ذوو الهمم في قهر السوريين وسرقتهم

حتى قبل وفاة أو مقتل المدعو “ذو الهمة شاليش”، كانت التقديرات تشير إلى أن ثروته تقدر بمليار دولار. وقد أخبرني أحدهم ممن كانت تجمع مع شاليش مشاريع مشتركة أن صديقا مشتركا لهما أقسم له إنه رأى بأم عينه غرفة واسعة متروسة بالكامل بالدولارات تعود لشاليش، وهي غرفة واحدة فقط من غرف عدة ربما، حيث لم يكن شاليش وغيره من جامعي الثروات المنهوبة في عهد نظام الأسدين يثقون بالبنوك المحلية، فيعمدون إلى تكديسها نقداً في مخابئ خاصة بهم، مع تمرير ما يستطيعون تمريره إلى حسابات وهمية في الخارج يلجؤون إليها في حال اضطروا للهرب من البلاد، أو عند قيامهم بجولات سياحية مموهة.

هذه ثروة شاليش واحد من شواليش حكم الأسدين، لشخص لا يعتبر من صميم العائلة، فهو بالكاد ابن عمة بشار من الأخت غير الشقيقة لحافظ الأسد، أضف إلى ذلك ثروة أخيه رياض شاليش الذي راكم بدوره ثروة معتبرة خلال تسلُّمه لثلاثة عقود مؤسسة الإسكان العسكرية التي حولها لشركته الخاصة، مع صلاحيات مطلقة بالسرقة وتجاوز كل القوانين.

إننا في دولة الأسد، وهذا هو جوهرها، طوال خمسين عاما. قهرُ السوريين وسرقتُهم. والنتيجة لا تحتاج إلى براهين ملايين المقتولين والمعتقلين والمهجرين، ومن تبقى تعيش غالبيتهم الساحقة تحت خط الفقر. وإذا كان شعار الأنظمة الديكتاتورية في العالم هو: أقتلكم أو أحكمكم، فإن شعار حكم الأسدين هو: أحكمكم وأقتلكم وأسرقكم.

ما الكفاءات العظيمة التي يملكها شخص مثل زهير شاليش الملقب بذي الهمة؟ إنه بالكاد ضابط متطوع في جيش لدولة صغيرة “فقيرة” مثل سوريا. ماذا سيكون مصيره لو لم ينجح انقلاب حافظ الأسد عام 1970، هو ومثله العشرات ممن راكموا الثروات خلال العقود الماضية بالطرق غير المشروعة؟ وعلى حساب من كان ذلك؟ وكيف سيكون مستوى معيشة السوريين لو كانت هذه الأموال المنهوبة وظفت خلال العقود الماضية في خدمة تنمية حقيقية في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات؟

التقارير الدولية الأخيرة تسلط الضوء على ثروات عائلة الأسد التي قدرتها الخارجية الأميركية نهاية الشهر الماضي بين مليار وملياري دولار، لكنها أقرت بأن هذه الأرقام ليست دقيقة، نظرا لأن بعضها مخبأة في حسابات وشركات خارجية، تحت أسماء مستعارة أو بأسماء أفراد آخرين. وتشمل القائمة هنا ثروات كل من رئيس النظام بشار الأسد وزوجته أسماء الأخرس، وشقيقي بشار ماهر وبشرى الأسد، وأبناء خالته رامي وإيهاب مخلوف، وعمه رفعت الأسد، وابني عمته ذو الهمة ورياض شاليش، في حين لا توجد معلومات كافية عن ثروة أبناء بشار الأسد الثلاثة، وأكبرهم حافظ البالغ 21 عاما.

وعلى ذكر ابن بشار حافظ، أذكر أنه زار ربما في العام 2010 جريدة الثورة حيث كنت أعمل، وكان عمره حينذاك نحو 10 سنوات فقط، فقام بـ “جولة تفقدية” في أرجاء الجريدة والمطبعة، وأصدر أوامر لرئيس التحرير آنذاك أسعد عبود الذي كان عمره يقارب الستين عاما، بضرورة إيصال الصحف إلى المحافظات عبر الطائرة وليس بالسيارات وأشياء من هذا القبيل. كان يتحدث كمسؤول، وليس مجرد طفل لا يدرك ما يدور حوله. واضح أنهم بدؤوا مذاك الوقت يعدونه لخلافة أبيه، ولولا اندلاع الثورة في سوريا، لكانت نشاطاته العلنية بدأت بالظهور بشكل أوضح.

إذن، نحن في مزرعة الأسد. ابن الحاكم حاكم، وكذلك قريبه وابن ضيعته، وكلهم لديهم مفاتيح السلطة وجمع الثروة، حيث لا قوانين ولا ضوابط تحكم البلاد، بل سلطتك هي بمقدار قربك من عائلة الأسد، ومن أتباع العائلة، وأتباع أتباعهم.. وهكذا.

في سوريا ثمة حيتان مالية حتى بالمقاييس العالمية ممن راكموا ثروات السرقة خلال العقود الماضية، وبعضهم توالد خلال سنوات الحرب الأخيرة أمثال الإخوة قاطرجي الذين ينشطون في تجارة النفط بين مناطق تنظيم الدولة (داعش)، شمال شرقي سوريا، ثم قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ومناطق سيطرة النظام. وكذلك، سامر فوز، الذي لمع نجمه خلال السنوات الخمس الماضية، وفراس الأخرس، شقيق أسماء الأسد، ومهند الدباغ ابن خالتها، وآخرين ممن يعملون في الظل أو كواجهات لرموز النظام وقادة أجهزته الأمنية والذين حولوا سوريا من بلد واعد اقتصاديا وزراعيا وسياحيا، إلى خرائب لا تنتج اليوم سوى الفقر والدم والمخدرات.

المصدر تلفزيون سوريا


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا