بعد تقارير سحبها.. محطات “S300” في سورية وماذا غيّرت على الأرض؟

كشفت صور أقمار اصطناعية نشرتها شركة استخبارات إسرائيلية عن “تطور لافت” في المسار العسكري الذي فرضته موسكو في سورية، منذ تدخلها في عام 2015، ويبدو حسب مراقبين أنه سيفرض “معادلة جديدة”، ولو بشكل غير آني ومباشر، إن صح ثبوته على أرض الواقع.

وتظهر الصور التي نشرتها شركة “إيمدج سات إنترناشيونال”، اليوم السبت، أن نظام الدفاع الجوي الروسي “إس 300” أعادت شحنه موسكو من سورية إلى أراضيها، في ظل استمرار غزوها لأوكرانيا.

وقد تم تفكيك هذه المنظومة الموجودة في شمال غربي البلاد، خلال الأسابيع الأخيرة، بعد أن كانت موجودة في المنطقة، منذ عام 2018.

ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن نظام الـ”إس 300″ نقل إلى ميناء طرطوس، حيث تم شحنه إلى ميناء نوفوروسيسك على البحر الأسود، ومن المتوقع أن ترسو السفينة التي تحمله في المدينة الساحلية، يوم الجمعة المقبل.

ولم يصدر أي تعليق من جانب موسكو حتى ساعة إعداد هذا التقرير، بشأن المعلومات والصور التي كشفت عنها شركة الاستخبارات الإسرائيلية.

وكذلك الأمر بالنسبة للنظام السوري، والذي كان قد أعلن قبل يومين التصدي لضربات إسرائيلية، استهدفت مواقعاً في المنطقة الساحلية، و”مركز البحوث العلمية” في مصياف بريف حماة الغربي.

متى وصلت الـ”إس 300″؟

وتعتبر منظومة “إس 300” صواريخ دفاع جوي متطورة متوسطة المدى، مخصصة لحماية المواقع والمنشآت من الضربات الجوية.

كما أنها قادرة على تدمير أهداف بالستية، وحالياً تشكل هذه المنظومة السلاح الأساسي للدفاع الجوي الروسي، بجميع نسخها المتطورة.

وتعود قصة “إس 300″ في سورية إلى شهر أكتوبر / تشرين الأول من عام 2016، وفي ذلك الوقت أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها وصلت سورية لـ”حماية قاعدتها العسكرية البحرية في محافظة طرطوس الساحلية غربي البلاد”.

وقد جاءت الخطوة بعدما أعلنت “الدفاع الروسية”، في وقت سابق من عام 2015 نشر منظومة “إس 400” في قاعدة “حميميم” الجوية، وذلك عقب أشهر من إعلان تدخلها العسكري الرسمي في البلاد، لدعم نظام الأسد.

وفي مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أكتوبر 2016 قال إن “منظومتي إس 300 وإس 400 في سورية دفاعيتان بشكل بحت، ولا تهددان أحداً”.

وتبع ذلك إعلان الجانب الأمريكي “وقف التنسيق مع روسيا بشأن سورية”، وقول واشنطن إنها “تدرس جميع الخيارات المتاحة للتسوية في البلاد، بما فيها الخيارات غير الدبلوماسية”.

“تسليم النظام السوري”

ومنذ عام 2015 وحتى 2018 بقي نطاق عمل هاتين المنظومتين ضمن إطار حماية القواعد الروسية في سورية، سواء “حميميم” بريف اللاذقية أو الأخرى الموجودة في طرطوس، وذلك ما أكده المسؤولون الروس في تصريحات متفرقة، حينها.

لكن وبعد هذه الفترة حدث “تطور” في مسار الـ”إس 300″ لتعلن روسيا، في الثالث من أكتوبر / تشرين الأول من عام 2018 تسليمها لقوات النظام السوري.

وأبلغ وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الرئيس فلاديمير بوتين، في ذلك الوقت، بأن روسيا سلمت 4 منصات لإطلاق الصواريخ “إلى دمشق”.

وجاء ذلك بعد أن أسقط “الدفاع الجوي السوري” بطريق الخطأ طائرة استطلاع روسية، وهو ما تسبب في مقتل 15 عسكرياً روسياً، في أثناء غارة جوية إسرائيلية على محافظة اللاذقية.

وبينما نفت إسرائيل مسؤوليتها عن الأمر، اعترضت على تسليم المنظومة الدفاعية الروسية إلى النظام السوري، وقالت إن تقديمها إلى “لاعبين غير مسؤولين” من شأنه أن يجعل المنطقة المضطربة أكثر خطورة.

من جانبه علق مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، آنذاك، على قرار تسليم منظومة (إس 300) إلى النظام السوري، بأنه سيؤدي إلى “تصعيد كبير”، فيما حث موسكو على إعادة النظر.

وكانت روسيا قد علقت تسليم منظومة الدفاع الجوي المتطورة إلى النظام السوري في عام 2013، “بناء على طلب من إسرائيل”.

لكن هذا الموقف تغير بعد إسقاط طائرتها العسكرية، في سبتمبر 2018، ليقول وزير الدفاع الروسي، شويغو: “لقد تغير الوضع. وهذا ليس خطأنا”.

كيف أُسقطت الطائرة الروسية؟

سقطت الطائرة الروسية “إيل -20” على بعد 35 كيلومتراً من السواحل السورية، بينما كانت في طريقها للعودة إلى قاعدة حميميم الجوية قرب مدينة اللاذقية.

وقالت وكالات الأنباء الروسية في ذلك الوقت إن الطائرة “اختفت أثناء هجوم شنته أربع طائرات إف -16 إسرائيلية على منشآت سورية”.

وفي وقت لاحق، قالت وزارة الدفاع الروسية إن الطائرات الإسرائيلية استخدمت الطائرة الروسية كغطاء للهروب من صواريخ “الدفاع الجوي السورية”.

وحمّلت موسكو إسرائيل مسؤولية إسقاط الطائرة، وقالت إنها وضعت الطائرات الروسية في مسار أنظمة “الدفاع الجوي السورية”.

وقال الكرملين إن بوتين أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر الهاتف أن قرار تعزيز الدفاعات الجوية السورية “يهدف في الأساس إلى إحباط أي تهديد محتمل لحياة أفراد الجيش الروسي”.

في المقبل حذر نتنياهو بوتين، حينها، من أن “توفير أنظمة أسلحة متطورة إلى جهات غير مسؤولة سيزيد من المخاطر في المنطقة”. وقال أيضاً إن إسرائيل “مصممة على وقف التعزيزات العسكرية الإيرانية في سورية ومحاولات إيران، التي تدعو إلى تدمير إسرائيل، نقل أسلحة قاتلة إلى حزب الله [لاستخدامها] ضد إسرائيل”.

كما أعرب نتنياهو عن ثقته في “مصداقية” تقرير الجيش الإسرائيلي عن الظروف المحيطة بإسقاط طائرة الاستطلاع الروسية، بينما أصر الجيش الإسرائيلي على أن طائراته عادت إلى المجال الجوي الإسرائيلي في الوقت الذي أصيبت فيه (إيل -20)، وقال إن المسؤولية عن الحادث تقع على “عاتق الجيش السوري”.

“خارج المشهد”

على الرغم استلام “الجيش السوري” لمنظومة الدفاع الجوي “إس 300″، إلا أنها لم تكن كفيلة بصد الضربات الإسرائيلية المتكررة، والتي ما تزال مستمرة إلى يومنا هذا.

وذلك ما أثار جدلاً بشأن الأسباب التي تقف وراء عدم اعتراض صواريخ الـ”إس 300″ للصواريخ الإسرائيلية، والتي كانت تضرب في مختلف الجهات، من جنوبي البلاد إلى شمالها.

في عام 2019 نشرت وكالة “سبوتنيك” الروسية تقريراً تطرقت فيه إلى حالة الجدل المذكورة، مستعرضة عدة أسباب.

ومن بين تلك الأسباب أن على ما يبدو أن “القوات السورية أملت في أن منظومات بانتسير —إس وبوك ستكون كافية لصد الهجوم الإسرائيلي”.

وأسباب أخرى في أن “لقوات السورية ليست على أهبة كاملة لاستخدام هذه المنظومة التي تعد جديدة بالنسبة للجيش السوري. أي أن الأخصائيين لم يتلقوا تدريباً كاملاً بعد ولا يملكون المهارات الكافية لاستخدام المنظومة وتدمير أهداف العدو”.

وحصل النظام السوري على عدد محدود من منظومة “إس-300” للدفاع الجوي، وتم نشرها بنقاط معينة لحماية المجالات الجوية السورية لنقاط معينة.

وحسب تقرير الوكالة: “خلال الهجوم على هذه المنطقة بالتحديد، كان من الأكثر فاعلية استخدام منظومات أخرى لصد الهجوم”.

وأضافت: “هناك أسباب أخرى تتعلق بأن صواريخ إس-300 أكثر تكلفة ومتوفرة بكميات محدودة، ويجب استلامها من روسيا. ولهذا من المرجح أن الحكومة السورية تدخرها للحالات الحرجة أو الطارئة”.

“تفعيل لأول مرة”

في غضون ذلك وبينما بقيت الكثير من الأسئلة دون إجابة عن عدم تصدي الـ”إس 300″ للصواريخ الإسرائيلية التي تستهدف المواقع في سورية، كشف الجيش الإسرائيلي، في يوليو عام 2022 أن روسيا فعّلت “لأول مرة في سورية” منظومة الدفاع عقب غارة جوية إسرائيلية.

وأوضح وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس في 27 من يوليو أن “تفعيل المنظومة الصاروخية الروسية تم قبل أشهر عقب الهجوم الإسرائيلي داخل سورية”، مشيراً إلى أن “الطائرات الحربية الإسرائيلية لم تكن في الأجواء عند تفعيل المنظومة الروسية”.

وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف قد دعا قبل ذلك إسرائيل إلى الكف عن الغارات الجوية التي تشنها منذ سنوات على أهداف إيرانية داخل الأراضي السورية، وذلك بعدما قصفت المقاتلات الإسرائيلية موقعاً عسكرياً إيرانياً بالقرب من القاعدة البحرية الروسية في ساحل طرطوس.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا