تحقيق عن زلزال سورية.. لماذا تأخر وصول مساعدات الأمم المتحدة؟

قال خبراء قانونيون إن تأخير الأمم المتحدة في تقديم المساعدات المنقذة للحياة للضحايا السوريين في الزلزال المدمر الشهر الماضي “لم يكن ضرورياً”، وأن الأخيرة “كان بإمكانها تطبيق تفسير أوسع للقانون الدولي”.

ونشرت شبكة “bbc” البريطانية تحقيقاً استقصائياً، اليوم الجمعة، تطرقت فيه إلى هذه القضية، بالحديث مع مسؤولين أممين، وخبراء في القانون الدولي الإنساني، بعدما أثارت قضية التأخير الكثير من الانتقادات، واعتبرها عمال إغاثة سوريون “دليل تخاذل كبير”.

وفي شهر فبراير/شباط الكاضي استغرق الأمر أسبوعاً قبل أن تحصل الأمم المتحدة على موافقة رأس النظام السوري، لفتح معابر حدودية إضافية للسماح بالوصول إلى الشمال الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة.

وقالت الأمم المتحدة نفسها إنه من الضروري محاولة إنقاذ ضحايا الزلزال في غضون 72 ساعة، بينما تشكك في النتائج التي توصلت إليها هيئة الإذاعة البريطانية، والتي تفيد بأنه كان من الممكن أن تتصرف بشكل مختلف.

وقالت سارة كيالي، محامية حقوق الإنسان الدولية: “ما يهم من حيث الاستجابة للزلزال هو الوقت وسرعة الاستجابة. وقد وقفت الأمم المتحدة هناك مشلولة تماما”.

ووفق البيانات الأممية أسفرت كارثة الزلزال عن مقتل أكثر من 4500 شخص، وأصيب أكثر من 8700 آخرين في شمال غرب سورية.

كما تسبب الزلزال الذي وقع في 6 فبراير / شباط بقوة 7.8 درجة وما تلاه من زلازل وتوابع، في مقتل ما لا يقل عن 45968 شخصاً في تركيا، وفقاً للمسؤولين هناك، ونحو 6000 في سوريا ككل.

وكان أندرو غيلمور مسؤولاً كبيراً في الأمم المتحدة عندما تم التفاوض على القرار الأول بشأن إيصال المساعدات إلى الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة السورية، في عام 2014.

ووفق رأيه فإن “المساعدة عبر الحدود مسموح بها قانوناً”، ويقول: “إذا حاول أحد محامي الأمم المتحدة تفسير الأمر على أنه يعني أنك بطريقة ما لا تستطيع توفير مسحوق الحليب لطفل جائع، فإنه يقوم بعمل مهزلة فاحشة وغير مشروعة للقانون الدولي”.

وتحدثت “بي بي سي” إلى أكثر من عشرة خبراء في المجموع، بما في ذلك المحامين البارزين والأساتذة والقضاة المتقاعدين في محكمة العدل الدولية والمسؤولين القانونيين السابقين بالأمم المتحدة.

وأوضح الجميع أنه كان من الممكن منع الوفيات، إذا استخدمت الأمم المتحدة تفسيراً مختلفاً للقانون الدولي للسماح لها بالاستجابة في شمال غرب سورية.

من جانبه قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك: “لتقديم المساعدات الإنسانية عبر حدود دولية، نحتاج إما إلى موافقة الحكومة، أو في حالة وجود قرار ملزم من مجلس الأمن في سورية… يمكننا الحصول على مناقشات أكاديمية لأسابيع وشهور وسنوات حول القانون الدولي. وموقفنا هو أن القانون الدولي لم يؤخر عملنا”.

بالإضافة إلى تقديم المساعدات نفسها، تلعب الأمم المتحدة أيضاً دوراً حيوياً في تنسيق جهود الإغاثة الدولية التي تقدمها الدول الأخرى بعد وقوع كارثة طبيعية.

وهي ترتب عمليات البحث والإنقاذ من خلال برنامج الأمم المتحدة لتقييم الكوارث والتنسيق (Undac)، إذ يمكن لفرق هذه الجهة الانتشار في أي مكان في العالم في غضون 12 إلى 48 ساعة من الطلب، وهو ما حدث في تركيا.

لكن الأمم المتحدة لم تقدم أي طلب رسمي لفرق الطوارئ الطبية لدخول شمال غرب سورية.

وقال خبراء إنسانيون دوليون يعملون على الاستجابة إنه “بدون هذه المكالمة من الأمم المتحدة لم يكن هناك طريقة واضحة لنشر فرق الطوارئ”.

من جهته أضاف ستيفان دوجاريك أن عدم وجود فرق الطوارئ يعود إلى “اتخاذ القرارات الحكومية الوطنية”، معتبراً أن “هناك مخاوف أمنية. هناك كل أنواع المخاوف السياسية”، التي ربما تكون قد أثرت في ذلك.

لكن ماركو ساسولي، المستشار الخاص للمدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، قال إن اتفاقيات جنيف – أساس القانون الإنساني الدولي – توفر إطاراً للأمم المتحدة لتقديم المساعدات دون الحاجة إلى إذن سورية (في إشارة للنظام).

وأضاف للشبكة البريطانية أن “اتفاقيات جنيف، وسورية طرف فيها، تنص على أن هيئة إنسانية غير متحيزة قد تعرض خدماتها لجميع أطراف النزاع”.

“إقرار بالفشل”

وبعد أسبوع من الزلزال، قام مارتن غريفيث، رئيس الإغاثة الطارئة بالأمم المتحدة، بزيارة معبر باب الهوى الحدودي.

وكتب على “تويتر” أن الأمم المتحدة “خذلت حتى الآن شعب شمال غرب سورية”.

وأضاف: “إنهم يشعرون بأنهم محقون في التخلي عنهم. يبحثون عن مساعدة دولية لم تأت بعد”.

وجاء ذلك بعدما أطلق “الدفاع المدني السوري” عريضة على الإنترنت ودعا إلى التوقيع عليها، لمطالبة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بضمان استخدام جميع المعابر إلى شمال غربي سورية وتقديم المساعدات والمعدات.

وجاء فيها، إذ حملت عنوان: “ماذا تنتظر الأمم المتحدة لمساعدة شمال غرب سورية”: “في المنطقة هناك يعمل الخوذ البيضاء (الدفاع المدني) على مدار الساعة لسحب كل ناجٍ من تحت أنقاض المباني المنهارة، لكنهم يخبروننا أن حجم الكارثة يتطلب استجابة دولية فورية لتوفير الآلات الثقيلة والخبرة الفنية”.

وكان أكثر من 4 ملايين مدني في شمال غرب سورية يواجهون بالفعل أزمة إنسانية خطيرة حتى قبل الزلزال.

وفي السنوات الأخيرة، استخدمت روسيا حق النقض مراراً وتكراراً في مجلس الأمن الدولي لتقليص عدد المعابر الحدودية المصرح لها بتسليم مساعدات الأمم المتحدة إلى سورية من أربعة في عام 2014 إلى معبر واحد فقط في عام 2020.

لكن العديد من الخبراء القانونيين، القضاة السابقون في المحكمة الدولية من العدل والمحكمة الجنائية الدولية ومنظمات مثل هيومن رايتس ووتش يتفقون جميعاً على أن موافقة مجلس الأمن ليست مطلوبة لإجراء عمليات إغاثة عبر الحدود إلى سورية، وهو ما أكدوا عليها في دراسة قانونية سابقة نشرت في الأيام الأولى من الكارثة.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا