أكاديميون وطلبة:”مسيرة شاقة” وطموحات وتحديات مابعد تخريج أطباء “حلب الحرة”

خرّجت “جامعة حلب في المناطق المحررة”، 114 طبيباً وطبيبة من كلية الطب البشري في دفعة هي الأولى من نوعها في منطقة شمال غربي سورية.

وجاء التخريج في حفل تكريم واسع، حضره أمس الاثنين، طيف من الفعاليات المدنية والطبية والمؤسسات الحكومية في منطقة ريف حلب، في إنجاز وُصف بـ”النوعي” بعد أكثر من 10 سنوات على انطلاق الثورة السورية.

مسيرة شاقة

يصف عمر هلال، الحاصل على الترتيب الأول في دفعة الأطباء الأولى، في حوارِ لـ”السورية.نت” بداية المشوار الدراسي بـ”الأيام الصعبة” في ظل “التنقّل بين عدة مواقع هرباً من الاستهداف الجوي من النظام وروسيا”، عندما كانت الكلية في مدينة كفرتخاريم بريف إدلب الشمالي الغربي، مضيفاً أن “الأيام الصعبة” تكللت في نهايتها بـ”نجاح مميز” له ولزملائه الأطباء.

ويضيف:”سرعان ما بدأت الكلية تتطور في السنوات اللاحقة تدريجياً من الناحية اللوجستية (معدّات  ومخابر ومواد) إلا أن تخللها أزمة نزوح للجامعة في عدة مناطق في ريف إدلب وصولاً لريف حلب، وأخيراً تهجيري من قريتي بعد دخول قوات الأسد إليها”.

ويتحدث هلال عن ترحيب واسع من قبل المنظمات الطبية العاملة في مستشفيات ومراكز منطقة ريف حلب، وهو ما ساعدهم في عملية التدريب والتعلّم في سنوات الدراسة الأخيرة، رغم محدودية الإمكانيات والمقدّرات العامة المتوفرة فيها.

ويحضّر هلال إلى دخول مرحلة تخصص داخلية (هضمية تحديداً) في الهيئة الطبية للاختصاصات، تزامناً مع عمله في مركز طبي خاص، حيث بدأ العمل فيه كـ”طبيب عام”، قبيل تخرجه لتأمين نفقات دراسته، ويعمل فيه على إجراء فحص أولي للمريض.

“مؤسسات الثورة تثمر”

تأتي أهمية الحدث، بحسب عماد برق رئيس “مجلس التعليم” في “الحكومة السورية المؤقتة”، من كون الدفعة المُتخرجة “هي دفعة أولى أصيلة من طلاب جامعة حلب في المناطق المحررة”، على خلاف دفعة الأطباء السابقة في العام الماضي، التي كانت لطلاب منقطعين من جامعات النظام قبيل التحاقهم بجامعة حلب.

“جامعة حلب في المناطق المُحررة” تحتفل بتخريج أول دفعة أطباء(صور)

ويوضح برق لـ”السورية.نت”، أنّ “الأطباء الخريجين جميعهم بدأوا من السنة الأولى عام 2015 من قيود جامعة حلب، وأكملوا مشوارهم التعليمي فيها حتى التخرّج”.

في هذا السياق، يقول الدكتور جواد أبو حطب عميد كلية الطب البشري، إنّ تخريج أطباء هو “إنجاز محسوب على مؤسسات الثورة السورية وخاصةً جامعة حلب، لرأب فجوة الحاجة إلى الأطباء والكوادر الصحية في سورية، بعد هجرة وخسارة جزء كبير من الكادر خلال سنوات الثورة، وانتقال لمرحلة التنمية الصحية والتعليمية بدلاً من الإسعافية فقط”، معتبرًا أنّ “مؤسسات الثورة بدأت تثمر”.

تحديات

يضيف أبو حطب في حديث لـ”السورية.نت”:”عند البداية لم يكن عملاً سهلاً، كان تحدياً كبيراً، مالياً وأمنياً ولوجستياً”، كما تحدث أيضاً عن “استهداف متكرر للنظام وروسيا لكلية الطب البشري حين كانت في إدلب بهدف كسر العزيمة وإحباطنا، الأمر الذي اضطرنا إلى تغيير الموقع عدة مرات”.

ويتابع: “لم تتوقف التحديات عند هذا الحدّ، إذ لم يكن الكادر التدريسي المتوفر في الداخل كافياً، حتى استعانت الجامعة بـ 11 طبيباً مدرّساً من خارج سورية في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية عبر التدريس عن بعد (أون لاين)”.

ويزيد: “في مراحل أخرى كان تأمين المخابر والمواد اللازمة في العملية التدريسية وخاصةً الكيميائية، تحدياً إضافياً، حتى وإن توفر الدعم المالي، فكيف نأتي بها؟ على اعتبارها مواداً ممنوعة وغير متاحة في الطرق العادية”.

مستقبل الأطباء

يؤكد أبو حطب أنّ فرص العمل والتخصص والدراسات العليا متاحة منذ تخرّج الطلاب، إذ إنّ أكثر من 10 أطباء وجدوا فرصة عمل في المستشفيات والمراكز الصحية والمنظمات الطبية، عقب تخرجهم مباشرةً من كلية الطب البشري والفرص متوفرة أمام الجميع.

وحول مسألة التخصص، لفت محدثنا إلى أنّ الكوادر الصحية عملت منذ تأسيس الجامعة على إطلاق “هيئة الاختصاصات الطبية السورية” التي تستقبل طلاب الطب البشري في عدد من الاختصاصات.

من جهته، اعتبر برق أنّ تأمين “الدراسات العليا” للطلاب الخريجين مهمة قادمة بالنسبة لهم كـ”مجلس تعليم عالٍ وجامعة حلب”، من أجل تطوير ودعم الهيئة التدريسية لكلية الطب البشري في الجامعة.

ويلفت في هذا السياق، إلى أن الجامعة ومجلس التعليم يتواصلان بشكل مكثف مع جامعات تركية لإيفاد عدد من الأطباء الخريجين، بالإضافة إلى توفير منح دراسية في الداخل لمرحلة الدراسات العليا عبر منظمات طبية.

وفي ختام حديثه، يؤكد برق أنّ دفعة الأطباء هي وافد جديد على القطاع الصحي والطبي وهدفها الرئيس سد الشواغر والنقص الذي يشهده القطاع، ضمن المستشفيات والمراكز الصحية ومديريات الصحة التي كانت حاضرة لحفل التخرّج.

مستشفى جامعي

بموازاة ذلك، يجري التحضير في الوقت الحالي للبدء بإنشاء مستشفى جامعي في منطقة ريف حلب لطلاب الاختصاصات الطبية، بعد عناء التدريب في المستشفيات الأخرى.

يوضح الدكتور جواد أبو حطب، أن “المستشفى سيكون على قطعة جغرافية تصل إلى 11 ألف متر، بأكثر من 16 قسماً طبياً على مستوى المحرر، يخدّم الأهالي ويدرّب الطلاب على حدّ سواء”.

وتأتي أهمية المستشفى الذي يُخطط حالياً لعقد مؤتمر مناصرة قريب من أجل ترتيب عمليات الدعم، في توفير عدد من التخصصات التي تفتقر إليها المنطقة، بحسب أبو حطب، منها “النفسية والداخلية والأمراض المزمنة”.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا