درعا ومعركة “الحاضنة”: تشتتٌ فرضه النظام وغذّاه سلوك “المصالحين”

يوم الخميس، 28مايو/أيار، وقعت عملية اغتيالٍ وصفت بـ”الأبرز” في درعا، طالت قياديين بما يسمى “اللجنة المركزية”، وكانت كفيلةً بأن تظهر مدى تشتت المزاج العام في المحافظة، وهو أمر يمكن تلمسهُ في ردود الفعل على الحادثة، بين فريق أيّد استهداف القادة كونهم يتبعون لتشكيلات نظام الأسد بشكل رسمي، وفريق آخر أدان الأمر، معتبراً أن الشخصيات المستهدفة لا يمكن “نزع” صفة “الثورية” عنها، بحكم أنها قاتلت النظام لأكثر من أربع سنوات.

التشتت الذي ظهر على العلن في الأسابيع الماضية، لم يكن وليد حادثة استهداف أعضاء “اللجنة المركزية”، فقد بدأت آثاره بالظهور عقب توقيع اتفاق “التسوية”، في يوليو/تموز 2018، وما تبعه من انضمام مئات المقاتلين السابقين مع فصائل الجيش الحر، لتشكيلات تتبع قوات النظام وروسيا، أبرزها “الفيلق الخامس” و”الفرقة الرابعة”، لتكون درعا نموذجاً فريداً من نوعه في “المصالحات”، على خلاف باقي المناطق التي فرضت فيها روسيا ونظام الأسد ما يسمى باتفاقيات “التسوية” أو”المصالحة”.

وربما تكون أبرز مؤشرات التشتت الذي شهدته درعا، عقب اتفاق “التسوية”، ردود الفعل على حوادث الاغتيال التي كانت تطال شخصيات بتبعيات مختلفة، ومثال ذلك أن يكون في درعا شخصاً كان قيادياً سابقاً في فصائل المعارضة، ودخل في “المصالحة” وانتسب لقوات الأسد، وحين يتعرض لحادثة اغتيال، تتضارب ردود الفعل حوله، ما بين  نعيه و”الرثاء عليه” أو هجيهُ كـ”خائن”، ولاسيما أنه أصبح فعلاً، قيادياً في قوات الأسد.

وعلى الرغم من أن تبعات اتفاق “التسوية” وبنوده تعتبر جزءاً أساسياً لما عاشته درعا من تشتت على مدار العامين الماضيين، توجد هناك أسباب أخرى للتشتت أيضاً، تتعلق بشخصية قيادات الجنوب وسلوكهم، وخاصةً في أثناء دخول قوات الأسد إلى المنطقة، والسيطرة عليها بشكل متسارع، في مشهد وصف حينها بعمليات “التسليم”.

من الثورة ضده إلى العيش تحت سلطته

لم تكن الفترة الزمنية التي انتقلت فيها معظم مناطق محافظة درعا من الثورة ضد نظام الأسد، إلى العيش تحت سلطته، طويلةً، فقد اختصرت في بعضة أسابيع، وكان الأساس لها الرسالة التي وجهتها الولايات المتحدة الأمريكية لفصائل الجنوب، والتي أعطت فيها الإشارة برفع الدعم اللوجستي والعسكري عنهم، في أثناء الحملة العسكرية الواسعة للروس وقوات الأسد.

الانتقال السريع، بموجب اتفاق “التسوية”، كان أحد الأسباب التي أدت إلى تشتت الحالة العامة في درعا، ولاسيما أن نسبة لا يستهان بها من الأهالي رفضت الخروج إلى الشمال السوري، ومعها مئات المقاتلين، الذين كانوا ضمن فصائل المعارضة سابقاً.

وعلى عكس باق المناطق التي حصلت فيها “التسوية”، لم تخرج أعداد كبيرة من محافظة درعا إلى الشمال السوري، بل قرروا الانضمام للتسوية، نتيجة ظروف عديدة، الأمر الذي أفضى إلى “خزان بشري” من الشباب المطلوبين للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية في قوات الأسد، وأصبحوا بحكم الملزمين بالالتحاق  بهذه القوات.

ومما زاد الأمر تعقيداً، إنشاء “الفيلق الخامس” المكوّن بشكل رئيسي من فصيل “قوات شباب السنة” سابقاً(بقيادة أحمد العودة)، وهو فصيلٌ جميع عناصره من أبناء درعا، وأضيف للأمر توجه الأفرع الأمنية نحو تجنيد مقاتلي الفصائل سابقاً، بهدف الاستفادة من المعلومات التي كانت لديهم، وفي ذات الوقت تقديم وعود وامتيازات لهم، وبشكل أساسي من “الفرقة الرابعة”.

يقول الناشط الحقوقي، عمر الحريري إن ما سبق “أوصلنا إلى حالة من الفوضى، بالانتقال من مرحلة الثورة ضد النظام لمرحلة الحياة تحت سيطرته، حيث بدأ البعض من الشباب بالتوجه للالتحاق بالجيش، وقسم آخر للانضمام للفرقة الرابعة، وآخرين للأفرع الأمنية والفيلق الخامس”.

ويتابع الحريري الذي ينحدر من درعا: “البعض الآخر من شباب درعا قرر عدم الالتحاق بأحد، والهروب لشمال سورية أو الاختباء في مناطق مختلفة بدرعا”.

ويرى الناشط الحقوقي في حديث لـ”السورية.نت” أن “هذا الانقسام الكبير كان من الطبيعي أن يؤدي لتشتت الحاضنة الشعبية، وخاصةً عندما ترى أشخاص كانوا يمثلون رموز وشخصيات فاعلة في الثورة بدأوا بالتوجه للانضمام للفيلق الخامس أو الأمن العسكري”.

حجج متصادمة

الرموز والشخصيات التي حوّلت بوصلتها إلى نظام الأسد، يرى الحريري أنهم توجهوا للبحث عن مبررات لهذا الأمر، مشيراً “هنا تجد روايات بأن الفيلق الخامس لمحاربة إيران، وهو خيار جيد جداً، ومن أبناء الجنوب وأنه لا مانع من الالتحاق بالفرقة الرابعة طالما تبقى في درعا، وأن الانضمام للأمن العسكري هو شيء شكلي فقط لحماية الشاب من التجنيد على جبهات إدلب..”.

الحجج السابقة تصادمت مع حاضنة آخرى في درعا، رأت وما تزال ترى “الفيلق الخامس” كذراعٌ روسي، وبالتالي فإن روسيا هي داعم نظام الأسد الأول، وترى أن “الأمن العسكري” هو نفسه الأمن العسكري الذي قتل وأخفى وعذب مئات الآلاف من السوريين.

وبحسب الناشط الحقوقي: “بالتالي الحجج الأولى غير مبررة والطرف الأول يرى تفسيرات الطرف الثاني بأنها لا تراعي الواقع الجديد، ويبدأ التصادم والتشتت أكثر وأكثر (…) لا تنسى هناك من خرج لشمال سورية، لإكمال العمل من هناك سواء بالشكل العسكري أو المدني، وهناك من هاجر لخارج سورية ويريد إبداء رأيه أيضاً، وهذا أوجد التشتت”.

“أزمة ثقة”

من زاوية مختلفة يعتبر المحامي ونقيب المحامين الأحرار في درعا سابقاً، سليمان القرفان، أن الأسباب التي أدت إلى تشتت الحاضنة الشعبية في درعا، تعود إلى “أزمة الثقة”، التي بدأت بالظهور بعد اتفاق “التسوية”.

ويقول القرفان لـ”السورية.نت”، إن “الأسباب التي قادت بدرعا إلى وقتنا الحالي ترتبط بأن المواطنين في الجنوب السوري قد استطاعوا ضبط الوضع خلال سيطرة الثوار على المناطق وتنظيم وتقديم انفسهم كبديل حقيقي”، عن نظام الأسد.

وتابع المحامي الذي ينحدر من درعا: “إلا أن التآمر الدولي الذي حصل على المنطقة دفع بالمواطنين الى فقدان الثقة بأي شيء، وتولدت لديهم قناعات بأن العالم أجمع تركهم فريسة لنظام الإجرام يفعل بهم ما يشاء دون حسيب أو رقيب، وهذا ما يقف خلف حالة التشتت السائدة”.

وبحسب القرفان، فإن نظام الأسد له دور كبير في تشتت “الحاضنة الشعبية” في درعا، وخاصةً “من خلال أجهزة الأمن والفرق العسكرية الموالية لإيران، والتي باتت تنفذ أجنداتها في الجنوب”.

ويشير “اليوم الأمن العسكري والمخابرات الجوية والفرقة الرابعة جميعها تعمل لصالح هيمنة إيران على الجنوب، وتجنّد عدداً من أبناء المنطقة لصالح المشروع الإيراني، كما تدفع مبالغ مالية طائلة، جراء عمليات الاغتيال للثوار والشخصيات المدنية الرافضة للمشروع الإيراني”.

أحياء درعا البلد
سكان من حي درعا البلد أمام محال لبيع الخضراوات – (رويترز)

الاغتيالات أساس التشتت

لا يمكن فصل حالة تشتت المزاج العام لأهالي درعا، منذ اتفاق “التسوية” عن حالة الفوضى الأمنية وعمليات الاغتيال التي لم تنقطع، إذ يمكن اعتبارها حجر الأساس الذي أدى إلى حالة الانقسام والتشتت الشعبي، ولاسيما أن ردود الفعل المتضاربة كانت تتصدر الواجهة، عقب كل عملية اغتيال، وخاصةً تلك المتعلقة بالعناصر والقياديين، الذين كانوا ضمن فصائل المعارضة سابقاً.

وحسب إحصائية وصلت لـ”السورية.نت” من “مكتب توثيق الشهداء في درعا”، قُتل جراء عمليات الاغتيال منذ توقيع اتفاق التسوية، في يوليو/تموز 2018 وحتى شهر آذار من العام الحالي 199 شخصاً، من جميع الفئات.

الفئة الأكبر التي طالتها حوادث الاغتيال، حسب الإحصائية، هي عناصر فصائل المعارضة السابقين، بالإضافة إلى مقاتلين انضموا مؤخراً، بموجب “التسوية” إلى تشكيلات قوات الأسد.

وتشير الإحصائية إلى أن 133 شخصاً كانوا مقاتلين في فصائل المعارضة، قًتلوا ضمن الإحصائية المذكورة (199 شخصاً)، والقسم الآخر هم من المدنيين وعناصر قوات الأسد، الذين دخلوا بعد عملية السيطرة.

فريق “السورية.نت” أجرى مسحاً ميدانياً لعمليات الاغتيال التي شهدتها درعا، منذ اتفاق “التسوية”، وتم التوصل إلى أن الاغتيالات توزعت بين ثلاثة أطراف، بحسب الاتهامات الموجهة، وانحصرت بـ”المقاومة الشعبية” (7 عمليات) وتنظيم “الدولة الإسلامية” (3 عمليات)، إلى جانب “جهة مجهولة” (18 عملية)، والتي ارتبطت فيها معظم عمليات الاغتيال.

وحسب المسح الميداني، طالت الاغتيالات، في الفترة الممتدة من أكتوبر/تشرين الأول 2019 وحتى شهرأبريل/ نيسان 2020 ستة أشخاص من عناصر “المصالحات”، وخمسة عناصر من “الأمن العسكري”، إلى جانب ثلاثة عناصر من قوات الأسد، وعنصر من الشرطة الروسية، وعنصران من “الفرقة الرابعة”، بالإضافة إلى ثلاثة موظفين مدنيين، وثمانية عناصر من “الحرس الجمهوري” و”المخابرات الجوية”.

ونفذت الاغتيالات، بحوادث إطلاق نار، بلغ عددها 25 حادثة، إلى جانب 3 حوادث استهداف بالعبوات الناسفة، في ذات الفترة الزمنية المذكورة.

ولم تنحصر عمليات الاغتيال في بلدة دون غيرها، على الرغم من تركّزها في الريف الغربي لدرعا، إذ أنه وبحسب المسح الميداني تم تنفيذ الاغتيالات في كل من بلدات: مزيريب، داعل، الكرك، الصنمين، جاسم، صيدا، سحم الجولان، طفس، غباغب، خربة الغزالة، نوى، المسيفرة، إلى جانب: أم المياذن، طيبة، ناحتة، وذلك في الفترة الزمنية المذكورة سابقاً.

سلاح العشائرية والفصائلية

بالإضافة للعمليات العسكرية والأمنية، التي استخدمها نظام الأسد، لبسط سلطته في الجنوب السوري، سواء محافظة درعا أو القنيطرة، فقد استخدم سلاحاً آخر، وهو سلاح العشائرية والفصائلية، وهو أمر كان من المسببات الرئيسية لحالة التشتت، المسيطرة على الجو العام في الوقت الحالي.

ويوضح الناشط الحقوقي، عمر الحريري أن نظام الأسد لعب على وتر العشائرية والفصائلية في درعا، متجهاً لضم الشبان في تشكيلاته العسكرية، ودافعاً بتحريضهم على أكثر من جهة.

ويطرح الحريري مثالاً على ذلك، بالقول: “تجنيد شخصٍ مثل مصطفى المسالمة (الكسم) في درعا البلد وإعطائه النفوذ والسلطة، لتشكيل مجموعات تابعة له من عناصر فصائل سابقاً وأبناء عشائر كبيرة في درعا، يعتبر خطوة أحدثت شرخاً في المجتمع بين من يرى الكسم ومجموعته عملاء للنظام وبين من يريد اختراع الحجج لهم، لأنه ببساطة انضم لهم أو انضم أخوه او ابنه لهم، ولا يريد اتهامه بالخيانة “.

ما حصل في درعا البلد تكرر في مدينة الصنمين وفي مناطق ريف درعا الغربي وأماكن عديدة، ويشير الحريري إلى أنه وبالنظر إلى تاريخ قادة الفصائل في الجنوب سابقاً “سنجد أن غالبيتهم الآن حصلوا على نفوذ مع النظام، ومستمرون بجمع وضم الشباب إليهم (…) عماد أبو زريق مثالاً آخر واضح لهذا الأمر”.

وكانت الصنمين أول مدينة في محافظة درعا تعقِدُ اتفاقية منفصلة مع قوات الأسد منذ أكثر من أربعة أعوام، رَسَتْ على سيطرة مجموعات فصائلية صغيرة على داخل المدينة، بينما اكتفى النظام بالسيطرة على الثكنات العسكرية والمربع الأمني في محيط المدينة.

وعلى مدار السنوات الماضية، شهدت المدينة عدة خروقات، لكنها دائماً ما كانت تُحَلّ بأسرع وقت، حتى أن اتهامات العمالة للنظام و”خيانة” الثورة لاحقت قادة الفصائل داخلها بشكل دائم، لطبيعة العلاقة التي كانت تربطهم مع قوات النظام وضباطه، ورفضهم المتكرر المشاركة أو الانخراط في المعارك التي كانت فصائل المعارضة تواجهها في المناطق القريبة من الصنمين.

هل الحراك مايزال قائماً؟

مع ما سبق لا يمكن تجاهل المحطات التي مرّت بها محافظة درعا، منذ السيطرة عليها منذ قرابة عامين، حيث شهدت خروج مظاهرات سلمية، طالبت بالإفراج عن المعتقلين في سجون نظام الأسد، ونددت بالممارسات الأمنية التي تقوم بها بعض الأفرع الأمنية كـ”المخابرات الجوية” و”الأمن العسكري”، وهي أحداث فُرضت على مشهد درعا، رغم التشتت والانقسام.

وبشكل أو بآخر، أعادت المظاهرات السلمية في درعا، فكرة أن الثورة في المحافظة لم تنتهي، وأخذت منحاً جديداً، من شأنه زعزعزة السيطرة العسكرية والأمنية لقوات الأسد في المنطقة، لكن وعلى الجانب المقابل ذهبت أصواتٌ إلى أن حالة التشتت، من شأنها أن تخمد الحراك السلمي، ولاسيما مع توجه نظام الأسد لبسط السيطرة الأمنية الكاملة على مناطق ريف درعا الغربي، والتي كان أجزاء واسعة منها خارج سيطرته، وبيد عناصر كانوا مع فصائل المعارضة سابقاً.

ويرى المحامي سليمان القرفان أن “الحراك الثوري” ما يزال قائماً في درعا، وربط الأمر بما شهدته الأيام الماضية، من مظاهرات في مدينة طفس، أيّدت الحراك الشعبي في السويداء، ونادت بـ “السويداء طفس معاكي للموت”، بالإضافة إلى المظاهرات في كل من جاسم والجيزة، وطالب المتظاهرون فيها بإسقاط نظام الأسد.

ويقول القرفان: “اعتقد أن الأيام القادمة ستشهد امتدادً للحراك في درعا، وسنشاهد العديد من المظاهرات المطالبة برحيل الأسد وخروج المليشيات الإيرانية من الجنوب كاملًا”.

لكن الناشط الحقوقي عمر الحريري يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، ويعتبر أن “حالة التشتت أدت لحالة فقدان ثقة، وهو ما يجعل أي حراك من الممكن التعويل عليه صعب للغاية (…) إعادة جمع المجتمع والحاضنة وتأسيس الثقة فيها سيكون صعب للغاية”.

ويضيف الحريري: “ربما هذا ما يفسر أن الوقفات الاحتجاجية في درعا البلد سابقاً كانت تقتصر على وقفات بشعارات تم اختيارها بعناية ودقة مراعاة لجميع هذه الشرائح المشتتة، وما أدى إلى تمييع بعض هذه التحركات وأفقدها أثرها لدى الكثيرين، ليرفضوا المشاركة أو ربما يعارضوها، مع وجود شريحة أخرى قررت دعمها و شريحة رأت فيها حراكاً لا معنى له ورفضت المشاركة (…) هذا أيضاً جزء من التشتت الحاصل” .

وبالمجمل لا يرى الناشط الحقوقي “قدرة حالياً على حراك جديد في درعا على الأرض”، موضحاً أن “السويداء تملك مساحة أكبر لمثل هكذا حراك، ولكن أيضاً ضمن قيود السويداء التي نعرفها جميعاً طوال السنوات الماضية”.

أين درعا الآن؟

أمام حالة التشتت التي تعيشها درعا في الوقت الحالي، وعمليات الاغتيال التي فرضت نفسها على الحياة اليومية للأهالي وللمقاتلين بكافة ولائاتهم، يغيب أي أفق للمستقبل الذي ستكون عليه المحافظة في الأيام المقبلة، لاسيما مع تحركات عسكرية من جانب نظام الأسد لبسط السلطة الأمنية من جديد، ولاستقطاب مقاتلين جدد ضمن صفوف قواته، كانوا يعملون سابقاً مع فصائل المعارضة.

وبوجهة نظر الناشط الحقوقي، عمر الحريري فإن “درعا دائماً كانت منقسمة، وهذه حقيقة”، مشيراً “دائماً ما كان لدينا فصائل عديدة ومتناحرة، وترفض التوحد، رغم عشرات المبادرات لتوحيد الفصائل في درعا”.

ويعتبر الحريري أن “درعا إما منقسمة مناطقياً أو عشائرياً، ونضيف لها اليوم أنها أصبحت منقسمة (المنطقة ببعضها والعشيرة ببعضها)، مع انضمام أبنائها وانقسامهم بين من يريد إكمال الثورة، ومن التحق للنظام، أياً كانت الأسباب والمبررات التي دفعته لذلك”.

أما المحامي سليمان القرفان فيعتبر أن استقدام قوات كبيرة من “الفرقة الرابعة” والميليشيات الموالية لإيران مؤخراً إلى درعا، لعب دوراً كبيراً في تشتت “الحاضنة والثوار”.

ويقول: “هناك خوف حقيقي لأعمال انتقامية واقتحامات لبعض المناطق، وهذا ما سبب بتشتت وتخبط لدى اللجان المركزية في المحافظة، في ظل إصرار البعض على المقاومة وانتهاج حرب العصابات، إذا أصرت القوات على الاقتحام، ورؤية البعض بضرورة التفاوض بشتى السبل للحيلولة دون تطور الأوضاع والدخول بمواجهات”.

ويعتقد القرفان أن الوضع المذكور سيكون مؤقتاً، و”لن يطول، وستضطر القوات بالنهاية إلى التراجع والانسحاب”.

وربما يكون مصطلح “ضرب مصداقية وتاريخ الثورة” في درعا من جانب نظام الأسد، وصفاً دقيقاً لما عمل عليه النظام، في الأشهر الماضية، منذ توقيع اتفاق “التسوية”، بوجهة نظر الناشط الحقوقي، عمر الحريري.

ويضيف: “عمل النظام على تجنيد قادة الفصائل بالذات ومنحهم الامتيازات ليستمروا في تجنيد الشباب من حولهم، وبهذه الخطوة يكون قد ضرب مصداقية وتاريخ الثورة وليس فقط النفس المعارض”.

ومثال على ما سبق، يتابع الحريري: “عندما يرى الشاب المعارض للنظام أن القيادي الذي حارب الأسد لسنوات تحول فجأة لصفه كقيادي ولديه نفوذ أيضاً، يولد هذا الأمر حالة من الصدمة لدى أي نفس معارض للنظام في درعا، وحالة فقدان ثقة ومصداقية في كل النشاط الثوري الذي حصل السنوات الماضية”.

ويعتبر أن “إفقاد ثقة الناس بالعمل المعارض الذي حصل السنوات الماضية سيدفعهم للتفكير مليون مرة في الانضمام لعمل معارض جديد، خوفاً من تكرار ذات التجربة”.

درعا البلد
شاب سوري على دراجة نارية وسط أحياء درعا البلد – (رويترز)
المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا