الرقص مع بوتين.. على أبواب الجحيم

لم يبق سوى إعلان ساعة الصفر ، لكي يتغير شكل الحياة على كوكب الارض، وتؤدي البشرية رقصتها الاخيرة على إيقاعات ذلك الرجل المصاب بجنون العظمة والمدجج بالسلاح النووي، الذي قرر التوقف عن لعبة حافة الحرب المملّة، والتوجه فوراً نحو باب الجحيم.

العالم من أقصاه الى أقصاه يحبس أنفاسه الاخيرة الآن، بانتظار أن يخطو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطوته التالية، التي لم تعد تحتمل المناورة، ولا تندرج في سياق حرب الاعصاب والارادات: إجتياح أوكرانيا، والتسبب بمواجهة دولية كبرى، أو ربما حرب عالمية ثالثة، تستكمل ما فات من الحرب العالمية الثانية، من ضحايا وخسائر وأضرار، وخرائط جغرافية ممزقة.

الوقت ضيق، يومان أو ثلاثة لا أكثر، وإذا حالف الحظ سكان الكوكب، لن تزيد المهلة الزمنية عن يوم الاحد المقبل، موعد إنتهاء الالعاب الاولمبية الشتوية في العاصمة الصينية بكين، حسب التقديرات الاميركية والاوروبية التي تسيل بلا حسيب أو رقيب وكأنها تنجرف بإرادتها ووعيها الكامل الى حلبة رقص التانغو مع الراقص الروسي.

في ذلك الانجراف الاميركي والاوروبي مع بوتين ما يثير الريبة: تجاوز الامر حد التحذير لبوتين من مغبة إستخدام قواته العسكرية المحتشدة على حدود أوكرانيا. ويبدو أن الرئيس الروسي بات يستمتع بإثارة الغرب وإستفزازه، ويندفع أكثر فأكثر نحو إطلاق الرصاصة الاولى أو الصاروخ الاول، طالما أنه بات يعرف العواقب تماماً ، ويدرك الاثمان التي يمكن أن يدفعها لقاء هذه المغامرة. وهو لا يبالي، حتى الآن على الاقل.

حتى الآن هو منتصر في مغامرته، فائز على خصومه في رقصته المحببة:إستطاع أن يضع الغرب كله في حالة تأهب، وأن يفكك أو على الاقل أن يختبر وحدته العسكرية والسياسية، ومؤسسته الاطلسية، ولم يبق سوى أن يقيس قوة أدواته المالية والاقتصادية والتجارية، من خلال العقوبات الاميركية والغربية، التي خضعت لها دول وشعوب متعددة لعقود طويلة، من دون أن تخضع..

حتى الأمس القريب، كان الغرب متهماً حقاً بأنه يبالغ في إثارة الرعب العالمي من تحركات بوتين، ويفكر في إثارة القلق داخل روسيا نفسها. لكنه اليوم، بات متورطاً في التسبب بالحرب ، في إستدراج الكرملين إليها ، في الايحاء لبوتين بأن ثمن غزو أوكرانيا لن يكون باهظاً، وقتال الجيش الاوكراني لن يكون مؤثراً. ثمة ما يعيد الى الاذهان تجربة الاميركيين مع العراق قبيل غزوه الكويت في العام 1990، عندما تلقى صدام حسين التحذير والتشجيع في آن واحد.

من الآن فصاعداً، يفترض أن يحاسب الغرب على سوء إدارته للارث السوفياتي و سوء تدبيره للوريث الروسي، ومساهمته، بالتغافل او التواطؤ ، في صناعة ذلك العاصي المقيم في قصر الكرملين، مع ثلة من رجال الاستخبارات، تدير دولة ذات تسليح خطر، وذات تفكير أخطر من قيادة شعب تتناقص أعداده وطموحاته، وإسهاماته في الحضارة الانسانية.

الثمن سيكون باهظاً جداً، لأن بوتين أفلت من العقاب أكثر من مرة في الماضي، سواء في حرب الشيشان أو جورجيا أو القرم..أو ضحيته الأخيرة، سوريا التي جعلها أرضاً محروقة، وشعباً هائماً، ونظاماً دائماً . وهو لن يرتدع هذه المرة أيضاً، ولن يتردد في خوض الحرب حتى النهاية، أي حتى العاصمة الاوكرانية كييف التي تخلو الآن من سكانها، ومن حلفائها الغربيين الذين يلوحون بالعقوبات.

آه من تلك العقوبات، التي يلوح الغرب صراحة بأنها ستشل الحياة في قصر الكرملين، ثم في موسكو، ثم في بقية الانحاء الروسية المترامية.. من دون أن يأخذ في الاعتبار أن الحياة ستضطرب في جميع أرجاء الكوكب، جراء الإرتفاع الجنوني في أسعار النفط والغاز والمواد الغذائية والسلع الحيوية..هذا إذا لم تقرر بعض الرؤوس الحامية في الغرب أن تعلنها حرباً تجارية عالمية لن ينجو منها أحد من الجنس البشري.

المصدر المدن


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا