“الانتخابات اقتربت”.. ماذا ينتظر المعارضة التركية بعد “زلزال أكشنار”؟

ما تزال الارتدادت الحاصلة داخل التحالف السداسي للمعارضة التركية قائمة حتى الآن، وفي الوقت الذي أحدثت فيه السياسية المعارضة وزعيمة “حزب الجيد”، ميرال أكشنار “زلزالاً سياسياً”، بحسب وصف مراقبين، تترقب الأوساط الداخلية ما ستؤول إليه التطورات في الأيام المقبلة، وحتى يوم الاثنين المقبل.

وكانت السياسية أكشنار، وهي إحدى أركان “الطاولة السداسية” التي شكلتها المعارضة في تركيا قبل أكثر من عام، قد أعلنت صراحةً رفضها لاختيار نظيرها زعيم “حزب الشعب الجمهوري”، كمال كلشدار أوغلو كمرشح رئاسي منافس لرجب طيب أردوغان.

وفي خطاب لها أعقب اجتماعها مع بقية أحزاب “الطاولة” وجهت سلسلة عبارات لاذعة، إذ رفضت فرض اسم كلشدار أوغلو، فيما وصفت التحالف الذي تنضوي فيه على أنه بات “طاولة كاتب بالعدل”.

وفي حين لم تكشف أكشنار عن المسار الذي قد تتخذه في الأيام المقبلة، وما إذا كان خطابها مؤشر على الانسحاب من الطاولة، أعلنت مطلبها في تشريح اسمين لكرسي الرئاسية، الأول هو رئيس بلدية أنقرة، منصور يافاش والثاني عمدة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو.

وتتالت ردود الأفعال، خلال الساعات الماضية، من جانب الأحزاب الخمسة الأخرى المشكّلة لـ”الطاولة”، وعلى رأسها “حزب الشعب” وزعيمه كلشدار أوغلو، إذ أقدم، صباح اليوم السبت، على الاجتماع مع رؤساء بلديات حزبه، من بينهم يافاش وإمام أوغلو.

وقبل ذلك أبدى هذان الاسمان دعمهما لزعيم الحزب الذي ينتميان إليه، ما أطلق تساؤلات بشأن الطلب الذي أكدت عليه أكشنار، والتي أصرت على اختيار أحدهما، كونهما يحظيان بنسب مرتفعة في استطلاعات الرأي، قياساً بكلشدار أوغلو.

ما المتوقع؟

ويأتي “الزلزال السياسي” الذي أحدثته أكشنار ذات الجذور القومية قبل شهرين من موعد تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد، والتي ألمح إليها أردوغان مراراً على أنها ستجري في الرابع عشر من شهر مايو/ أيار المقبل.

ومن المقرر أن تقدم “الطاولة السداسية” للمعارضة يوم الاثنين المقبل خطاباً للرأي العام بشأن “المرشح المنافس”، في خطوة تستكمل بيان “التفاهم المشترك”، الذي أعلنوا عنه يوم الخميس، وتأتي في أعقاب ما فرضته ميرال أكشنار.

وعلى اعتبار أن هذه المرأة رفضت بشدّة ترشيح كلشدار أوغلو، إلا أن هذا الاسم حظي بتوافق زعماء الأحزاب الخمسة البقية المشكّلة لـ”الطاولة”، من بينهم زعيم “حزب المستقبل”، أحمد داوود أوغلو وزعيم “حزب الديمقراطية والتقدم”، علي باباجان.

بعد تصريحات أكشنار رد بالقول عبر حسابه في موقع التواصل “تويتر”: “سنواصل توسيع طاولتنا. بصبر..”، وذكرت مصادر لوسائل إعلام تركية أن أوساط حزبه قرأت خطاب زعيمة “حزب الجيد” على أنه “مؤامرة”.

علاوة على ذلك يرى حزب “الشعب الجمهوري” أنه إذا لم تحضر أكشنار الاجتماع يوم الاثنين، فيجب أن تستمر الطاولة على أنها مشكّلة من خمسة زعماء أحزاب فقط.

واعتبرت الكاتبة والصحفية ناغيهان ألتشي في مقالة على موقع “خبر تورك” أن المشهد السياسي للبلاد تعرض يوم الجمعة “لزلزال سياسي في الثالث من شهر مارس”، في إشارة منها إلى الخطاب الذي ألقته أكشنار.

وتقول الصحفية: “كان معروفاً أن حزب الجيد وزعيمته لا يريدان ترشيح كلشدار أوغلو وأن هذه المشكلة كانت ستصل إلى نقطة غير قابلة للحل، ولكن بصراحة، لم يتوقع أحد أن أكشنار سوف تكسر الجسور بهذه التصريحات القاسية”.

“ارتكبت دوائر حزب الشعب الجمهوري أخطاء في هذه العملية، واعتمد موظفو كلشدار أوغلو أحياناً أسلوباً متعجرفاً ومهيناً، وأنا أفهم حزب الجيد وميرال أكشانر في هذا الصدد. شعرت أنها تواجه أمراً واقعاً”.

وتضيف ألتشي متساءلة: “إذا ذهبت الانتخابات إلى الجولة الثانية وتنافس السيد كلشدار أوغلو والسيد أردوغان، فماذا ستفعل أكشنار في هذه الحالة؟ هل تريد التصويت لصالح الأول؟ كيف سيحقق ذلك بعد كل الاتهامات؟”.

وبحسب الصحفية ستشهد الأيام المقبلة “ساعات أكثر جنوناً من حيث السياسة التركية”، وأن “الشيء الأكثر عقلانية أن تُظهر زعيمة حزب الجيد نفسها كمرشح رئاسي”.

وتابعت: “عندما تكون المعارضة في مثل هذه الأزمة، تريد الحكومة الذهاب إلى الانتخابات في أقرب وقت ممكن”، معتبرةً أن تاريخ الرابع عشر من شهر مايو سيكون الموعد الرسمي لتنظيم الانتخابات.

من جهته أوضح الكاتب والصحفي، محرم ساريكايا أنه “اعتباراً من يوم الخميس تم هدم البناء الذي كان مستمراً منذ عام ونصف لتحالف الأمة المعارضة”، وقال: “كان من الواضح منذ البداية أن المشكلة ستصل إلى هذه النقطة”.

على الرغم من اكتمال جميع العمليات المتعلقة بخارطة الطريق للانتقال إلى نظام ديمقراطي برلماني، فإن العنصر الأكثر أهمية في كل فترة انتخابية، والذي سيتم انتخابه ظل دائماً حتى النهاية.

ونقل ساريكايا عن مصادر أن “خطة اللعبة الآن في حزب الجيد تعتمد على ترشيح ميرال أكشنار كمرشح رئاسي، بناءً على افتراض أنه لن يكون هناك رد إيجابي من رؤساء البلديات، يافاش وإمام أوغلو”.

فيما يتعلق بـ”الطاولة السداسية” التي باتت ناقصة حزب واحد، يشير الكاتب إلى أنه من المتوقع أن ينضم إليها أحزاب مثل “حزب اليسار وحزب tıp، الذي كان يعمل مع حزب الشعوب الديمقراطي لفترة من الوقت”.

ما مستقبل حزب أكشنار؟

في غضون ذلك، وبينما تتجه الأنظار إلى كيفية استمرار “تحالف الأمة” المعارض، فقد أدى ذلك أيضاً إلى طرح تساؤلات حول مستقبل “حزب الجيد”، وزعيمته أكشنار، والطرق التي قد تسلكها خلال الأيام المقبلة المتبقية من تاريخ تنظيم انتخابات الرئاسة.

ويقول الخبير السياسي التركي، إرسين كالايجي أوغلو إنه يعتقد أنه من المرجح أن يتم الدخول في الانتخابات مع العديد من المرشحين.

ويضيف الباحث السياسي، تانجو توسون أن “حزب الجيد” هو أحد أقوى الأحزاب في تركيا من حيث معدل التصويت والتمثيل الاجتماعي والسياسي، لكنه حزب مغلق من حيث الدعم.

وأشار الصحفي التركي، راغب صويلو إلى أن “أكشنار باتت تعاني بعد خطابها وموقفها من موجة انتقادات ضخمة على وسائل الإعلام ذات الميول المعارضة، وكذلك على منصات مثل تويتر”.

ويقول: “رد الفعل هائل. يقول منظمو استطلاعات الرأي مثل بكير أجيردير إنها انتحرت سياسياً، ويتوقعون أن نصف أصواتها ستتركها”.

ومع ذلك، ورغم أن “الفوضى والانقسام في المعارضة عززت يد أردوغان خلال الحملة، لكن ما زالت الرياضيات ضده”، إذ يوضح صويلو: “في كل استطلاع، لم يتمكن من الحصول إلا على حوالي 42-45 بالمئة كحد أقصى. بالطبع قد يتغير هذا في المستقبل. لكن المعارضة لها مكانة أفضل إذا بقوا متحدين”.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا