“باكورة القتل” من سورية إلى أوكرانيا.. ما قصة البراميل المتفجرة؟

أعاد التقرير الذي نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، حول استعانة روسيا بخبراء من قوات نظام الأسد متخصصين في صناعة البراميل المتفجرة، الحديث عن أحد أشهر الأسلحة التي استخدمها الأخير ضد السوريين، ومارست دوراً بارزاً في جرائم الحرب المرتكبة ضدهم.

ونقلت صحيفة “الغارديان“، أول أمس الأحد، عن مسؤولين أوروبيين، حديثهم أن “الفنيين المرتبطين بالبراميل المتفجرة سيئة السمعة للجيش السوري، تم نشرهم في روسيا للمساعدة في الاستعداد لحملة مماثلة في حرب أوكرانيا”.

كما نقلت الصحيفة عن “ضباط المخابرات” لم تسمهم، قولهم إن “أكثر من 50 متخصصاً وجميعهم يتمتعون بخبرة واسعة في صنع وتسليم المتفجرات الخام، كانوا في روسيا منذ عدة أسابيع، يعملون جنباً إلى جنب مع مسؤولين من جيش فلاديمير بوتين”.

“بداية الاستخدام”

وتداولت وسائل الإعلام في صيف عام 2012 لأول مرة تسمية “البراميل المتفجرة” أو “القنابل البرميلية”، بعد بدء استخدامها من قبل قوات الأسد ضد المناطق المدنية، التي خرجت عن سيطرتها، ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات آلاف المدنيين، إضافة إلى التدمير الكبير في المناطق المستهدفة.

وحسب تقرير صادر عن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، في 15 نيسان/ أبريل 2015، فإن أول استخدام للبراميل المتفجرة كان في تموز/ يوليو 2012، ووصفه التقرير بالسلاح “البدائي والهمجي”.

وأوضحت الشبكة في تقريرها أن قوات الأسد ألقت قرابة 82 ألف برميل متفجر بين الفترة الممتدة من تموز/ يوليو 2012، حتى نيسان/ أبريل 2021، ما تسبب بمقتل أكثر من 11 ألف مدني، بينهم 1821 طفلاً.

وعزا التقرير الاستخدام النظام الكثيف لهذا السلاح، إلى عدم وجود رد فعل رادع ضده من قبل مجلس الأمن والمجتمع الدولي، إضافة إلى أنه سلاح محلي الصنع، وبسيط في عملية التصنيع، وذو كلفة منخفضة، مع قدرة تدمير عالية، تعادل قرابة سبع قذائف هاون للبرميل الواحد.

ما هي البراميل المتفجرة؟

الضابط السوري المتقاعد “يامن الشيخ عمر”، شرح في حديث سابق لـ”السورية نت”، طبيعة هذا السلاح، وقال “إن هذه البراميل المتفجرة تظهر في السماء كأسطوانة صغيرة الحجم، يصل طولها إلى متر ونصف المتر أو أكثر، فيما يتراوح قطرها بين ربع متر إلى نصف متر، وقد تصل سماكة معدن الغلاف الخارجي إلى 10 ملمترات”.

ويتراوح وزن البرميل الواحد بين 200 و300 كيلو غراماً، وقد تصل إلى 500 كيلو غرام من المواد المتفجرة مثل الـ”TNT”، بالإضافة إلى مواد أخرى كالغازات السامة والمواد الكيميائية والحارقة والقطع المعدنية، ومواد أخرى يتم تصنيعها لتكون شظايا متطايرة قاتلة ومدمرة.

وحسب الضابط “الشيخ عمر”، فإن البراميل المتفجرة تُعد سلاحاً سهل التصنيع ومنخفض التكلفة نسبياً، حيث تستخدم فيه مواد مستهلكة من الأنابيب المعدنية أو الأسطوانات ويتم تعديلها لتكون ملائمة للغرض.

ويضيف في هذا المجال، أن الطائرات تسقط حمولتها من البراميل من ارتفاع عالٍ يزيد عن ثلاثة كيلومترات، لتتجنب الرشاشات المضادة التي تطلقها قوات المعارضة، ويستغرق زمن سقوط البرميل قبل وصوله للأرض وانفجاره 20 إلى 30 ثانية.

ووفق تأكيدات الضابط، تُحدث هذه البراميل أثناء الانفجار ما يشبه الفراغ من الأوكسجين، وعندما ترتطم بالأرض تشكل سحابة قطرية دخانية على ارتفاع عشرات الأمتار في الجو.

حفرة كبيرة خلفها أحد برميل أسقطته إحدى المروحيات التابعة للنظام

وتابع: “من خلال إضافة المواد الحارقة والزيوت والوقود تحدث دماراً هائلاً، مما يجعلها قادرة على تأدية دور شبيه بالقنابل الفراغية، وكلما زادت كمية المادة المتـفجرة ووزنها زاد تأثيرها، و”بشكل عام كلما كان البرميل أكبر تكون نسبة التدمير أكبر”، حسب وصفه.

ويشير الضابط المتقاعد، إلى أنه غالباً ما تكون الطائرات الحاملة للبراميل من نوع الهليكوبتر (Mi-8) و(Mi-17)، كما أن أكثر هذه الطائرات الحاملة للبراميل أّزيلت أبوابها الخلفية، لتسهيل دفع البرميل إلى الأرض.

تحريم “دولي”.. وتوصيف

كثيراً ما نددت منظمات دولية تُعنى بحقوق الإنسان، باستخدام نظام الأسد للبراميل المتفجرة ضد المدنيين، على اعتبار أن هذا السلاح محرم دولياً.

وفي هذا الإطار، أكدت العديد من التقارير لدولية، استخدام هذا السلاح، مؤكدةً على خطورته، وداعية إلى تحريم استخدامه.

وفي بداية تموز/ يوليو 2015، صدر قرار من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، استنكر استخدام قوات النظام للأسلحة المحرمة دولياً، بينها “البراميل المتفجرة”.

وجاء القرار بناء على ما خرجت به نتائج أجراها محققون تابعون للأمم المتحدة، حمّلوا قوات النظام مسؤولية إلقاء براميل متفجرة على حلب بصورة شبه يومية، على نحو يصل إلى حد جريمة حرب.

وبعد سنوات من استخدامها، جاءت أول إدانة واضحة لاستخدام هذا السلاح من المبعوث الدولي الأسبق لسورية، ستيفان دي ميستورا، واصفاً ذلك بـ”الوحشية”.

كما طالب الأمين العام للأمم المتحدة السابق “بان كي مون”، بضرورة محاسبة المسؤولين في نظام الأسد عن إلقاء البراميل المتفجرة، وإطلاق  قذائف الهاون والمدفعية علي السكان في سورية.

أخطر من “تنظيم الدولة”

مخاطر هذا السلاح، دفع “كينيت روث”، المدير التنفيذي لمنظمة “هيومان رايتش ووتش”، إلى وصفها بأنها “أشد خطراً على المدنيين من تنظيم الدولة الإسلامية”.

ويرى روث في أنه لا فرق بين الطريقة الوحشية للإعدامات المصورة لتنظيم الدولة وقصف النظام المدنيين بالبراميل المتفجرة، وهو المتمثل في إلقاء مروحيات النظام البراميل المتفجرة بشكل عشوائي على رؤوس المدنيين.

وبيّن في هذا المجال، أن التنظيم شتت انتباه العالم عن جرائم الأسد التي تعد أشد فتكاً بالمدنيين السوريين، وخاصة أن النظام ما انفك يقصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بالعشرات من هذه البراميل المتفجرة بشكل يومي.

جنرال “البراميل”

يعد جميل الحسن، مسؤول المخابرات الجوية لدى نظام الأسد قبل إقالته منها عام 2019، مبتكر البراميل المتفجرة وفق ما تشير إليه العديد من التقارير، وهو من أوائل شخصيات النظام التي صدر بحقها مذكرات توقيف دولية، في حزيران/ يونيو 2018، لدوره الكبير في الجرائم المرتكبة بحق السوريين.

إقرار دور الحسن في البراميل المتفجرة، جاء في التلفزيون السوري، وعلى لسان الكاتب اللبناني الموالي لنظام بشار الأسد، ميخائيل عوض، حيث أشاد في لقاء معه بفكرة البراميل، ووصفها بأنها “اقتصادية”، ووفرت على خزينة النظام الكثير من الأموال، و”هي أكثر فعالية وأقل كلفة من الصواريخ المجنحة الغالية”. حسب تعبيره.

وتابع أن البرميل كلفته مابين 100 و150 دولار. وزاد أكثر دقة من الصواريخ المجنحة الباهظة الثمن، حيث تبلغ كلفة الصواريخ 500 ألف دولار.

طالب الحسن بمزيد من “الرصاص والنار” ضد الثائرين على النظام

ويُعتبر فرع المخابرات الجوية الذي قاده الحسن، من أشد فروع المخابرات التابعة للنظام ارتكاباً للانتهاكات بحق المعتقلين السوريين، حيث تسبب باستشهاد المئات في أقبيته.

إنكار “المؤكد”

رغم ما تم توثيقه، وما أكدته التحقيقات الدولية، إلا أن نفي استخدام “البراميل المتفجرة”، كان حاضراً ومستمراً من مسؤولي النظام.

النفي جاء على من أعلى المستويات، ابتداء من رئيس النظام بشار الأسد، الذي قال في مقابلة موسعة في دمشق أجراها “جيريمي بوين”، محرر شؤون الشرق الأوسط في “بي بي سي”: أنا على دراية بالجيش. إنهم يستخدمون الرصاص والصواريخ والقنابل. لم أسمع باستخدام الجيش للبراميل، أو ربما، أواني الطهي”.

وأضاف الأسد في اللقاء الذي بثته الشبكة البريطانية في 10 شباط/ فبراير 2015: “لا توجد أسلحة غير مميزة. حين تطلق النار، فأنت تصوب، وحين تطلق النار، حين تصوب، تصوب باتجاه إرهابيين من أجل حماية مدنيين. مرة أخرى، إذا كنت تتحدث عن الضحايا، فهذه حرب. لا توجد حرب بدون ضحايا”.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا