تصعيد لبناني “رسمي” لإعادة اللاجئين السوريين..ما أبعاده ولماذا الآن؟

تصاعدت خلال الأيام الماضية، حدّة تصريحات المسؤولين اللبنانيين تجاه قضية اللاجئين السوريين، بعد نشر وزير المهجرين، عصام شرف الدين، تفاصيل “خطة” تعمل حكومته على تطبيقها.

وتحدث المسؤول اللبناني بحسب ما نقلت قناة “ان بي إن”، الثلاثاء 4 يوليو/ تموز 2022، عن “خطة” تقوم أولاً على “إعادة 15 ألف نازح شهرياً”.

وأشار إلى اقتراحات تقدمت بها خكومته إلى المدير الإقليمي لمفوضية اللاجئين للأمم المتحدة، إياكي ايتو، الذي وعد “بمراجعة مرجعيته على أن يعود بالإجابة عنها خطياً”. وفق كلام الوزير.

كما نوه إلى “خطة أخرى لتشكيل لجنة ثلاثية مع الدولة السورية ومفوضية شؤون اللاجئين، ورباعية مع كل من تركيا والعراق والأردن لتحقيق هذه العودة”.

وجاء حديث شرف الدين، بعد لقائه الرئيس اللبناني ميشال عون، وإطلاعه على مضمون الاجتماع الذي عقده مع المدير الإقليمي لمفوضية اللاجئين للأمم المتحدة، حول خطة الحكومة اللبنانية ببدء إعادة سوريين على مراحل.

وسبق كلام الوزير اللبناني، تهديد آخر أطلقه رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، في 20  يونيو/ حزيران الماضي، وقال فيه إن بلاده ستعمل على إخراج اللاجئين السوريين بـ”الطرق القانونية”، في حال “لم يتعاون” المجتمع الدولي معها في ذلك.

وطالب رئيس الوزراء اللبناني المجتمع الدولي، بالتعاون مع بلاده لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، أو “سيكون للبنان موقفاً ليس مستحباً على دول الغرب”.

وأوضح أن “الموقف الذي سيتخذه لبنان هو العمل على إخراج السوريين من لبنان بالطرق القانونية، من خلال تطبيق القوانين اللبنانية بحزم”، دون مزيد من التفاصيل.

وتأتي هذه التهديدات، قبل أشهر من انتهاء ولاية الرئيس اللبناني ميشيل عون (في 31 اكتوبر/ تشرين الأول 2022)، الذي يقود تياره حملة المطالبة بإعادة السوريين إلى بلادهم، إضافة لأطراف سياسية عديدة.

تساؤلات

طرحت التهديدات الرسمية اللبنانية، مجموعة من التساؤلات حول مدى جديتها، وهل هي لأغراض سياسية داخلية كانت أم خارجية؟ ناهيك عن مدى قانونيتها، وإن كانت القوانين في هذا المجال تسمح بذلك؟ 

المحامي اللبناني طارق شندب، رأى بأن التهديدات، هدفها اقتصادي مرتبط بـ”استجداء” الأموال والدعم من الخارج، مشدداً على أنها تتزامن في الوقت ذاته، مع استمرار السلطات في “سياسة التحريض العنصرية” ضد السوريين المقيمين في لبنان.

وقال شندب لـ”السورية نت”، إن “الحكومة اللبنانية إذا كانت صادقة في رغبتها حل قضية اللاجئين، فإنه يتوجب عليها إخراج ميليشيا حزب الله من الأراضي التي أحتلها في سورية”، منوهاً إلى أن عدداً كبيراً من السوريين في لبنان، هجّروا من مدن ومناطق “احتلها حزب الله”. وضرب على ذلك مثالاً بالقصير ومضايا.

وحول إن كان القانون يسمح بترحيل السوريين، أكد المحامي المهتم بقضايا اللاجئين السوريين في لبنان، عدم وجود قانون يسمح بذلك “بل أن الترحيل مخالف للقانون الدولي، وللاتفاقيات الموقعة من جانب الدولة اللبنانية”.

ونوه في سياق متصل، إلى وجود “مخالفات قانونية كبيرة” في لبنان ضد السوريين، بينها “توقيف عدد كبير ووضعهم في السجون دون محاسبة لأنهم دعموا الثورة السورية، أو لأنهم لا يؤيدون نظام الأسد”. مشيراً إلى إحالة بعض المعتقلين بهذه “التهمة” إلى القضاء العسكري “رغم أن القانون اللبناني لا يحاسب على ذلك، وليست أصلاً من اختصاصه”.

وفيما يتعلق بالجانب القانوني أيضاَ، شدد شندب على أن الحكومة اللبنانية لديها “موجبات” فرضها القانون والدستورر، أهمها “حماية اللاجىء وعدم تسليمه للمجرمين، وكذلك معاقبة اللبنانيين الذين ارتكبوا جرائم بحق السوريين في سورية، وأعني ميليشيا الحزب التي يجب محاكمة عناصرها وقياداتها أمام القضاء اللبناني على جرائمهم في سورية”.

ويذكر أن رأي شندب، يشاركه فيه العديد من الناشطين والصحفيين اللبنانيين، ممن يرون أن قتال “حزب الله” إلى جانب نظام الأسد، وتهجيرهم سكان مدن وبلدات سورية كان له دوره في “أزمة اللاجئين” التي تشتكي منها الحكومة اللبنانية.

تحذير “حقوقي”

وتُحذر منظمات حقوقية دولية من إجبار اللاجئين السوريين في دول الجوار، على العودة إلى بلدهم، وسط تأكيدات بأن سورية “ليست آمنة” ولا تتوفر فيها الظروف المناسبة للعودة.

منظمة “هيومن رايتس واتش” دخلت على خط التحذير من خطورة “الخطة” اللبنانية، وعدم مشروعيتها، مؤكدة أنها “غير آمنة وغير قانونية”.

وحذرت لما فقيه مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة “هيومن رايتس واتش”، اليوم الخميس، من أن خطوة إعادة اللاجئين، ستشكل انتهاكاً واضحاً لالتزامات لبنان الدولية.

وشددت فقيه، على أن أي “إعادة قسرية” إلى سورية، هي انتهاك لبناني “للالتزامات بعدم ممارسة الإعادة القسرية، أي إجبار الأشخاص على العودة إلى بلدان يواجهون فيها خطراً واضحاً بالتعرض للتعذيب، أو باقي أنواع الاضطهاد”.

وأضافت في هذا الإطار، أن لبنان بصفته من الموقعين على “اتفاقية مناهضة التعذيب”، فإنه “مُلزم بعدم إعادة أو تسليم أي شخص معرض لخطر التعذيب”.

“شماعة”.. و”ابتزاز” مالي

الكاتبة السورية عالية منصور، ترى أن السياسيين اللبنانين “يتحملون جزءاً كبيراً من مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في لبنان”، وهم “بارعون في تحميل الغير، مسؤولية فشلهم وتقصيرهم”، حسب وصفها.

وأضافت في حديث لـ”السورية.نت”، بأنه “درجت العادة في السنوات الأخيرة، أن يكون اللاجئ السوري شماعة يعلقون عليها أسباب فشلهم وتقصيرهم، فكلما انحشروا داخلياً أو خارجياً، كان اللاجئ السوري حاضراً لتحميله المسوولية”.

وترى الكاتب السورية المقيمة في لبنان، أن “الرئيس ميقاتي الذي يهدد بإعادة اللاجئين السوريين، هو نفسه يتحمل جزءاً كبيراً من فشل الدولة اللبنانية بالتعاطي مع هذا الملف”. منوهة إلى أن ميقاتي كان رئيس حكومة في عام 2011 و”فشل بتنظيم الملف وإدارته”.

وفيما يتعلق بتهديدات رئيس الحكومة المكلف، تقول منصور، إنها “موجه أولاً للجهات المانحة كنوع من الابتزاز، إما ادفعوا أو سنعيدهم، متجاهلين ما قد يترتب على ذلك من أعباء قانونية”، منوهة إلى أن إعادة اللاجئين دون ارادتهم اليوم، هو أمر مخالف للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية التي وقع عليها لبنان.

وحول قضية إعادة اللاجئين السوريين المطروحة على لسان المسؤولين اللبنانيين، تذكّر منصور بما سبق من “فشل مبادرة روسية لإعادة اللاجئين وفشلت، ومبادرة المدير العام للأمن العام اللواء ابراهيم، والتي فشلت أيضاً”. 

وتصف الكاتبة مبادرات المسؤولين اللبنانيين فيما يتعلق باللاجئين السوريين، بأنها “ارتجالية، لا تطرح حلولاً عملية وواقعية لمشكلة اللجوء، والتي يجب أن تضمن أولاً وقبل أي شيءٍ، أمن وسلامة اللاجىء”.

وفي رد على التساؤل، حول أسباب صمت خصوم نظام الأسد من السياسيين اللبنانيين اتجاه هذه التهديدات، قالت إن “الأمر متعلق بتخوف هذا البعض، ولأسباب طائفية من خسارةٍ بحاضنته الشعبية، إن هو عارض هذه التهديدات”.

تهديدات.. يعقبها مساعدات

وأعلنت الأمم المتحدة، عن تقديم حزمة جديدة من المساعدات المالية للحكومة اللبنانية، تعقيباً على تهديدات صادرة عن رئيس الحكومة في بيروت، نجيب ميقاتي، بإعادة السوريين إلى بلدهم في حال لم يقدّم المجتمع الدولي المساعدات.

وقالت الأمم المتحدة في بيان  صادر عنها في 21  يونيو/ حزيران الماضي، إنها أطلقت خطة بقيمة 3.2 مليون دولار، تهدف لتقديم المساعدة “الحاسمة” لأكثر من 3 ملايين شخص مستضعف في لبنان، بينهم لاجئون سوريون وفلسطينيون، والمجتمعات اللبنانية التي تستضيفهم.

وأضافت أن الخطة تستهدف دعم البنية التحتية العامة والخدمات والاقتصاد المحلي، لتلبية احتياجات هذه الفئات “المستضعفة”، مشيرة إلى أنها أعلنت عن نداء بقيمة 3.2 مليار دولار للتصدي للآثار المستمرة المترتبة عن الحرب في سورية، خاصة بالنسبة للبنان.

وتتضمن الإحصائيات الأممية، وجود قرابة 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان، مسجلين لدى مفوضية اللاجئين، وسط “أعباء” تشتكي منها الحكومة اللبنانية منذ سنوات، فيما تعيش 9 من كل 10 أسر سورية في لبنان في “فقر مدقع”.

وبحسب بيان الأمم المتحدة، فإن المنظمة قدمت 9 مليارات دولار من المساعدات للبنان منذ عام 2015، في إطار خطة استجابة للأزمة “لكن أزمات لبنان المتلاحقة أغرقت شرائح واسعة من اللبنانيين في فقر مدقع، وتفاقم معه الاستياء العام من استمرار وجود اللاجئين السوريين”.

ويعاني لبنان منذ أكثر من عامين من أوضاع اقتصادية ومعيشية وتهاوي مؤشرات الاقتصاد في البلاد، فيما يشتكي كثير من اللبنانيين، من عجز الحكومة عن توفير مقومات الحياة الأساسية، من كهرباء ووقود ورعاية طبية، فضلاً عن ارتفاع مستويات البطالة والرغبة في الهجرة.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا