفة:” أقطع يومياً مسافات طويلة وأحمل ما أستطيع جمعه على ظهري لأحصل آخر النهار على مبلغ يتراوح بين 500 إلى 1000 ليرة في أحسن الأحوال”.

وحول طريقة بيع المنتجات أفادت أم خالد أن التجار يتوجهون نحو المخيمات، ويقومون بشراء الأعشاب من عن الأسر التي تعمل في هذه المهنة، مضيفة أن الأسعار تختلف بحسب نوع العشبة، فسعر كيلو زعتر الخليل يبلغ 1200 ليرة سورية، بينما يصل سعر كيلو زعتر الجبن إلى 3000 ليرة، ويباع كيلو زهرة البابونج بسعر 500 ليرة .

وتوضح أم خالد أن الأعشاب لا توجد في مكان واحد، بل تنمو على أطراف الأنهار والأشجار و”العثور عليها أمر صعب وليس بالسهل ويتطلب جمع كيلو واحد يوماً كاملاً وربما أكثر”.

ويواجه العاملون في هذه المهنة أخطار عديدة أهمها وعورة الجبال التي يقطفون منها الأعشاب، وتعرضها أحياناً لقصف قوات النظام، إضافة للتعب والإرهاق بسبب بعد هذه الأماكن عن مخيماتهم.

ورشات عمل

من جانبه تحدث عبد السلام رشيد، وهو مدير مخيم عشوائي في ريف اللاذقية، عن تأثير غياب وصول المساعدات لسكان المخيمات، دفع بعض السكان للبحث عن أي سبيل لتأمين لقمة عيشهم.

وأوضح “رشيد” في حديثه لـ”السورية.نت”، أن عدداً كبيراً من العائلات “لاسيما النساء الأرامل تجوب الجبال المجاورة يومياً بحثاً عن الأعشاب لبيعها بأسعار زهيدة”، مضيفاً أن “ورشات العمل بهذه المهنة زادت بشكل لافت مؤخراً ..البعض يعمل في الجمع وتجار يغلفون البضائع ويبيعونها في أماكن أخرى”.

ويعيش في مخيمات ريف اللاذقية آلاف النازحين من مختلف مناطق شمال غرب سورية، أغلبهم فروا من تقدم قوات النظام في قرى ريف اللاذقية الشمالي، وجسر الشغور غربي إدلب.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا