جولة بايدن الشرق أوسطية

وصل بايدن إلى إسرائيل في أول زيارة له كرئيس لمنطقة الشرق الأوسط، بعدها غادر القدس في طيارة مباشرة إلى السعودية العربية في إشارة إلى دعم إدارة بايدن المطلق لما يطلق عليه اتفاقيات إبراهيم، وهي اتفاقيات التطبيع التي جرت في عهد الرئيس ترامب بين بعض دول الخليج الإمارات والبحرين والمغرب والسودان وإسرائيل، متناسية كلية حقوق الشعب الفلسطيني على أرضه وضاربة بعرض الحائط المسلمة البسيطة وهي إذا كانت إسرائيل مهتمة حقا بالسلام فعليها أن تبدأ مع جيرانها الفلسطينيين لكنها على العكس تصر على بناء المزيد من المستوطنات وقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية في القدس والضفة الغربية.

صرح بايدن متفاخرا في مؤتمره الصحفي أنه قابل كل رؤساء الوزراء الإسرائيليين من غولدا مائير وحتى يائير لابيد بصفته سناتورا في مجلس الشيوخ الأميركي منذ عام 1973، لقد لعب بايدن دورا فعالا في بناء هذه العلاقة على مدى خمسة عقود وكان صهيونيا أكثر من الصهاينة أنفسهم كما وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي.

لقد اختار بايدن إسرائيل كمحطة أولى في جولته في إشارة إلى طريقته في التعامل مع الشرق الأوسط في سياسته الخارجية، حيث يلعب التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل دورا محوريا في هذه السياسة بينما كل الصراعات في المنطقة والحروب وقضايا اللاجئين وعودة الحكومات العسكرية إلى بعض هذه البلدان كلها لا تشكل اهتماما أو تستحق من الرئيس بايدن إشارة لا في مؤتمراته الصحفية ولا في خطاباته، أما تركيزه الرئيسي في جدة فسيكون الاجتماع مع قادة دول الخليج العربي من أجل زيادة المعروض من النفط في الأسواق العالمية مما يخفض سعر النفط في الولايات المتحدة وخاصة سعر غالون البنزين في المحطات الأميركية الذي وصل إلى 5 دولارات وهبط بشعبية الرئيس بايدن إلى القعر، إذ من المؤكد أن حزبه الديمقراطي سيخسر الأغلبية في نوفمبر القادم وسيسيطر الجمهوريون على مجلس النواب كما تشير كل استطلاعات الرأي كما من المحتمل أن يحصلوا على الأغلبية في مجلس الشيوخ أيضا.

بذلك تكون إدارة بايدن عادت إلى المسلمات الرئيسية في الشرق الأوسط وهي ضمان استمرار تدفق النفط بأسعار رخيصة وضمان أمن إسرائيل وإبقاء الوضع القائم راهنا كما هو عليه كوصفة لضمان الاستقرار ولو كان استقرارا كاذبا من مثل دعم حكومات عسكرية ارتكبت الكثير من المجازر بحق شعوبها من مثل السيسي في مصر وغيره.

عاد بايدن إلى جذور السياسة الأميركية في الشرق الأوسط بعد أن تعرضت لهزة كبرى بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ووضع الدمقرطة على الأجندة خاصة بعد ثورات الربيع العربي، لكن وعلى ما يبدو دوما أميركا تكون صديقة الاستقرار عندما نأتي إلى منطقة الشرق الأوسط. وهو ما يجب أن يدفع هذه الإدارة إلى التفكير على المدى الطويل فعلى مدى عقود من دعمها للدكتاتوريات في الشرق الأوسط انفجرت هذه المجتمعات في ثورات الربيع العربي كي تكتب تاريخا جديدا قائما على حرية الإنسان في اختيار حكومته وحقه في التعبير عن رأيه بحريه، لكن أميركا وجدت الكلفة العالية لهذه الطموحات في المنطقة فقررت تناسيها تماما والتركيز على مصالحها القريبة الأجل في النفط وضمان أمن إسرائيل عبر فرض التطبيع كشرط رئيسي لبناء العلاقة معها.

كانت وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس قد أشارت في خطاب لها أن الولايات المتحدة دعمت الحكومات الدكتاتورية على مدى ستة عقود لكنها أخطأت في ذلك، لكن يبدو أن إدارة بايدن لها موقف مختلف اليوم عبر الاستمرار في تأكيد ثوابت السياسة الأميركية ذاتها بعدما كنا أن نعتقد أن أميركا أدركت خطأها وبدأت بتصحيح مسارها، لكن الدورة الانتخابية الأميركية تفرض على الرئيس بايدن العودة من جديدة إلى الثوابت الثلاث التي تجعل السياسة الأميركية في الشرق الأوسط أكثر استقرارا لمصالحها.

المصدر تلفزيون.سوريا


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا