دبلوماسيون ومؤسسات إنسانية: حياة ملايين السوريين مهددة بـ”قطع شريان الحياة”

حذر دبلوماسيون غربيون ومنظمات إنسانية، من وقف تدفق المساعدات الإنسانية عبر الحدود لسورية، مطالبين عدم تسييس هذا الملف، وذلك خلال اجتماع نظمته “هيئة التفاوص السورية” بالتعاون مع “وحدة المجالس المحلية”، اليوم الثلاثاء، في جنيف.

وحضر الاجتماع في مقر “هيئة التفاوض” بالمدينة السويسرية، دبلوماسيون من بعثات الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا وألمانيا وكندا والاتحاد الأوروبي وقطر، إضافة إلى منظمات سورية وإقليمية تُقدم الدعم الإنساني لملايين السكان في شمالي سورية.

ويعقد هذا الاجتماع مع اقتراب نهاية فترة القرار الدولي، بإدخال المساعدات عبر الحدود إلى مناطق شمال غربي سورية، من معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية.

الاتحاد الأوروبي: لا يمكن استبدال المساعدات عبر الحدود

وقال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في سورية، دان ستوينيسكو، إنه يجب على الجميع أن يفهم أن التجديد ضروري لمصير 6.2 مليون سوري يعتمدون على الدعم الإنساني والعمليات المنقذة للحياة.

وأكد على أن “المساعدات عبر خطوط التماس يمكن استكمالها لكن لا يمكن استبدالها بالمساعدات عبر الحدود، هذا أمر يجب أن يكون واضحاً ومفهوماً من قبل كل اللاعبين في المجال الدولي”.

وأشار إلى أن الدعم الإنساني يجب أن لا يكون مشروطاً أو أداةً من قبل اللاعبين السياسيين كروسيا، قائلاً إن “الاتحاد الأوروبي” يؤمن بأن هناك حاجة إنسانية أكبر بكثير من السابق في سورية.

ورغم  أن روسيا من خلال تواجدها في أوكرانيا “جذبت اهتمامنا إليها، لكن ذلك لم يؤثر على اهتمامنا بالدعم الإنساني لسورية ولو للحظة واحدة “، حسب تعبيره.

وأشار إلى أن العمليات العابرة للخطوط غير كافية وليست على قدر التحدي، و”نحتاج إلى الحفاظ على آلية إدخال المساعدات عبر الحدود، وستة أشهر ليست كافية بسبب الأسباب اللوجستية والأسباب التعاقدية”.

تمديد قرار المساعدات يجب أن يكون مفتوحاً

وخلال كلمته، تسائل غسان هيتو، الرئيس التنفيذي لـ”منظمة إحسان للإغاثة والتنمية”، أحد برامج المنتدى السوري “كيف يمكن أن نثق بنظام الأسد الذي يغرق بالفساد هو ومؤسساته الأمنية وبسرقة الدعم الإنساني، ونجعلهم يدخلون المساعدات عبر خطوط التماس، وقد أثبتوا مسبقاً عبر جرائمهم ضد السوريين، بأن حياة الإنسان ليس لها قيمة بالنسبة لهم”.
وفيما لم يخفِ إحباط مؤسسات الإغاثة من “استمرار ابتزاز روسيا. 6 ملايين سوري رهائن لديها”. فقد نوه إلى أنه في حال كان هناك تجديد للقرار الدولي حول المساعدات الإنسانية اللازمة لحياة ملايين السوريين “يجب أن لا يكون لسنة واحدة، إنما يجب أن يكون مفتوحاً”، وإن كانت روسيا استخدمت الفيتو لعرقلة هذا الأمر، فيجب بذل جهود مشتركة لإبعاد التسييس عن هذا المسار من خلال مسارات قانونية أخرى.
وأضاف أن “إحسان للإغاثة والتنمية”، التي تنشط في مختلف قطاعات الصحة والتعليم وسبل الحياة وتأمين المياه والغذاء، قدمت “4 مليون خدمة السنة الماضية، ومنظمات أخرى قدمت ليس أقل من إحسان”، مؤكداً أن “المنظمات السورية مُستعدة وعلى قدر التحدي، ولكن فشل تمديد القرار سيؤدي لعجز”.
وقال:”نحن نلتقي مرة أخرة من أجل مناقشة هذه الاستراتيجيات التي ستحسن شروط العيش بشكل كبير، ولسوء الحظ ما زالت هذه النقاشات(حول تمديد القرار) لا يمكن أن تَحدث، بسبب أننا لسنا متأكدين إن كان هناك تجديد للمساعدات العابرة للحدود”.

وفيما شدد على أن الاحتياجات الإنسانية لملايين سكان شمال غربي سورية في تزايد، فإنه قال:”لسوء الحظ، الوضع لم يتحسن بالرغم من كل الجهود المقدمة في هذا المجال”، والحاجة تتزايد في ظل عدم وجود إجراءات تعافي مبكر وإستراتيجية تنمية مستدامة.

الولايات المتحدة: باب الهوى لا يكفي للاستجابة الضخمة

وقال نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، إيثان قولدرتج، إن الولايات المتحدة تؤمن بأن تجديد عبور المساعدات عبر الحدود مهم، والمساعدات كانت أولوية لدى الولايات المتحدة بشكل مستمر، والقيادة الأمريكية “تعمل بشدة لاستمرارها”.

وذكر قولدرتج خلال الاجتماع، أنه لا يوجد أي بديل لإبقاء تدفق الدعم الإنساني عبر معبر باب الهوى، ويجب فتح معابر أخرى “لكي نستطيع الاستجابة للحاجة الضخمة”.

وأكد ضرورة دعم مشاريع  التعافي المبكر الإنسانية، والمطالبة بها على أساس قرارات مجلس الأمن 2586 و 2642، والتأكد من أن تبقى إنسانية “ولا يمكن البناء في مناطق نظام الأسد”.

بريطانيا: إغلاق باب الهوى سيكون كارثة

واستعرضت نائب رئيس البعثة البريطانية في جنيف، هيما ريتشا، خلال الاجتماع، الاحتياجات والأوضاع الإنسانية في سورية، مشيرة إلى أن الأمور ساءت منذ تموز 2020 بعد إغلاق المعابر الأخرى.

وقالت إن “إغلاق معبر(باب الهوى) سيكون له آثار كارثية وسيؤدي إلى معاناة ملايين السوريين في الوصول إلى الماء والغذاء والمساعدات الأساسية”.

وأكدت أن المملكة المتحدة “لم ولن تنسى سورية وحياة الملايين”، فعدم تدفق المساعدات سيؤثر على 6 مليون و200 ألف شخص”.

الحكومة المؤقتة: المنشآت الطبية في خطر

وقال ممثل “الحكومة السورية المؤقتة” ووزير الصحة، مرام الشيخ، إن المنشآت الطبية بشكل كامل معتمدة على المساعدات عبر الحدود “وتوقف تمديد القرار يعني عدم وصول خدمات الرعاية الصحية الأولية لأكثر من 3.5 مليون سوري”.

وتحدث عن فشل آلية إدخال المساعدات عبر الخطوط، فالمنظمات الأممية لم تستطع إيصال المساعدات للكثير من المناطق التي كان من المفترض أن تصل إليها، ومنها مخيم الركبان بالقرب من الحدود الأردنية،  ومنطقتي رأس العين شمال غربي الحسكة وتل أبيض شمالي الرقة، رغم وجود حالات طبية تحتاج خدمات الرعاية الصحية.

بدر جاموس: القرار يأتي في ذروة الشتاء

وناشد رئيس “هيئة التفاوض السورية”، بدر جاموس، لمواصلة وزيادة الضغط على النظام وحلفائه روسيا وإيران لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254.

ونوه على أن قرار إدخال المساعدات عبر الحدود ينتهي الشهر المقبل في ذروة فصل الشتاء، داعياً إلى الاستماع لبدائل قانونية لقرارات إدخال المساعدات عبر الحدود عملت عليها منظمات وجهات حقوقية وفق دراسات قانونية.

وشدد الخبير القانوني وعضو مجلس إدارة “المنتدى السوري” خلال مداخلته في الاجتماع، على مخاطر حقيقية تهدد حياة ملايين السكان إذذا فشل مجلس الأمن في تجديد قراره إدخال المساعدات عبر الحدود، منوهاً إلى دراسة قانونية أصدرها في نوفمبر الماضي “التحالف الإغاثي الأمريكي من أجل سورية” (ARCS)، وتضع أسساً قانونية لاستمرار تدفق المساعدات إلى ملايين المحتاجين لها.
وقالت نيفين حوتري، وهي ناشطة سورية ورئيسة مجلس إدارة “وحدة دعم و تمكين المرأة” في الشمال السوري، خلال الاجتماع، عن المآسي التي يعيشها ملايين السوريين في إدلب وريف حلب، وبعضهم نزح أساساً من مناطق أخرى بفعل هجمات نظام الأسد، منوهةً إلى أن النساء وهنَ من الشرائح الأكثر ضعفاً مع الأطفال، سيتأثرون بشكل كارثي في حال توقفت المساعدات.
كما ألقت ندى الراشد من فريق “الخوذ البيضاء” في إدلب، والناشطة السورية سعاد الأسود، كلماتٍ في الاجتماع، إضافة لمدير الدفاع المدني السوري، رائد الصالح، إذ حذروا جميعاً من عواقب حقيقية ستلحق مزيداً من الضرر على كافة الأصعدة بملايين السكان في شمال غرب سورية، إذا منعت روسيا تمديد إدخال المساعدات عبر الحدود.

التوصيات

وفي ختام الاجتماع الذي شهد مداخلاتٍ من عدة ناشطات سوريات نوهنَ للتحديات التي تعيشها نساء شمال غرب سورية، وزيادة الضغط عليهنَ فيما لو عرقلت روسيا تمديد قرار المساعدات عبر الحدود، ،قدم ممثلو المنظمات الإنسانية مجموعة من التوصيات:

  1. عدم السماح بأن يصبح الدعم الإنساني أداة سياسية وتستخدم ضد المواطنين.
  2. الاستمرار في مساندة القرارين 2642 و2261، وأن لا يكون هناك اسغلال لها وابتزاز كل ستة أشهر أو كل سنة، وتوسعة المدة الزمنية للوصول إلى حل سياسي وإلى البدائل القانونية الأخرى.
  3. الاستمرار بإدخال المساعدات عبر الحدود ومتابعة تقديم الدعم بكل القطاعات، منها الصحة واللقاح والمواد الغذائية وغير الغذائية وسبل العيش والحماية وغيرها.
  4. دراسة إمكانية إنشاء مكاتب ميدانية لزيادة وتسريع الفعالية لآليات عمل الأمم المتحدة، وضمان وصول الدعم الإنساني، لدعم إنشاء مجموعات عمل مشتركة بين منظمات المجتمع السوري والمنظمات الدولية والأمم المتحدة والمانحين.
  5. تطبيق معايير المراقبة والشفافية بكافة المناطق السورية بما فيها مناطق سيطرة النظام، لضمان التقديم الكفء والفعال للمساعدات، والتوزيع على أساس المعايير الفضلى.
  6. إصلاح وتشديد البنى التحتية المهمة بما في ذلك المنشآت الصحية والبنى الخاصة بالمياه لضمان توصيل المياه النظيفة للجميع.
  7. ضمان أن يكون هناك وقف إطلاق نار وتنفيذ قرارات مجلس الأمن وقرارات جنيف.
المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا