“الكبد الوبائي” يضرب الساحل السوري.. مياه ملوثة وتقاعس سُلطات

وسط دوامة انتشار “الكوليرا” في سورية ومخاطرها، ظهرت أمراض أخرى مرتبطة بالتلوث في الساحل السوري، مع تسجيل عشرات الإصابات بمرض الكبد الوبائي A في طرطوس واللاذقية، خلال الأسابيع الأخيرة.

إذ أعلنت مديرية صحة طرطوس عن 74 إصابة بالتهاب الكبد الوبائي في منطقة الكفرون، وسجلت قرية البياضة التابعة لمدينة مصياف نحو 140 حالة، وذلك بين طلاب مدرسة ابتدائية.

فيما نقلت وسائل إعلام مقربة من النظام، عن مدير المنطقة الصحية في مصياف الدكتور معد شوباصي، قوله إن ما يقارب 50 إصابة بالتهاب الكبد الوبائي سُجلت في قرى متفرقة من المدينة خلال الأيام الأيام الأخيرة نتيجة الشرب من مصادر مياه غير موثوقة.

أعراض متفاوتة الخطورة

وصلت الإصابات بالتهاب الكبد الوبائي إلى محافظة اللاذقية وريفها، مع تسجيل نحو 54 إصابة في قرى حمام القراحلة وكفردبيل وجيبول بريف جبلة مؤخراً.

والتهاب الكبد الإنتاني A هو تسمم في الجهاز الهضمي، يرافقه ألم شديد في المعدة، وإقياءات ووهن عام ونقص شهية، وفي مرحلة لاحقة يلاحظ الاصفرار في العيون والجلد ويتحول لون البول للون غامق.

وتعود الإصابة بالمرض غالباً لشرب المياه الملوثة، وتناول الناس للأطعمة المكشوفة أو المتعفنة، لعدم وجود المبردات بسبب قطع التيار الكهربائي، وتتعزز دواعي الإصابة بالمرض في ظل افتقاد أغلب القرى للصرف الصحي وشروط الإقامة السليمة.

ويوضح الطبيب مؤيد الخول، المقيم في تركيا، لـ “السورية نت”، أن أعراض المرض تبدأ بألم في البطن وارتفاع درجة حرارة المصاب ووهن عام مترافق بفقدان الشهية، وينبه إلى أن المصاب إذا لم يُعزل فسينقل العدوى لكل من شاطره استخدام المناشف والصحون وغيرها.

وأضاف الخول وهو طبيب سوري، أن هذا المرض ليس له دواء محدد إلا بالحمية الغذائية وتناول السكريات والنشويات، وعزل المريض عن باقي أفراد أسرته، منبهاً في الوقت ذاته إلى أن انتشار المرض بشكل واسع له دواع خطيرة لأنه معدي، كما أنه قد يؤدي للوفاة لبعض الأجسام ضعيفة المناعة.

المدارس “بؤرة” الانتشار

اللافت في انتشار هذا المرض بالساحل السوري مؤخراً، هو انتقاله إلى المدارس وتسجيل عدد كبير من الحالات داخلها.

ويعزو الناشط الإعلامي في المنطقة أحمد اللاذقاني، السبب في هذا الأمر إلى تلوث المياه وعدم تجديد خزانات المياه الصدئة والإهمال في تنظيفها.

وأكد اللاذقاني في حديث لـ “السورية نت” أن وضع المدارس هذا العام كارثي في المحافظة، في ظل انقطاع المياه بشكل متكرر والإهمال الكبير في النظافة وعدم تجديد مديريات التربية للمدارس وإعادة صيانتها وتأهيلها.

حنين، طالبة مدرسية في الصف الثالث الابتدائي بمدينة جبلة، كانت إحدى المصابين بالمرض، يقول والدها إنها بقيت ملازمة الفراش لأكثر من أسبوعين، متحدثاً عن معاناته في إجراء التحاليل كل أسبوع مرة لمدة شهرين، من أجل التأكد من حالتها الصحية.

وأضاف لـ “السورية نت”: “رغم أننا نمتلك أغزر الينابيع في سورية وأنقاها، وهو نبع السن، فإن المياه تصل إلينا ضحلة ومليئة بالرمال والعوالق، حتى بتنا نضع أقمشة على الصنابير علها تحمينا من الأمراض”.

وتابع أنه “من ينجو من الكبد الوبائي سيصاب باليرقان، هذا حال معظم الناس هنا والأرقام المعلنة أقل بكثير من الواقع، لأن معظم الناس تكتفي بالحماية أو الذهاب لأطباء في القطاع الخاص”.

أسباب التلوث

حول أسباب تلوث المياه في الساحل السوري الغني بالمياه الطبيعية العذبة، يقول الناشط الإعلامي في مدينة جبلة أبو يوسف جبلاوي، نقلاً عن مصدر عامل في مؤسسة المياه بالمدينة، إن السبب الرئيسي يعود إلى حفريات الصرف الصحي، التي أدت إلى تلوث المياه.

إلى جانب قدم شبكات المياه في المنطقة وعدم تأهيلها منذ سنوات طويلة، ما يؤدي إلى تسرب المياه غير النظيفة إليها.

وأضاف أن سوء التخلص من مياه الصرف الصحي وانقطاع المياه لأيام طويلة من شبكات المياه، كما يحصل حالياً، يؤدي لتجمع المياه والأوساخ في هذه الشبكات.

وخلال الصيف الفائت، تفاقمت أزمة المياه بشكل كبير في الساحل السوري مع انقطاعها عن بعض المناطق لأيام طويلة، واتباع التقنين داخل المدن وسط تبادل الاتهامات بين مؤسستي المياه والكهرباء بأنهما سبب المشكلة.

ما هو الحل؟

مع تفاقم انتشار الأمراض المرتبطة بالتلوث، كالكوليرا والتهاب الكبد الوبائي، يرى الطبيب مؤيد الخول أن الحل الأول مرتبط بتحرك وزارة الصحة، ومراقبة مصادر المياه واجراء تحاليل دورية لها، وحصر الإصابات ضمن المناطق التي تقع بها.

كما أكد على دور مجالس البلديات في تجفيف بؤر المياه الراكدة والمستنقعات، والتخلص من النفايات بطرق سليمة وإبعادها عن مصادر المياه.

ودعا الطبيب في الوقت ذاته الأسر إلى الانتباه لمياه الشرب، ومحاولة الابتعاد قدر الإمكان عن الشرب من مياه الصنابير الضحلة، وإفراغ الخزانات في حال وجود الكثير من الشوائب، وتعقيم مياه الشرب من خلال غليها أو شراء المياه الصحية ما أمكن ذلك.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا