حسام لوقا.. “عصا استخباراتية” لتطويع الداخل والتنسيق مع الخارج

قبل شهرين برز اسم مدير إدارة المخابرات العامة في سورية، اللواء حسام لوقا كإحدى الشخصيات الأمنية الفاعلة في ملف الجنوب السوري، وبالأخص محافظة درعا، التي شهدت حصاراً عسكرياً وعمليات قصف انتهت باتفاق “تسوية” رعته موسكو.

حضر لوقا معظم جلسات التفاوض مع أعضاء اللجنة المركزية الممثلة عن الأهالي في درعا آنذاك، وانتشرت صورٌ له في أثناء الاجتماعات، وأيضاً خلال إشرافه على عمليات خروج الرافضين لـ”التسوية” من أحياء درعا البلد، باتجاه الشمال السوري.

وخلال السنوات الماضية لم يكن الضابط المخابراتي في نظام الأسد كثير الظهور، بل على العكس غابت ملامح وجهه وحتى كامل شخصيته عن وسائل الإعلام، واقتصر ذكره ضمن نشرات العقوبات الدولية الأخيرة، التي صدرت ضده من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.

لكن وبعد عشر سنوات من الثورة السورية وما رافقها من حرب شنها النظام السوري ضد مناهضيه في مختلف البقع الجغرافية يبدو أن هناك شيئاً قد تغير، فحسام لوقا وفق ما رصد فريق “السورية.نت” بات حاضراً في مشهد الداخل بعمليات إشراف أمنية من جهة، وفي المقابل ضمن إجراءات تنسيق مع الأجهزة الأمنية في الخارج.

وبينما انتهت الأحداث العسكرية في محافظة درعا جنوبي البلاد قبل أسابيع غاب مدير إدارة المخابرات العامة لفترة قصيرة من الزمن ليطل مجدداً من البوابة المصرية، من خلال حضوره لـ”المنتدى العربي الاستخباراتي”، الذي أقيم في العاصمة القاهرة.

ونشرت وسائل إعلام مصرية في اليومين الماضيين صوراً للشخصيات الأمنية التي حضرت المنتدى، وكان لافتاً من بينها حسام لوقا، الأمر الذي أثار حديث صحفيين وناشطين سوريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وعلى الرغم من أن اجتماع “المنتدى الاستخباراتي” ليس الأول من نوعه بل يأتي ضمن تراتبية متواترة، إلا أن حضور لوقا فيه أثار التكهنات عن مدى ارتباط ذلك بما يشهده الجو الإقليمي العام اتجاه سورية، والمعنون بـ”قطار التطبيع العربي مع الأسد”.

“عصا استخباراتية”

لم تختلف الصور كثيراً بين حضور لوقا في درعا من جهة وخلال مشاركته في المنتدى بالعاصمة المصرية القاهرة من جهة أخرى، فالشخصية المدمنة على “السجائر” فرضت الحالة نفسها في كلا المشهدين، مع اختلاف اللباس الذي بدت فيه.

في سورية قلما ظهر لوقا بلباس عسكري أو أمني، وهو ما وثقته الصور التي خرجت من محافظة درعا، حيث بدا وكأنه كأي شخصية عادية من عموم المواطنين.

أما في “المنتدى الاستخباراتي” بمصر فقد التقطت إحدى الكاميرات صوراً له بلباسٍ رسمي، في أثناء اجتماعه مع رئيس المخابرات السعودية، الفريق خالد الحميدان، في لقاء ثنائي على هامش الاجتماعات العامة.

ويرأس لوقا المخابرات العامة في سورية، منذ عام 2019، وينحدر من بلدة خناصر في ريف حلب الجنوبي.

وكان قد لعب دوراً بارزاً في السيطرة على حي الوعر بمدينة حمص في عام 2017، وذلك بموجب اتفاق رعته روسيا، قضى حينها بخروج جزء كبير من المدنيين والمقاتلين إلى الشمال السوري.

وفي سبتمبر عام 2020 كانت الولايات المتحدة الأميركية قد أدرجت اللواء لوقا على قائمة عقوباتها، إلى جانب ميلاد جديد قائد “القوات الخاصة”، وحازم يونس قرفول “حاكم مصرف سوريا المركزي” السابق.

وقبل ذلك بسنوات أدرج اسم لوقا على قائمة عقوبات دول الاتحاد الأوروبي، “بسبب مشاركته في تعذيب المتظاهرين والسكان المدنيين”.

“القاعدة انكسرت”

قبل عام 2011 أي مع انطلاقة الثورة السورية حافظ نظام الأسد على صورة وتفاصيل وهوية شخصياته الأمنية، في قاعدة انكسرت تباعاً مع اندلاع المواجهات والعمليات العسكرية على أكثر من جبهة.

وبعد تلك الفترة تتالت أسماء الشخصيات الأمنية من جهة والعسكرية من جهة أخرى على الساحة الإعلامية، سواء بإعلان مقتلهم على الجبهات على يد فصائل المعارضة، أو ضمن القرارات التي بدأ الأسد بإصدارها بين الفترة والأخرى، مجرياً فيها تنقلات لرؤساء الأفرع الأمنية ولقادة القطع العسكرية والفيالق.

وكان للوقا نصيبٌ من بين تلك التنقلات، والذي تسلم عدة مناصب بينها رئيساً لشعبة “الأمن السياسي”، ورئيس فرع الأمني السياسي في محافظة حمص، وصولاً لتسلمه “إدارة المخابرات العامة”، خلفاً للواء ديب زيتون.

واللافت في مسيرة لوقا الأمنية أن نشاطه وتواجده لم يكن مقتصراً على محافظة سورية دون غيرها، بل تعدى ذلك ليشمل كافة المحافظات، من حمص إلى حلب وصولاً إلى درعا، واليوم في دير الزور، بحسب ما ذكرت شبكات محلية.

وقالت شبكة “دير الزور 24” المحلية السبت إن لوقا وصل إلى المحافظة في الساعات الماضية برفقة قيادات من اللجنة الأمنية وفرع الحزب وشخصيات عشائرية.

وأضافت الشبكة المحلية: “تأتي هذه المجريات في ظل احتدام الصراع على النفوذ وفرض السيطرة على مراكز الثروة في دير الزور بين الطرفين الروسي والإيراني، وما يشاع من عزم الجانب الأمريكي تسليم مناطق ضمن نفوذه لأطراف النزاع الأخرى”.

ما هو “المنتدى الاستخباراتي”؟

في غضون ذلك وبخصوص “المنتدى العربي الاستخباراتي” الذي عقدته مصر في الأيام الماضية، فلا توجد أهداف واضحة له، بينما تقول وسائل إعلام مصرية، بينها “اليوم السابع” إنه يعتبر “علامة فريدة جديدة في تاريخ مصر”.

وفي تقرير سابق للموقع المصري أضاف: “ما نفعله الآن من إنشاء مقر للمنتدى العربي الاستخباراتي هو مسار يساير المشروعات القومية الكبرى، ويعادل قفزات مصر الملحوظة في كافة الملفات”.

وذكرت الرئاسة المصرية، في بيان، أن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي “وجه كلمة عبر الفيديو كونفرانس لرؤساء أجهزة المنتدى العربي الاستخباري، في إطار أعمال الاجتماع الاستثنائي للمنتدى”.

وقال السيسي إن المنتدى هو “محفل فريد من نوعه في المنطقة يعزز التعاون العربي المشترك في المجالات الأمنية والمعلوماتية”.

وأوضح أن ذلك “تجسد من خلال المبادرات التي أطلقها أعضاء المنتدى خلال الفترة الماضية للعمل الأمني المشترك، وتبادل التقييمات في إطار من الشفافية الكاملة حول مصادر التهديدات المحيطة بالمنطقة العربية”، دون تفاصيل.

وفي الأول من فبراير/ شباط 2021، شارك السيسي وكامل ورؤساء أجهزة مخابرات عربية أخرى، في افتتاح مقر المنتدى العربي الاستخباري بالقاهرة، وعُقد الاجتماع الأول لرؤساء المنتدى في النصف الثاني من الشهر ذاته.

ومن قضايا المنتدى: التهديدات للأمن القومي العربي، وأبرزها “مخططات التفكيك والتقسيم على أسس عرقية وطائفية، وإضعاف الدولة الوطنية، وتزايد التدخلات الخارجية في أزمات المنطقة، بالإضافة إلى سبل مكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة”.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا