“المبادرة العربية” للحل في سورية.. ماذا ورائها؟ وهل تتحقق؟

أثارت “المبادرة العربية” للحل في سورية التي تحدث عنها وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، قبل أيام، اهتمام صحف ووسائل إعلام عربية، إذ تطرقت من خلال مقالات رأي لكتاب فيها للحديث عنها، وماذا ورائها؟ وهل من السهل تحقيقها في الوقت الحالي؟

وكشف الصفدي في حديث لصحيفة “ذا ناشونال” أن الأردن يحشد لمبادرة عربية لحل الأزمة السورية، وأن بلاده “تدعو إلى دور عربي جماعي لإنهائها، بالتنسيق مع أصدقائنا وشركائنا”.

وتحدث الصفدي أن “المبادرة” قد تكون بقيادة عربية تشمل السعودية ودولاً أخرى، وستستند إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لوضع خارطة طريق لتسوية تفاوضية، إضافةً إلى تصاريح مراقبة وتسليم المساعدات الإنسانية إلى سورية.

وأشار الوزير الأردني إلى أن “الأردن قلق للغاية من الوضع على حدوده مع سورية”، قائلاً: “نحن بحاجة إلى الاستقرار في الجنوب، وخطر تهريب المخدرات يشكل تهديداً كبيراً لنا”.

وأضاف أنه “على العرب اتباع نهج تدريجي وقيادة حل للصراع السوري، وأن نتولى دورنا في الجهود المبذولة لإنهاء الكارثة السورية”، مشيراً إلى “العواقب المدمرة” للأزمة السورية.

هل من السهل تحقيقها؟

وتأتي الخطوة الأردنية في وقت يعيش فيه الملف السوري حالة من الجمود السياسي والعسكري، وفي ظل توجه أنظار العالم إلى تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، والتغيرات التي طرأت، منذ شهر فبراير الماضي على الإقليم والعالم أجمع.

صحيفة “العرب” اللندنية نقلت عن رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، خالد شنيكات قوله إن “نجاح الجهود الأردنية يرتبط بمدى رضا الأطراف المشتركة في العملية السياسية في سورية، إضافة إلى الدول الإقليمية والدول الكبرى الفاعلة”.

ويرى شنيكات أن العملية التي تحدّث عنها الصفدي “ليست بهذه السهولة أو البساطة”، فهي تحتاج إلى ضغط دولي كبير ورضا إقليمي وداخل سورية نفسها، من أجل “احتمالية” تحقيق ذلك، وحتى الآن لا تزال العملية مجرد أفكار وطروحات ولن يكون تحقيقها سهلاً، حسب تعبيره.

ويشير مراقبون إلى أن فرص الحل تبدو ضئيلة في ظل الظروف الحالية على الأرض، حيث تمكنت إيران من بناء إمبراطورية اقتصادية في سورية، وخاصة في الجنوب قائمة على صناعة وتهريب المخدرات.

وقد وجدت إيران في الأردن والسعودية ودول الخليج سوقاً رائجة لهذه التجارة، وبالتالي فلن تغامر بالقبول بحل سياسي من الممكن أن يؤثر على تواجدها ومصالحها المختلفة في سورية، وعلى رأسها تجارة المخدرات التي من المتوقع أن يبلغ مردودها نحو 10 مليارات دولار خلال العام 2023، وفق تقرير صحيفة “العرب”.

ونقلت عن محللين آخرين أن “الأردن لم يعد يستطيع التعامل مع الوضع في سورية كما كان في السابق، وخاصة بعد التغير في خارطة المشهد على الحدود بينهما، حيث لم يكن قبل مدة آخذاً بالحسبان ما ستؤول إليه الأمور كما هي عليه الآن، خاصة مع تغول الميليشيات الإيرانية وغياب أي دور روسي رادع على أقل تقدير”.

هل تبطل مفعول المخدرات؟

في غضون ذلك تساءلت الكاتبة والصحفية السورية، سميرة المسالمة في مقال رأي لها على صحيفة “العربي الجديد” بالقول: “هل تبطل المبادرة العربية مفعول المخدّرات السورية؟”.

وترى المسالمة أن غياب الدور الروسي أو تغييبه، والذعر الذي يسببه واقع حال سورية وغياب “الدولة” والفوضى السياسية والأمنية، وعلى الحدود مع جيرانها، دفع إلى تعويم الحديث عن مبادرات عربية لإنضاج حل للقضية السورية.

واعتبرت أن ما يحصل هو “مبادرةٌ لكفّ أذى بلطجة النظام السوري عن الحدود مع جيرانه مقابل عودته إلى سجل الاجتماعات العربية”.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو عن الضمانات التي يمكن أن يحصل عليها الأردن بوصفه راعياً للمبادرة من النظام السوري.

وتقول المسالمة: “ما هي عوامل القوة التي تمتلكها المبادرة العربية لإلزام النظام بالذهاب إلى تسوية، مع وجود تجربة قريبة من تركيا، وردود النظام المتعنّت تجاه أي حلٍ لا يعيد له هيمنته الأمنية والتنفيذية على كامل مساحة الأراضي السورية”.

وخلصت في ختام مقالتها أن “المعطيات الحالية لا تتيح أو لا تسمح بمبادرة من أي نوع، من الأردن أو من أي طرف آخر، فالأمر لا يتعلق بالنيات، بل يتعلق بموازين القوى، وبطبيعة الصراع بين الأطراف على الأرض السورية”.

ما الهدف منها؟

إلى جانب ما نشرته صحيفة “العرب” والكاتبة سميرة المسالمة في “العربي الجديد” كتب الكاتب عمر كوش مقالة على موقع “تلفزيون سوريا“، أجاب فيه عن سؤال يتعلق بالهدف من وراء “المبادرة الأردنية”.

ويقول كوش إن “فكرة المبادرة تنهض على نوع من المقايضة وفق صيغة خطوة مقابل خطوة، التي لم تثمر شيئاً على الرغم من اعتمادها طرف المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، ولم تنفعه في تسهيل مهمته”.

ومع ذلك اعتبر الصفدي أنها تستند إلى القرار 2254، الذي يطرح تفاصيل عملية التغيير السياسي في سورية، وبقي من دون أن تبذل القوى الدولية جهوداً حقيقية من أجل تطبيقه.

كما تستند، وفق الكاتب إلى القرار 2642 الذي مُدد بموجبه تفويض آلية إيصال المساعدات الإنسانية الأممية عبر الحدود من تركيا إلى سورية لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد لستة أشهر أخرى، ولكن ضمن قرار مستقل يخضع للتصويت من جديد.

وليست المرّة الأولى التي يطرح فيها المسؤولون في الأردن فكرة مبادرة للتسوية السياسية في سورية، إذ سبق أن فتح الأردن معبر نصيب لتنشيط التبادل التجاري مع مناطق النظام، وعقد بعض مسؤوليه لقاءات واتصالات مع نظرائهم في نظام الأسد.

وتتوجت اللقاءات في أكتوبر/ تشرين الأول 2021 بالاتصال الهاتفي بين بشار الأسد وملك الأردن، عبد الله الثاني، الذي سبق أن ذهب إلى واشنطن في 19 تموز/ يوليو 2021، كي يسوّق “مبادرة تطبيع” مع نظام الأسد، اعتبرها شديدة الواقعية، وكانت تنهض على معادلة تزعم بأن الأسد ما يزال في السلطة والنظام باق، وأن الأفضل التطبيع معه، بدلاً من تركه وحده.

وتحدث كوش أن “المشكلة هي أن فكرة المبادرة العربية، التي أعلنها الصفدي، تفترض تشجيع نظام الأسد على التجاوب معها عبر قيامه بخطوات، مقابل التطبيع معه والانفتاح عليه وفق نهج خطوة مقابل خطوة، على الرغم من الفشل الذي اعترى المبادرة الأردنية السابقة، وفشل خطوات تطبيع الإمارات العربية وسواها معه”.

ويضيف أن “هدف المبادرات التي تُطرح ليس التوصل إلى حل سياسي من أجل إنهاء الكارثة السورية، بل تحقيق تسوية تراعي مصالح الدول التي تطرحها، لذلك لا تدخل في حساباتها حجم تضحيات السوريين، ولا هول معاناتهم، ولا طموحاتهم في غد أفضل”.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا