تحركات تركيا بعد مقتل جنودها بإدلب..هل يَدفع النظام “ثمن” فعلته؟

بدا واضحاً، أن هجمات نظام الأسد، التي أدت الإثنين، لمقتل ستة عسكريين ومدنيين في الجيش التركي، قد استفزت أنقرة، والتي تحركت، ورفعت نبرةَ تهديداتها، على لسان كبار المسؤولين فيها، وعلى رأسهم، الرئيس رجب طيب أردوغان، ووزيري دفاعه وخارجيته.

وكانت قوات الأسد قد قصفت، صباح اليوم، مواقع للجيش التركي قرب مدينة سراقب شرقي إدلب، ما أدى إلى مقتل 6 عناصر، بينهم موظفين مدنيين، فيما أصيب تسعة آخرين، أجلتهم المروحيات بعد ساعات من الحادثة.

وكأولى التحركات من جانب أنقرة، أعلنت وزارة الدفاع التركية أن وزير الدفاع، خلوصي آكار وعدد من قيادات القوى الجوية التركية توجهوا إلى الحدود الجنوبية مع سورية، من أجل اتخاذ التدابير، الخاصة بعمليات الرد على حاثة الاستهداف.

ومن داخل مقر العمليات التركية على الحدود، قال آكار، بحسب وكالة “الأناضول”، إن القوات التركية قصفت 54 هدفاً في منطقة إدلب لنظام الأسد، و”حيّدت” 76 جندياً من قوات الأخير.

وأضاف آكار أن الجيش التركي اتخذ “كل أشكال الإجراءات” في إدلب، مشيراً إلى أن أنقرة أخطرت موسكو بذلك.

ولم تعترف وكالة أنباء نظام الأسد (سانا) بمقتل العناصر الذين أعلنت تركيا “تحييدهم”، واقتصر حديثها في خبر مقتضب نشرته على موقعها الرسمي، صباح اليوم، بقولها إن الجنود الأتراك قتلوا في أثناء عمليات تقدم لقوات الأسد في محيط مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي.

من أوكرانيا.. أردوغان يعلّق

إلى جانب آكار وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان معلقاً على مقتل الجنود الأتراك في إدلب، إن بلاده ستجعل نظام الأسد “يدفع ثمن فعلته”.

وأكد أردوغان قائلاً: “نرد على ذلك بكل حزم، سواء من البر أو الجو، بحيث يدفعون ثمن فعلتهم”، موضحاً قوات الأسد نفذت هجماتها الجوية على إدلب صباح اليوم، ما أسفر عن مقتل 8 بينهم 3 مدنيين و5 جنود.

واعتبر الرئيس التركي أن التطورات في إدلب “وصلت إلى وضع لا يطاق”، لافتاً إلى أنهم صبروا في هذا الصدد كثيراً.

وجاءت حادثة مقتل الجنود الأتراك، بقصف لقوات الأسد في إدلب، بعد تطورات متسارعة فرضها الجيش التركي في الخاصرة الشرقية للمحافظة، إذ أدخل في اليومين الماضيين تعزيزات عسكرية ضخمة إلى محيط مدينة سراقب “الاستراتيجية”، والتي تمثل عقدة الطرق الدولية دمشق- حلب وحلب- اللاذقية.

وتمركزت القوات التركية في أربع نقاط مراقبة، أحكمت محيط سراقب من جميع الجهات، لكنها وبحسب الواقع الميداني على الأرض، لم تفلح في كبح تقدم قوات الأسد البري على الأرض، على حساب فصائل المعارضة، أو إيقاف تصعيد القصف الصاروخي أو من جانب الطائرات الحربية الروسية والمروحية التابعة لنظام الأسد.

الدوريات تتوقف في الشرق

كرد فعل على مقتل الجنود الأتراك، ومن ضمن التحركات التي أقدمت عليها أنقرة، اليوم، ألغى الجيش التركي دورية مشتركة مع الجيش الروسي في ريف حلب.

وبحسب ما ذكرت صحيفة “يني شفق” التركية ، فإن أنقرة ألغت دورية مخطط لها مع الشرطة العسكرية الروسية في منطقة عين العرب، فيما لم تعلن وزارة الدفاع التركية عبر موقعها الرسمي إلغاء الدورية المشتركة مع روسيا في سورية.

وتندرج الدوريات في شرق سورية بين تركيا وروسيا ضمن اتفاق “سوتشي”، الذي أعلن عنه الرئيسان رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين مؤخراً، في تشرين الأول 2019، وهو نسخة ثانية من اتفاق سابق خصّ محافظة إدلب، في أيلول 2018، وقضى بفتح الطرقات الدولية دمشق- حلب وحلب- اللاذقية، إلى جانب انسحاب فصائل المعارضة من منطقة منزوعة السلاح، ونزع السلاح الثقيل منها.

وتتذرع موسكو ونظام الأسد بإخلال تطبيق بنود اتفاق سوتشي الخاص بإدلب من قبل تركيا، والتي أعلنت، منذ أيام أن الاتفاق بات “ميتاً” وإلى جانبه اتفاق “أستانة”، لكن أردوغان عاد اليوم وأعرب عن أمله في أن يعي الجميع التزاماته في إطار اتفاقيتي “أستانة” و”سوتشي”، وأن يواصلوا العمل في هذا الإطار.

زحف متسارع على الأرض

بالتزامن مع التطورات المتسارعة المذكورة سابقاً، أحرزت قوات الأسد تقدماً مفاجئاً على حساب فصائل المعارضة في محافظة إدلب، وتمكنت من الوصول إلى الأوتوستراد الدولي حلب- اللاذقية (m4).

وبوصول قوات الأسد إلى طريق “m4” تكون قد قطعت طريق الإمداد بين مدينتي أريحا وسراقب، والتي طوقها الجيش التركي، في اليومين الماضيين، من جهاتها الأربعة.

وبحسب خريطة السيطرة الميدانية غدت قوات الأسد على مسافة 1 كيلومتر فقط من سراقب، انطلاقاً من مواقعها في بلدة ترنبة، وعلى بعد 8 كيلومترات فقط عن إدلب وأريحا، انطلاقاً من مواقعها في بلدة النيرب.

ويأتي تقدم قوات الأسد، وسط غارات جوية مكثفة من الطيران الحربي الروسي، والذي وسّع من رقعة استهدافاته، اليوم، من جنوب شرق إدلب، وصولاً إلى جنوب وغربي حلب.

الانتقام من المدنيين

وصول قوات الأسد إلى مسافة 8 كيلومترات فقط من مدينة إدلب شكّل عامل تخوف كبير على مصير قرابة مليون نازح يقطنون في المدينة.

وبحسب ما رصدت “السورية.نت” عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدأت بعض العائلات من مدينة إدلب بالنزوح إلى الحدود السورية- التركية، والتي تعتبر أمنة نسبياً، عن المناطق الموجودة في الجنوب والشرق الإدلبي.

وإلى جانب مدينة إدلب يسود التخوف أيضاً على مصير المدنيين في كل من مناطق بنش وسرمين والقرى الواقعة في محيطهما.

وفي مؤتمره في أوكرانيا كان أردوغان قد أشار إلى أن بلاده “لا يمكنها استيعاب مليون لاجئ آخر، ولذلك تعمل على توفير مأوى لهم في الجانب السوري ومساعدتهم في أماكن تواجدهم”، بحسب ما نقلت وكالة “الأناضول”.

وقال الرئيس التركي إن “العمل جار على قدم وساق بسرعة لإنجاز مساكن من الطوب تترواح مساحتها بين 25-30 مترا، لإيواء النازحين”، موضحاً أن تركيا ترمي لبناء مابين 25-30 ألف مسكن في المرحلة الأولى.

وفي تصريحات أردوغان إشارة إلى أن الوضع في محافظة إدلب من الناحية العسكرية لن يكون مستقراً على الفترة القريبة المقبلة، ويمكن ترجمتها باستمرار العملية العسكرية من جانب قوات الأسد، المدعومة من روسيا والميليشيات الإيرانية.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا