تحديات “كورونا” والعام الدراسي بإدلب..أفق مجهول ينتظر العملية التعليمية

شغل العام الدراسي المقبل وآلية التعليم المحتملة حيزاً كبيراً من تفكير العائلات في مناطق شمال غربي سورية، بعد وصول فيروس “كورونا” إليها، وسط تساؤلات من الأهالي حول إمكانية عودة الطلاب إلى مدارسهم في ظل انتشار الفيروس، وما يرافقه من إجراءات احترازية.

ومع اقتراب دخول العام الدراسي 2020- 2021 موعده المعتاد، في 15 سبتمبر/ أيلول القادم، ارتفعت الإصابات بفيروس “كورونا” في الشمال السوري إلى 50 إصابة، شفي منها 33، حسب أرقام “مديرية صحة إدلب”، ما يعني أن احتمال العودة للتعليم “وجهاً لوجه” يرتبط بمدى إمكانية السيطرة على الفيروس.

مديرية تربية إدلب أوضحت لموقع “السورية نت” تفاصيل جديدة حول إمكانية العودة للمدارس، مشيرة إلى أن الأمر لا يزال قيد الدراسة والمشاورات، حيث يرتبط قرار العودة بخطة الحكومة لمكافحة الفيروس ومدى إمكانية اتباع الإجراءات الوقائية للسيطرة عليه.

رئيس دائرة الثانوي في مديرية تربية إدلب، إسماعيل عبد القادر، قال في حديث لـ “السورية نت”، اليوم الخميس، إن المديرية تقوم بالتحضيرات اللازمة لافتتاح المدارس والعودة إليها بشكل طبيعي في حال تمت السيطرة على انتشار “كورونا” في المنطقة، مشيراً في الوقت ذاته إلى الاستمرار بنظام التعليم عن بعد، إذا واصل الفيروس انتشاره.

“التعليم عن بعد”.. تجربة أضعفتها الإمكانيات

يرى رئيس دائرة الثانوي في مديرية تربية إدلب، إسماعيل عبد القادر، أن العمل وفق نظام التعليم عن بعد هو تجربة جديدة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، متحدثاً عن صعوبات عدة واجهت الطلاب والمعلمين، منذ تطبيق ذلك النظام خلال الفصل الثاني من العام الدراسي الماضي، وخلال فترة الدراسة الصيفية، التي رافقها تعليق الدوام في المدارس بسبب مخاوف من انتشار “كورونا”.

وتمثلت آلية التعليم عن بعد في إدلب عبر تشكيل المعلمين مجموعات “واتس آب” بمشاركة أهالي الطلاب، خاصة للمرحلة الابتدائية، ويتم من خلال تلك المجموعات شرح الدروس وحفظها وحل الوظائف.

وبحسب عبد القادر واجه التعليم عن بعد صعوبات عدة متمثلة بالظروف الاستثنائية التي تعاني منها مناطق شمال غربي سورية، وعلى رأسها حالة عدم الاستقرار وحركات النزوح الكبيرة التي تشهدها المنطقة، إلى جانب عدم توفر وسائل التكنولوجيا اللازمة بين يدي الأهالي، من هواتف ذكية وشبكات انترنت.

وتابع: “عانينا من موضوع الهواتف الذكية بشكل كبير، حيث اشتكى الأهالي من مسألة وجود هاتف واحد لدى العائلة فقط، وأكثر من طالب، ما أدى إلى الضغط عليهم وتخلف بعضهم عن المتابعة”.

ومع ذلك اعتبر عبد القادر أن تجاوب الأهالي في المدن والأماكن التي تشهد استقراراً نسبياً في إدلب كان “ممتازاً”، متحدثاً عن تقييم جيد من قبل المعلمين لنظام التعليم عن بعد في تلك المناطق.

حملات مستمرة للتعقيم

و تحدث رئيس دائرة الثانوي في مديرية تربية إدلب، عن حملات للتوعية والتعقيم قامت بها المديرية عقب توقف العملية التعليمية في إدلب، منذ شهر مارس/ آذار الماضي، شملت تعقيم المدارس والمراكز التعليمية بشكل كامل، رغم أن الفيروس لم يكن حينها منتشراً في المنطقة.

وأضاف أنه خلال العملية الامتحانية التي جرت مؤخراً لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية، تم اتباع إجراءات خاصة ومن بينها حملات تعقيم وتوعية، وتوزيع الكمامات والقفزات على الطلاب والمدرسين، وتحقيق شرط التباعد المكاني بين المشاركين.

وبحسب عبد القادر، سيتم اتباع الإجراءات ذاتها في حال العودة للمدارس خلال العام الدراسي المقبل، إلى جانب اتخاذ خطوات أخرى يتم دراستها حالياً.

ومن المقرر البت رسمياً بمسألة العودة إلى المدارس شمال غربي سورية، نهاية شهر أغسطس/ آب الجاري، حسب الظروف التي يفرضها انتشار فيروس “كورونا” في المنطقة.

تجربة سابقة في المخيمات

حاله كحال جميع القطاعات الخدمية، تأثر قطاع التعليم في سورية وفي معظم دول العالم، بانتشار فيروس “كورونا” وتبعاته، حيث توقفت العملية التعليمية بالكامل في بعض الدول، فيما لجأت دول أخرى إلى آلية “التعليم عن بُعد”.

وفي مخيمات الشمال السوري، توقفت حركة التعليم المباشر بشكل كُلّي، في مارس/ آذار الماضي، عقب انتشار الفيروس في تركيا القريبة من مخيمات النزوح، ما أدى إلى خلق بعض المبادرات الإنسانية التي توجهت إلى التعليم عن طريق الهواتف الذكية.

براء صمودي، مدير منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية” قال في حديث سابق لـ “السورية نت” إن تلك الطريقة للتعليم “ليست مُستدامة ومضمونة بالكامل”، مشيراً إلى أن شبكة الانترنت، اللازمة للتعليم عن بُعد، ليست متوفرة في جميع المخيمات، كما أن بعض الأهالي لا يملكون الأجهزة الذكية التي تُرسل عبرها الدروس المصوّرة من قبل الأساتذة، لافتاً إلى أن بعض المنظمات التعليمية لا تملك التمويل اللازم لإجراء تلك العملية.

وكذلك أكد عضو المكتب الإعلامي في منظمة “الدفاع المدني السوري”، فراس خليفة، في حديث سابق لـ “السورية نت” وجود مبادرات للتعليم عن بُعد في مخيمات الشمال، موضحاً أن بعض المدرسين يرسلون لأهالي الطلاب مقاطع مصورة للدروس، عن طريق برنامج “واتس آب”، ثم يقوم الأهالي بإرسال الواجبات التي كتبها الطلاب للمدرسين مجدداً.

ويواجه التعليم أساساً مصاعب كبيرة في الشمال السوري الخارج عن سيطرة النظام، خاصة في المخيمات، نتيجة ضعف التمويل المُقدّم للمنظمات الإنسانية العاملة في الشمال، خلال العامين الماضيين.

وتشير الأرقام الصادرة عن “وحدة تنسيق الدعم” إلى وجود أكثر من 1,712,468 طفلاً في سنّ المدرسة في شمال غرب سورية، منهم 34% (582,239 طفلاً)  خارج المدرسة، وذلك حسب دراسة صادرة عن الوحدة في مارس/ آذار الماضي.

وتبین خلال الدراسة أن نسب التسرب ضمن المخیمات دائماً تکون أعلى من التسرب ضمن المدن والبلدات، وذلك یشمل کافة المراحل التعلیمیة ویشمل کلا الجنسین.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا