اللجنة الدستورية “صفر نتائج”.. سيناريوهات مفتوحة بيد “الدول الراعية”

اختتمت اللجنة الدستورية السورية جولتها الخامسة أمس الجمعة بنتائج “مخيبة للآمال”، حسب وصف المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، وهو ما توقعه سوريون من أكاديميون وسياسيون في الأيام المقبلة، مستندين بذلك على محاولات التعطيل المستمرة من جانب وفد نظام الأسد.

وفي مؤتمره الصحفي الذي عقده بعد ختام الجولة قال بيدرسون: “مع الأسف لم نحققها، لأنه ليس هناك فهم واضح بشأن كيفية التقدم في أعمال اللجنة”.

وأضاف المبعوث: “استمر العمل كما في الجولات السابقة، والنهج لم يكن مجدياً، ولا يمكننا العمل دون تغيير طريقة العمل”.

وأشار بيدرسون إلى نيته زيارة سورية ليجري نقاشات مع نظام الأسد، في سبيل تنفيذ المسارات السياسية الأخرى المتعلقة بالملف السوري، بينها قرار مجلس الأمن “2254”، ملمحاً بشكل غير مباشر خلال مؤتمره إلى محاولات التعطيل من جانب وفد النظام السوري.

ومع الإعلان عن فشل اللجنة في تحقيق أي من مهامها بعد ختام الجولة الخامسة لا تلوح في الأفق أي بوادر حل لهذا المسار، سواء من حيث استكماله أو إيجاد أرضيات وجداول أعمال أخرى مختلفة عن الجداول التي تم طرحها في الجولات الماضية، والتي استمرت لأكثر من عام.

سيناريوهات مفتوحة

إلى جانب بيدرسون تحدث هادي البحرة الرئيس المشترك للجنة عن وفد المعارضة في مؤتمره الجمعة عن محاولات التعطيل التي اتبعها وفد النظام السوري، مستعرضا جملة من المبادئ الدستورية التي طرحها في الأيام الخمسة الماضية، والتي لم تلق أي تجاوب.

كما أكد على أن “إطالة أمد اللجنة لأسباب واهية أمر لا يمكن القبول به”، مطالباً بوضع جدول زمني محدد لإنجاز اللجنة لمهمتها بشكل كامل، وقال: “إن المماطلة في عمل اللجنة لإنجاز مهامها يؤدي إلى إطالة أمد معاناة أهلنا في سورية”.

ولاقت مخرجات الجولة الخامسة ردود فعل موحدّة من جانب أكاديميين وسياسيين سوريين، وأشاروا إلى أن مسار اللجنة الدستورية ومنذ بدئه كان من الواضح أنه لن يخرج بأي نتائج.

الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات، رضوان زيادة اعتبر عبر حسابه في “تويتر” أن “الرد الأفضل على إفشال الأسد للجنة الدستورية على مدى عام هو أن يحل الائتلاف الوطني كل الأجسام الغربية التي تشكلت من أجل المفاوضات مع الأسد وسمحت بإدخال منصات إقليمية لا تملك قرارها”.

وأضاف زيادة المقيم في واشنطن: “يجب حل هيئة المفاوضات واللجنة الدستورية ويعود الائتلاف كجسم وحيد ممثل للمعارضة بعد إعادة تشكيله”.

من جانبه أشار مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، مازن درويش إلى أن إقدام النظام السوري على تعطيل أعمال اللجنة لم يكن مفاجئاً لأحد.

وتساءل درويش المقيم في باريس عبر “تويتر”: “ماذا أعدت الأمم المتحدة ومجموعة الدول الراعية والداعمة والمهتمة والمنخرطة والصديقة والشقيقة.. لمواجهة هذا التعطيل؟”.

انتقاد لعمل الأمم المتحدة

رغم أن فشل اللجنة في جولتها الخامسة كان أمراً متوقعاً داخل الأوساط السورية، إلا أن اللافت أمس كان حديث بيدرسون، وتلميحه إلى صعوبة إكمال هذا المسار، في حال لم تتغير طريقة العمل أو حتى جدول الأعمال الذي يتفق عليه كل من رئيسي الوفدين (المعارضة، النظام).

رئيس “الهيئة العليا للمفاوضات السورية”، أنس العبدة انتقد دور الأمم المتحدة في مسار اللجنة الدستورية، وقال عبر “تويتر”: “النظام يتلاعب بكل مسار وقرار واجتماع يهدف إلى بناء سوريا الجديدة وتخليص الشعب السوري من مأساته. أضاع للمرة الخامسة وقت السوريين، والأمم المتحدة مازالت في مرحلة النكران”.

وأضاف العبدة: “من غير المقبول عدم ذكر الأمم المتحدة حقيقة أن النظام هو المُعطّل للمسار السياسي، ومن غير المقبول أن يبقى المجتمع الدولي متّخذاً دور المشاهد السلبي وشاهد الزور”.

من جانبه قال السياسي المعارض، جورج صبرة: “إذا كانت نتائج الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف مخيبة للأمل كما يقول الوسط الأممي غير بيدرسون. فماذا يمكن أن يقال عن نتائج الاجتماعات الأربعة السابقة إذن”.

وعلّق الكاتب والصحفي، غسان المفلح عبر مواقع التواصل الاجتماعي على مخرجات الجولة الخامسة، واعتبر أن “اللجنة الدستورية وموضوعة السلال الأربعة التي تضمنها القرار 2254 هندسة أمريكا لقضية لا تريد حلها داخل الامم المتحدة، أما روسيا وإيران وتركيا يلعبون بما تترك لهم امريكا من مساحة فقط، لأنها تحتاج التشارك معهم”.

النظام غير مهتم

في المقابل ومع إعلان فشل أعمال اللجنة الدستورية من جانب الأمم المتحدة ووفد المعارضة السورية، وبعض أعضاء قائمة المجتمع المدني لم يكترث وفد النظام السوري كثيراً للمخرجات، وهو الأمر الذي اتبعه خلال الأيام الخمسة الماضية.

وحسب ما رصد فريق “السورية.نت” منذ الاثنين فلم تتطرق وسائل الإعلام الرسمية التابعة لنظام الأسد لأي خبر يتعلق باللجنة سوى خبر مقتضب نشرته “سانا“، مساء أمس الجمعة، وهو الأمر الذي يختلف عن طريقة التغطية الإعلامية التي شهدتها الجولات الأربع الماضية.

وسبق وأن قال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في 2019 لوسائل إعلام روسية إن “تركيا والدول الداعمة لها، بما فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها، غير مهتمة بعمل اللجنة الدستورية بصورة بناءة، ومطالبها تهدف إلى إضعاف الدولة السورية وتجزئتها”، وأنه يرفض التفاوض حول قضايا تخص استقرار سوريا وأمنها.

ووصف الأسد محادثات اللجنة في جنيف بأنها “لعبة سياسية”، وأنها ليس ما يركز عليه عموم السوريين، في لقاء آخر مع وكالة “سبوتنيك” الروسية، في أكتوبر 2020.

فالشعب السوري، برأي الأسد، لا يفكر بالدستور، ولا أحد منه يتحدث عنه، واهتمامات الشعب السوري تتعلق بالإصلاحات التي ينبغي تنفيذها، والسياسات التي يحتاج تغييرها لضمان تلبية احتياجات الشعب السوري.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا