جرائم الحرب الروسية

صدم العالم من صور الضحايا الممددة وبعضها مقطوع الرأس في قرية بوتشا في أوكرانيا، ففي 3 من أبريل، نشر أوليكسي أريستوفيتش، مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قائمة بالوحدات الروسية العسكرية والحرس الوطني على حد سواء، التي قال إنها تم نشرها في بوتشا وبلدتين أخريين في منطقة كييف، إيربين وهوستوميل ومن بين أولئك الذين سمّاهم أفواج الهجوم الجوي 104 و234 من فرقة الهجوم 76 من المحمولة جواً.

يقع مقر الفرقة في مدينة بسكوف شمال غربي روسيا، وهي مشهورة في التاريخ العسكري السوفييتي والروسي، من حيث البراعة والوحشية في ساحة المعركة. خلال الحرب الشيشانية الثانية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، اتُهم مظليون من الفرقة 76 المحمولة جواً بقتل المدنيين الشيشان دون تمييز. كان المنشور على مواقع التواصل الاجتماعي حول مقتل باير، قائد وحدة المدفعية، أحد الأدلة التي تشير إلى وجود المظليين في بوتشا.

في وقت ما من يوم 26 من مارس، ظهر مقطع فيديو على ما يبدو من قبل وكالة المخابرات العسكرية الأوكرانية على الإنترنت، يظهر جنديًا أسيرًا تم تحديد وحدته على أنها الفرقة 76 المحمولة جوا. تمت إزالة الفيديو لاحقًا بواسطة YouTube ولكن نُشرت نسخة منه على قناة Telegram الخاصة بالصحفي الأوكراني.

في مقطع الفيديو، يصف الجندي، الذي يُدعى تيموفي بوبوف، كيف تلقت وحدته أوامر في 24 من فبراير/ شباط بالتوجه إلى أوكرانيا وتم نشرها “لتنظيف هوستوميل أو بوتشا”. وفقًا لبوبوف، فقد صدرت له تعليمات باقتحام الشقق في المباني السكنية ونقل الأشخاص الذين كانوا بالداخل إلى الطابق السفلي. ولم يشر إلى ما حدث لهم بعد ذلك.

كانت هناك تقارير صحفية من بوتشا من شهود قالوا إن أبواب شقتهم تم فتحها وأخذ الأقارب من قبل الجنود الروس. كما تم تصوير جثث في الأقبية.

بشكل متزايد، أصبح اسم القرية “بوتشا” أيضًا مرادفًا عالميًا للفظائع التي ارتكبتها القوات الروسية خلال الأسابيع الستة الأولى من هجومها على أوكرانيا.

بعد أيام من انسحاب القوات الروسية من بوتشا، يكافح العمال لإزالة جثث العشرات، وربما عشرات المدنيين من شوارع المدينة، ومن المقابر الجماعية المحفورة على عجل، ومن أقبية المباني، ودفنهم بشكل لائق. يظهر على عدد غير معروف من الجثث المدنية علامات الإعدام من الخلف، وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم. أصيب بعضهم بطلقات نارية في رؤوسهم.

هذه بعض من صور الجرائم التي ارتكبتها روسيا خلال فترة الحرب القصيرة في أوكرانيا والتي ما زالت مستمرة إلى يومنا الحالي، وهي صور ومشاهد تذكرنا بالفظائع والمجازر التي ارتكبتها القوات الروسية مع قوات نظام الأسد في سوريا في حلب والغوطة الشرقية، إنها تحمل نفس العلامات والمشاهد

لقد كشف تقرير منظمة العفو الدولية حجم جرائم التعذيب المرتكبة في سوريا، وخاصة في سجن صيدنايا الذي كان يعتبر من “أفضل” السجون في سوريا مقارنة مع ما جرى ويجري يوميا في تدمر أو سجون المخابرات السورية المنتشرة في كل المدن السورية، الفظائع التي ذكرها التقرير بعنوان “المسلخ البشري” يصعب على أي إنسان اليوم تخيلها في العصر الحديث، إنها تنتمي إلى ما كنا نسمعه أو قرأناه في دول أخرى من مثل كمبوديا تحت الخمير الحمر أو روندا تحت حكم الهوتو المتطرف؛ لكن لابد من الإشارة هنا إلى أن هذا النوع من الممارسة المنهجية والواسعة النطاق في سوريا لم تتم اليوم فقط إنها ممارسة استمرت على مدى نصف قرن، لكن مع بداية الثورة السلمية أخذ العقاب الجماعي أوجهه في السجون والمعتقلات السورية، إنه نوع من معاقبة شعب بأكمله على ثورته ضد نظام الاستبداد والقهر والظلم.

واليوم تنشر منظمة العفو الدولية تقريرها عن جرائم الحرب الروسية في بوتشا الأوكرانية، حيث يضيف التقرير أن الجرائم في بوتشا تظهر نمطاً أوسع من جرائم الحرب بما في ذلك الإعدام خارج نطاق القضاء والتعذيب في مناطق محتلة أخرى من أوكرانيا.

“حتى الآن، جمعت منظمة العفو الدولية أدلة على مقتل مدنيين في أوكرانيا في هجمات عشوائية في خاركيف وسومي أوبلاست، ووثقت غارة جوية قتلت مدنيين كانوا يصطفون في طوابير للحصول على الطعام في تشيرنيهيف، وجمعت أدلة من المدنيين الذين يعيشون تحت الحصار في خاركيف وإيزيوم وماريوبول”. وتضيف “يعتبر عدوان روسيا على أوكرانيا جريمة بموجب القانون الإنساني”.

لكن، السؤال هو ذاته كيف يمكن محاسبة روسيا على جرائمها وكيف يمكن تجاوز هذا الاستعصاء القانوني في عدم محاكمة روسيا ونظام الأسد على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها بحق الشعب السوري والأوكراني يوميا؟ ولما كانت محكمة الجنايات الدولية تبدو بعيدة المنال بسبب عدم توقيع سوريا وروسيا على اتفاق روما الأساسي المنشأ للمحكمة ورفض روسيا واستخدامها حق النقض الفيتو في منع إحالة هذه الجرائم إلى محكمة الجنايات الدولية بقرار من مجلس الأمن، هنا يجب أن نبدأ التفكير في آليات دولية أخرى وجديدة لإنهاء دورة العنف وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب التي كانت عقيدة نظام الأسد وبوتين.

المصدر تلفزيون سوريا


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا