دمشق.. ترميم “التكية السليمانية” يثير الشكوك والنظام يوضح

شغلت أعمال الترميم التي تشهدها التكية السليمانية بدمشق اهتمام مواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد قرار إخلائها واستكمال أعمال الترميم فيها، والتي قد تستمر لسنوات طويلة، وسط مخاوف من تغيير هوية هذا الملعم الأثري ومنحه للقطاع الخاص.

وبدأ الجدل في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد إنذار وزارة السياحة في حكومة النظام، الحرفيين وأصحاب المحال في سوق المهن اليدوية بالتكية السليمانية، بضرورة إخلاء محالهم قبل حلول عام 2023، بهدف ترميمها.

وكانت أعمال الترميم في التكية بدأت عام 2019، وشملت الخطة عدة مراحل، أولها ترميم سوق الزجاج، ثم ترميم سوق المهن اليدوية وبعض الأجزاء الداخلية من التكية.

خصخصة هذا الإرث

وزير السياحة في حكومة النظام، رامي مارتيني، قال إن أعمال ترميم التكية قد تستغرق أكثر من سنتين، وربما 4 سنوات كي تتكامل المنطقة ككل.

وأضاف في تصريحات لإذاعة “شام إف إم”، السبت الماضي، أنه كان من الضروري إخلاء سوق المهن اليدوية، والذي يوجد في التكية الصغرى، لأن أعمال الترميم وصلت إلى هذا الجزء.

وتابع: “ما يجري في التكية هو عبارة عن مشروع وطني يعتبر الأكبر من نوعه في ترميم هذا المكان التراثي للمرة الأولى منذ إنشائه”.

وبموجب الإخلاء، تم نقل 40 حرفياً من التكية إلى الحاضنة الثقافية في منطقة دمر بدمشق، وسط مخاوف من عدم السماح لهم بالعودة بعد انتهاء عمليات الترميم، أو خصخصة هذا الموقع التاريخي.

وانتشرت أنباء حول منح التكية السليمانية للقطاع الخاص، خاصة أن وزارة السياحة هي التي تشرف على أعمال الترميم بشكل مباشر، رغم تبعية التكية إدارياً لوزارة الأوقاف.

وزادت المخاوف بعد تصريحات صادرة عن معاون وزير السياحة، نضال ماشفج، والتي قال فيها إنه لا يوجد أي بند قانوني يُلزم الوزارة بتجديد عقود الحرفيين بعد انتهائها كل عام.

وأضاف لصحيفة “تشرين” الرسمية، أنه يحق للوزارة أن تطالب بإخلاء المحال المستثمرة من قبل أصحاب المهن لأغراض المصلحة العامة قبل انتهاء مدة العقد، ومن دون أن يحق لأصحاب المحال المطالبة بأي عطل أو ضرر.

إعادة توضيح

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع قرار إخلاء سوق المهن في التكية، مطالبين بالمحافظة على الطابع التاريخي لهذا المكان، والسماح للحرفيين بالعودة بعد انتهاء أعمال الترميم.

وقد يستمر الترميم لسنوات طويلة، خاصة أن سوق الزجاج في التكية، والذي بدأت أعمال ترميمه قبل 3 سنوات، لا يزال حطاماً، ولا يُعرف ما إذا كان سيعود سوقاً للزجاج أم لا.

إلا أن وكالة أنباء النظام “سانا”، نقلت عن محافظ دمشق محمد طارق كريشاتي، اليوم الأربعاء، أنه “بعد إعادة تأهيل التكية السليمانية سيعود الحرفيون إلى أجزاء منها لتكون مقصداً ثقافياً وتراثياً وتاريخياً وسياحياً”.

فيما قال مدير أعمال الترميم في التكية، أنطون شنيارة، لـ “سانا”، إن “موقع التكية المجاور لمسار نهر بردى تعرض خلال العقود الماضية لهبوط مستوى المياه الجوفية بسبب شح مصادر المياه، ما أدى  إلى انجراف في طبقات التربة تحت منسوب تأسيس المباني، ونتج عنه هبوطات كبيرة ظهرت آثارها على شكل تشققات وتصدعات في كثير من أسقف وقبب التكية وأعمدتها وجدرانها”.

عقود في التاريخ

تأسست التكية السليمانية على ضفاف نهر بردى في دمشق، بأمر من السلطان العثماني سليمان القانوني عام 1554، وقام بتصميمها المعماري العثماني الشهير سنان، بمكان قصر الأبلق الذي كان قصراً للسلطان المملوكي الظاهر بيبرس، واستغرق بناؤها 6 أعوام.

وكانت التكية مخصصة حينها لإيواء وإطعام عابري السبيل والفقراء، كما صُممت لتكون محطة استراحة للحجاج، وكانت مجهزة بمطابخ ومخابز وغرف استراحة وأماكن للصلاة والوضوء.

لكن في عام 1923 توقفت التكية عن تقديم تلك الخدمات لأول مرة منذ 400 سنة، وتحولت إلى مركز لتقديم الخدمات التعليمية والعلوم الشرعية، إضافة لكونها موقعاً أثرياً سياحياً.

وفي سبيعينات القرن الماضي، تحول جزء من التكية إلى سوق للحرف اليدوية، والذي يمتد من أقصى شرقها إلى غربها.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا