إيران لحلف علني يضم “حزب الله” ونظام الأسد.. ولبنان ينتهي

دخول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض، لم يوضح الرؤية الإقليمية بعد. كان ذلك متوقعاً بسبب انشغالات الرئيس الداخلية الهائلة، والتي تستمر لأشهر تبقى فيها منطقة الشرق الأوسط على توترها المتصاعد.

منطقة الثقوب السوداء

وتنتظر المنطقة في هذه الشهور ثلاثة استحقاقات أساسية: انتخابات إسرائيلية، وانتخابات إيرانية وانتخابات سورية. وفي الأثناء تسعى الأطراف إلى تجميع أوراق قوتها: إيران ترفض الدخول في مفاوضات إلا مع الولايات المتحدة الأميركية. دول الخليج تسعى إلى تحسين علاقاتها بينها ومع تركيا ومصر، وتريد أن تكون حاضرة في المفاوضات النووية بين إميركا وإيران. وإسرائيل لديها مصالحها الاستراتيجية التي لا تتخلى عنها، وتحاول تثبيتها في كل مفاوضات آتية.

صراعات هذه الدول لها ساحاتها: أبرزها العراق الذي يتموضع على مفترق خطر في المرحلة المقبلة. وسوريا ساحة مفتوحة أمام المزيد من الضربات الإسرائيلية. ولبنان الذي يصبح ملحقاً أكثر فأكثر بمصير الملف السوري، مع تفاقم معضلاته المتشابكة والمتداخلة، مالياً واقتصادياً، سياسياً وعسكرياً. وحتى قضائياً بعد التقارير التي ربطت النظام السوري بباخرة الأمونيوم وتفجرها في مرفأ بيروت. وهناك اليمن أيضاً ساحة تجاذب مفتوحة على مزيد من التصعيد العسكري والسياسي.

انقسامتها وأحلافها

وتنقسم المنطقة بين تحالفين: تحالف جزء من العرب مع إسرائيل، في مقابل تحالف جزء آخر منهم مع إيران. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد طرح فكرة تشكيل ناتو عربي. لكنه لم يبصر النور ولم ير طريقاً إلى التشكل، فيما سارعت إيران في اليوم الأخير من ولاية ترامب إلى تشكيل “الناتو” الخاص بها: مأسسة علاقتها بجماعاتها ومنحها طابعاً رسمياً. وهذا مشروع يدرسه مجلس الشورى الإيراني، تحت عنوان معاهدة دفاع مشترك بين إيران والقوات التابعة لها: الحشد الشعبي في العراق. حزب الله في لبنان. النظام السوري. والحوثيين في اليمن.

وهدف إيران هو إثبات قوتها ووحدة موقف حلفائها. وذلك بناءً على المعاهدة الدفاعية المشتركة التي تنص على أن تعرُّض أي طرف فيها للهجوم من أية جهة، يستوجب من قوى المعاهدة كلها أن تهب للدفاع عنه، وتوجيه الردود المناسبة.

معاهدة إيرانية وضربات إسرائيلية

ومن كان يراهن على التهدئة بعد رحيل ترامب، قد لا يصح رهانه. فالمنطقة مقبلة على مزيد من التوتر، طالما أنها على هذه الصورة من الأحلاف.

وفي ظل انشغال بايدن في مشاكل أميركا الداخلية، قد تندفع القوى الإقليمية إلى تحسين مواقعها. وفي طليعتها إسرائيل الساعية إلى الاستمرار بتحقيق ما تريده في سوريا ولبنان: تكثيف عملياتها العسكرية واستهداف المواقع الإيرانية ومخازن صواريخها. والمسؤولون الإسرائيليون لا يتوقفون عن كلامهم على ضرورة منع حلفاء إيران من التزود بالأسلحة، ومن التمركز في مناطق قريبة ومؤثرة على الأمن الإسرائيلي.

أما طهران فتسعى إلى تعزيز وجودها ومناطق نفوذها. ما قد يؤدي إلى اندلاع مواجهة يتحدث عنها الإعلام الإسرائيلي نقلاً عن مسؤولين، تحت عنوان: التحضر لاحتمالات اندلاع الحرب.

وبغض النظر عن شكل الحرب التي لن تكون تقليدية، ستتعزز وتتكاثر في المرحلة المقبلة مروحة الضربات والاستهدافات الإسرائيلية.

لبنان بلا ثوابته التاريخية

ولن يكون لبنان في منأى عن هذه التطورات. وهو يقف أمام استحقاق أساسي إذا أقرت معاهدة الدفاع الإيرانية المشتركة، التي تجعل لبنان في صلب المحور الإيراني علناً ورسمياً. ولا حاجة لأن تقرّ الحكومات هذه المعاهدة، فهي بين إيران وجماعاتها. لكنها تؤدي إلى مزيد من تغييب الدول ودورها، وتؤسس إلى فراغ سياسي أشد وأقوى.

وستزداد الغربة عن الثوابت اللبنانية التاريخية. ومعادلة الحلف الإيراني الرسمي مع حزب الله، ستكون في مواجهة مباشرة مع ما يطرحه البطريرك الماروني بشارة الراعي ودول كثيرة حول وجوب حياد لبنان.

والمعركة لن تكون لتعزيز مناطق النفوذ فقط، بل معركة تحديد الخيارات ورسم التوجهات. ولبنان هو الطرف الأضعف فيها. فلن يكون قادراً على الذهاب في اتجاه العرب، فيما قوىً وازانة فيه لن تقبل التوجه نحو إيران التي سيكون لبنان في كنفها مرغماً وبفعل الأمر الواقع.

المصدر المدن


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا