رامي مخلوف..رجل مال عائلة الأسد الذي يطل بالمحطات “الفاصلة”

سنوات طوال مضت، ارتسمت فيها شخصية رامي مخلوف، في مخيلة السوريين، ببضعة صور، لم تكن بالدقة المثلى التي تتيح التعرف على تفاصيله الكاملة، بل كانت بأسوأ نسبة وضوحٍ كـ”هوية بصرية”؛ ورغم ندرة و سوء التفاصيل التي أظهرتها، إلا أن اسمه أو شخصيته ارتبطت دائماً، باستراتيجية السيطرة الاقتصادية على ممتلكات البلاد، من تجارة وصناعة واتصالات، وغيرها.

وما بين الصور التي أتاحتها محركات البحث، في السنوات الماضية لـ”مخلوف”، والتسجيل المصور الذي نشره، مؤخراً، على صفحة تحمل اسمه في “فيس بوك”، فقد تبادر في اليومين الماضيين، إلى نسبة كبيرة من السوريين، لغرابة المشهد في الوهلة الأولى، بأن من خرج مرئياً يكاد يكون مُزيفاً، أو ربما شخصية أخرى تحاول انتحال صفة الشخصية الأساسية.

4 أشخاص يديرون صفحة رامي مخلوف التي كانت باسم ماهر الأسد

وفي التسجيل المصور الذي تجاوزت مدته 15 دقيقة ببضعِ ثوانٍ، تحوّل رامي مخلوف إلى حديث الساعة، واستأثر باهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمحليين والباحثين السوريين، ولاسيما أن ظهوره يأتي في ظرف حساس تمر به سورية من جهة، وبعد أكثر من تسع سنوات من الغياب عن أية ظهور أو تصريحات إعلامية.

وبعيداً عن الأبعاد التي قد يفرضها الظهور النادر لمخلوف، في الوقت الحالي، والتحليلات التي ذهبت إلى خلاف حاد، بين عائلة الأسد ومخلوف، فإن واحدةً من النقاط اللافتة، التي يُمكن التوقف عندها، هي المحطات التي عكف مخلوف على الإطلالة بها إعلامياً؛ إطلالات تخرج عن الإطار اللحظي، إلى ما هو أبعد.

دعم الأسد.. رسالة إلى إسرائيل

مع مطلع أحداث الثورة السورية، عام 2011، واندلاعها في معظم المناطق السورية، خرج مخلوف بتصريح لافت، كان له وقع خاص على المسار السياسي لسورية، وتزامن مع اتجاه الدول الإقليمية والعالمية لمقاطعة بشار الأسد ونظامه، على خلفية استخدام القوّة ضد المدنيين العزّل.

صرح رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام بشار الأسد، في 12 مايو/أيار 2011، في مقابلة نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” أن نظام الأسد “لن يستسلم بسهولة وسيقاتل حتى النهاية”.

وأضاف: “لن يكون هناك استقرار في اسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سورية”، مهدداً بطرح ورقة “الجهاديين” و”السفليين” كبديل عن نظام الأسد، في حال التوجه لإسقاطه.

وتابع مخلوف في تصريحاته اللافتة، حينها: “ليس بامكان أحد أن يضمن ماذا سيحصل إذا حدث شيء للنظام لا سمح الله”، مشيراً إلى أن “قرار الحكومة الآن هو القتال (…) سنقاتل حتى النهاية”، مُشدداً تحذيره لإسرائيل بالقول: “إذا لم يكن هناك استقرار في سورية، فلن يكون هناك استقرار في إسرائيل”.

 تصريحات مخلوف في تلك الفترة، التي يمكن اعتبارها “فاصلة” كونها شهدت انطلاقة الثورة السورية، أخطر حدث يهدد نظام الأسد بكل تاريخه، ركّزت على دعم بشار الأسد، والوقوف معه، على عكس ما أفردته تصريحاته في اليومين الماضيين، ضمن التسجيل المصور النادر، والتي تضمنت لهجة “هجومية” وتحذيرية ووبنفس “استكانة” و”مظلومية” في ذات الوقت.

وأعطت التصريحات الأولى لمخلوف، مطلع عام 2011، صورة عن عرض قدمه نظام الأسد لإسرائيل، للحفاظ على بقائه، ومن أبرز بنوده هو الحفاظ على أمن إسرائيل، مقابل الحفاظ على أمن نظام الأسد وكيانه.

واعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز“، آنذاك، أن كلام مخلوف “يلقي الضوء على التكتيكات التي تتبناها النخبة الحاكمة، والتي استغلت تقلبات المنطقة من أجل الحفاظ على هدفها الأساسي وهو استمرارها”.

كما اعتبرت أن تحذيرات مخلوف من عدم الاستقرار والصراع الطائفي في سورية، على غرار ما حصل في العراق، و”بدا كصرخة من النظام لحشد الدعم أثناء تعامله مع مستوى من المعارضة (…) يعترف مسؤولوه بأنه أخذهم على حين غرة”.

2020.. عام الخلافات

تسع سنوات مرت على التصريح “اللافت” لمخلوف، لم يظهر فيها بأية تصريحات إعلامية أو ظهور مرئي، لكن اسمه لم يغب فيها، سواء على لوائح العقوبات الأمريكية والأوروبية، أو بعض التسريبات التي كانت تنشرها مصادر إعلامية بين الفترة والأخرى، والتي كانت تتحدث عن مشاريع وشركات أسسها بالسر، هنا وهناك، فضلاً عن شبكة شركاتٍ في دول عدة، للالتفاف على العقوبات، التي اعتاد مخلوف والنظام الاحتيال عليها، بإيجاد مخارج منها.

ورغم أن التسجيل المصور الأخير الذي نشره، قبل يومين، هو الأول له منذ سنوات، إلا أنه ومنذ حوالي ثلاثة أشهر، خرج بتصريحات هي الأولى من نوعها لصحيفة “الأخبار” اللبنانية، نفى فيها الاتهامات الموجهة له، حول التهرب من دفع الضرائب لـ”الدولة السورية”.

رامي مخلوف في ظهور نادر يناشد بشار الأسد (فيديو)

وفي السادس من فبراير/شباط العام الحالي، نشرت الصحيفة مقالاً، قالت إنه رد من مخلوف على مقال سابق، تحدثت فيه عن فساده، وتعامل حكومة نظام الأسد معه.

وافتتح مخلوف رده على مقال الصحيفة، بتأكيده الابتعاد عن الإعلام منذ المؤتمر الصحفي الذي عقده بدمشق في 2011، وأعلن حينها تنازله عن حصته في شركاته إلى جمعيات إنسانية، وأهمها “جمعية البستان”.

وحول اتهامه بالفساد، تحدث مخلوف عن أهمية شركاته، التي قال إنها ترفد الخزينة العامة في سورية بسيولة نقدية تزيد على عشرات المليارات من الليرة السورية، وتشغّل ما يقارب عشرة آلاف موظف سوري برواتب تعد الأعلى في البلاد، وتخدم أكثر من 11 مليون مشترك (في إشارة إلى شركة سيرياتل للاتصالات)، إضافة لتشغيل أكثر من 80 ألف نقطة بيع موزعة في سورية.

وتساءل مخلوف، حينها، هل هذا يعد فساداً؟ مشيرًا إلى أن 75% من أرباح شركاته ذهبت في السنوات العشر الأخيرة إلى مؤسسات وجمعيات إنسانية، بهدف خدمة السوريين، معتبراً أن مفهوم الفساد يختلف عن هدف أعماله.

وتحدث عن قرار الحجز الاحتياطي على جميع أمواله المنقولة وغير المنقولة العائدة له ولشركاته، الصادر من قبل وزارة المالية، في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بسبب تهريب بضاعة ناجية من الحجز قُدرت قيمتها بنحو 1.9 مليار ليرة سورية، وبلغت رسومها 215 مليون ليرة، والحد الأقصى لغراماتها 8.5 مليار ليرة، والرسوم 2.1 مليار ليرة.

View this post on Instagram

‎راماك للمشاريع التنموية والإنسانية المساهمة المغفلة القابضة الخاصة) التي تَمَلَّكَتْ بشركة سيريتل موبايل تيليكوم ما يقارب 45% و40% بشركة صندوق المشرق الاستثماري التي تعمل في عدة مشاريع تطوير عقاري إضافة لعدة مشاريع أخرى. ‎شركات تعمل بأعلى كفاءة ممكنة وقدمت وتقدم أهم الخدمات للبلاد، وتَرْفُد الخزينة العامة بسيولة نقدية بما يزيد عن عشرات مليارات الليرات السورية دورياً، وتُشغل ما يقارب (10.000) عشرة آلاف موظف سوري برواتب تُعَدّ الأعلى في البلاد، وتَخْدُم هذه الشركات أكثر من (11.000.000) أحد عشر مليون مشترك، إضافة لتشغيل أكثر من (80.000) ثمانون ألف نقطة بيع موزعة في سوريا. ويحصل كل ذلك في ظل الظروف الصعبة التي تَمُر فيها البلاد…هل هذا يعد فساداً؟ ‎معظم أرباح شركاتنا (نحو 75% منها) ذهبت، خصوصاً في السنوات العشر الأخيرة إلى مؤسسات وجمعيات إنسانية بهدف خدمة أهلنا في سوريا، كونهم الأولى بالخدمة والعون بظل تلك الظروف الصعبة (والحمد لله الذي غنانا عن عباده وجَعَلَنا خَدَم لهم بأمره) كل ذلك موثق بسجلات شركاتنا والمؤسسات والجمعيات الإنسانية الخيرية التي تم التبرع لها من قبلنا أما بخصوص حقيقة وقانونية قرار الحجز الاحتياطي رقم /1359/ الملقى على جميع أموالنا المنقولة وغير المنقولة العائدة لنا ولشركاتنا. سددنا مبالغ فاق أضعاف المبلغ المتوجب قانونياً دفعه للشركة التي لا تربطنا بها أي علاقة قانونية منذ تاريخ تأسيسها وحتى اليوم. وهو امر مثبت بجميع الوثائق والملفات القانونية الخاصة بتلك الشركة، إلا أنه وحتى تاريخه لم يتم رفع قرار الحجز الاحتياطي أو أي من التدابير الاحترازية الأخرى المتخذة ‎فاننا نعتقد بان هدف تلك الإجراءات هو الإساءة لنا، وتعطيل بعض أعمالنا من قبل جهات مستفيدة، تسعى لتحقيق مكاسب خاصة من خلال إبعادنا عن المشهد السوري وقلبه، وذلك من خلال تشويه سمعتنا وتلفيق الأكاذيب بهدف إظهارنا بمظهر لم نكُ به يوماً محاولين بذلك محو كل الإنجازات الوطنية والخيرية والإنسانية التي قدمناها خلال سنوات الحرب. التي تعتبر شاهداً حقيقياً حاضراً وثابتاً على ولائنا وتفانينا بتقديم جميع الأموال والأعمال لخدمة أهلنا وبالوقوف إلى جانب بلادنا ورئيسنا على ان كل ما حصل، لن يُضْعِف همتنا، ولن يجعلنا نتوانى عن الاستمرار بخدمة بلادنا كما كنا وسنبقى دائماً ولن ندّخر جهداً إلا وسنبذله للمحافظة على هذه المؤسسات الفاعلة التي تَخدُم شريحة كبيرة من أطياف المجتمع السوري ناهيكم عن التزامنا بواجبنا بتقديم كل المساعدة الإنسانية لأهلنا.

A post shared by علي رامي مخلوف (@ali_r_makhlouf) on

استجداء الأسد

ما قاله مخلوف في التسجيل المصور الأخير، لم يخرج عن إطار ما قاله في المقال الذي نشرته صحيفة الأخبار، مطلع العام الحالي، وما ميزه هو نبرة “الاستجداء” التي أظهرها لرأس النظام، بشار الأسد.

وألمح مخلوف، في التسجيل، إلى استعداده مقاضاة “الحكومة” قائلاً: “الدولة السورية فرضت دفع مبالغ غصباً عنا”، مشيراً إلى أن بحوزته وثائق تؤكد أنه “صاحب حق”.

كما تحدث عن أدواره الخيرية ومؤسسة “جمعية البستان في دعم الحكومة بمشاريع وطنية”.

واستخدم “المليادر” عبارات خلال التسجيل، وصفها البعض بمدغدغات للعواطف كالدين، والوطنية، إذ كرر أكثر من مرة أن “الله سخره لمساعدة الفقراء”، ثم ختم الفيديو مناشداً الأسد التدخل لتقسيط الضرائب، لكي يحمي شركته من الانهيار.

لكن وزارة الاتصالات في حكومة الأسد، وفي اليوم التالي، ردت على فيديو مخلوف، في بيان لها عبر موقع “فيس بوك”، وقالت إن “المبالغ المطلوب سدادها من قبل الشركات الخلوية هي مبالغ مستحقة للدولة، وفقاً لوثائق واضحة وموجودة”.

ابن محمد مخلوف

ينحدر مخلوف من جبلة وهو من مواليد عام 1969، وهو الابن الأكبر (لشقيق أنيسة والدة بشار) محمد مخلوف، الذي كان يدير المصرف العقاري أيام الرئيس الأسبق، حافظ الأسد، بعد أن كان موظفاً بسيطاً قبل ذلك في “المؤسسة العامة للتبغ” التي تملكها الدولة في سورية.

ويدير مخلوف أكبر شركة للهواتف المحمولة في سورية، وهي “سيرياتل”، كما يملك العديد من شركات البناء والنفط، منها “إيما تيل”، “راماك”، “شركة شام القابضة”، وغيرها.

وفي أواخر 2019، كشفت منظمة “غلوبال ويتنس” لمكافحة الفساد أن عائلة مخلوف تتحكم في 60 ٪ من الاقتصاد السوري.

وإلى جانب ما سبق، يملك رامي مخلوف عقارات في العاصمة الروسية موسكو تقدر بـ 40 مليون دولار، وفق منظمة “غلوبال ويتنس”.

إضافة إلى إذاعات موالية لنظام الأسد، كما يملك صحيفة “الوطن” الخاصة، ويدير شركات للسيارات، إضافة إلى نشاطات اقتصادية تتمثل في قطاعات مختلفة مثل الصرافة والغاز والتجارة والعقارات.

وهو مدرج على قوائم العقوبات الأمريكية والأوروبية، إلى جانب أخويه إيهاب وإياد.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا