مجلس الأمن إذ يُجدد لبشار قبل 7 سنوات

خَدَع المجتمعُ الدولي قوى المعارضة السورية عام 2012، يوم جرّ رجلها إلى عملية تفاوض، ربما تستغرق عقوداً على غرار عمليات التفاوض في فلسطين وغيرها، وقبلت قوى المعارضة بهذا وهللت له، وراحت تتنقل من جنيف فالأستانة، ثم إلى سوتشي. وطوال تلك السنوات وعلى امتداد جغرافية تلك المؤتمرات، كان الهدف الأساسي للنظام السوري وحلفائه المحتلين، بدعم المجتمع الدولي، هو انتزاع الأرض الثورية من الجنوب إلى دمشق فريفها، فحمص وريفه، وأخيراً ريف حماة، حتى ضاقت الأرض المحررة إلى ما هي عليه اليوم.

كانت الخديعة الكبرى والطُعم الذي قدمه المجتمع الدولي يومها، ولا يزال يضعه كـ”اللهّاية” في فم المعارضة السورية، هو قرار مجلس الأمن الدولي 2254، القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالي بديلاً عن الأسد، وحين يخبو بريق هذه اللهاية، يقدم المجتمع الدولي إبراً مخدرة أخرى، لخديعة من قبل الخديعة، فكانت أطروحات هيئة التفاوض، فاللجنة الدستورية، فعروض خلبية كالمجلس العسكري، ونحوه من العروض التي ثبت كذبها وخديعتها. ومع هذا يصر المخدوع على الجري وراء المخادع، وكلاهما يعلم علم اليقين أن ما يتم خادع ومخدوع وما بينهما.

رفعت واشنطن قانون قيصر، الذي لم يقضِ بمعاقبة النظام السوري وحده فقط وإنما بمعاقبة كل من يتعاون معه، لنصحو اليوم على صمت واشنطن عن الدول التي سمحت للنظام بأن يدير حملته الانتخابية على أرضها، دون أي انتقاد أو رفض، ليتلاشى قيصر وقانونه، ويدفن تحت غبار العملية الانتخابية الأسدية، التي سيفوز بها بالتأكيد، كما حصل خلال العقود الماضية، فالمجتمع الدولي لا يزال عاجزاً طوال عقد كامل أن يجد بديلاً عنه ضمن 26 مليون سوري.

الانتخابات منذ عام 1970 إلى الآن هي نفسها، “خمر قديم في زجاجات جديدة”، كما يُقال بالإنجليزية، وجديد زجاجات اليوم هو عمليات البوتكس والشد، التي لم ينجُ منها حتى وجه الأسد القميء، بعد أن فضحته مجازره، واحتلال سوريا من قبل قوات متعددة.

أما الشعب السوري فأولاً وأخيراً لا علاقة له بهذه المهزلة الانتخابية، والمتواصلة منذ نصف قرن، ولذا فإن السوريين اليوم جازمون تماماً بأن الصوت الأقوى والناخب الحاضر وبقوة، هو صوت المجتمع الدولي الذي صمت على خرق النظام طوال تلك السنوات لقراراته التي أقرها بنفسه، وتعهد بتطبيقها، وذهب أبعد من ذلك كله، حين سمح بإقامة مهزلة انتخابية على أرضه، يشارك فيها عبيد النظام، ومؤيدوه الذين فضل بعضهم العيش بعيدا عنه، بينما يدعو بعض أعمدة هذا المجتمع الدولي إلى إعادة الهاربين من جحيم حكم قيصر ومسالخه، ومجازر الغوطة وخان شيخون وسراقب الكيماوية ومعها مجازر البراميل المتفجرة، إلى مقبرة اسمها سوريا الأسد.

سيكتب التاريخ فصلاً جديداً عن الانهيار الأخلاقي لمجتمع دولي، كما كتب من قبل عن لا أخلاقياته في فلسطين وغيرها، وسيظهر للعالم كله عجز هذا المجتمع ذي ذاكرة السمك، وكذبه.. لا يستطيع أن يتخلى عن طاغية واحد، حتى ولو كان ذلك على حساب تهجير 14 مليون إنسان، والتضحية بمليون شهيد، فضلاً عن أضعافهم من الجرحى والمعتقلين.

إن صناديق الاقتراع لانتخابات بشار اليوم قد أقيمت في مجلس الأمن الدولي قبل سبع سنوات، يوم اتخذ قراره 2254 بتشكيل هيئة حكم انتقالي، فانقلب عليها منذ يومها الأول، وسمح للنظام وسدنته بالتلاعب والتسويف إلى يومنا هذا، ولولا الموافقة والمباركة الدولية، لما تجرأ الأسد ولا أسياده على ما يفعلونه اليوم.

المصدر عربي21


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا