سوريا.. سيناريو إيراني للقوات الأميركية

تعتبر إيران أنها نجحت في طرد القوات الأميركية من العراق، والتي أنهت وجودها القتالي على الأراضي العراقية في نهاية العام الماضي، وبقي منها فقط القوات التي ترتبط بعقود تدريب مع الدولة العراقية. وكان هذا “الإنجاز” من بين أبرز موضوعات احتفالات طهران بالذكرى الثانية لتصفية الأجهزة الأميركية رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وزعيم الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، في مطار بغداد في الثالث من كانون الثاني 2020.

ومنذ تلك الضربة الموجعة لمشروع إيران في المنطقة، صعّدت طهران ضد الوجود العسكري الأميركي من العراق، فعملت على توجيه ضربات صاروخية ضد القواعد التي يتمركز فيها الأميركيون، ومنها قاعدة “عين الأسد” في محافظة (الأنبار)، قاعدة كركوك، معسكر التاجي ببغداد، مطار بغداد، والسفارة الأميركية في المنطقة الخضراء في العاصمة، وألحقت ضررا بالماديات والأرواح، ولكنه ليس بالقدر الذي يدفع أميركا على الرحيل من العراق، الذي حضرت إليه لأول مرة بالاتفاق مع أطراف المعارضة العراقية التابعة لإيران، من أجل إسقاط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين في عام 2003.

وتتصرف طهران على أساس أنها أجبرت واشنطن في نهاية العام الماضي، على سحب عدة آلاف من جنودها، كانوا موجودين ضمن اتفاق تعاون مع الحكومة العراقية في الحرب على داعش، التي كانت لولا تدخل القوات الأميركية ستدخل بغداد في عام 2014، بعد أن انتزعت من الجيش العراقي محافظة الموصل ومساحات شاسعة من غرب العراق. وفي حقيقة الأمر لم ينسحب الأميركيون من العراق خوفا من إيران أو نتيجة للخسائر التي لحقت بهم من جراء هجماتها، وإنما بسبب توجه اعتمدته الإدارة الأميركية السابقة، واعتبر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وجود آلاف الجنود الأميركيين في العراق مكلفا من الناحية المادية، وعلى الدولة العراقية أن تتحمل النفقات، إذا رغبت في استبقاء قوات أميركية على أراضيها من أجل مهام محددة، ولم يبد ممانعة في الانسحاب وديا، وترك القوات العراقية تتحمل مسؤولية الأمن، من دون أن يأخذ في الاعتبار دور إيران وحضورها في العراق، وهذا استمرار للسياسات التي أرساها سلفه بارك أوباما، الذي ترك لإيران حرية العمل في العراق، في الوقت الذي كانت فيه أميركا هي المسؤولة عن هذا البلد منذ عام 2003.

الوجود العسكري الأميركي بسوريا مختلف عما هو عليه في العراق. أولا من ناحية العدد، فبينما يتجاوز تعداد القوات الأميركية في العراق عشرة آلاف، لا يكاد يبلغ الألف في سوريا. وثانيا، المهمة وجغرافية الانتشار، فالقوات الأميركية حضرت إلى سوريا في مهمة للحرب ضد داعش، تحولت بعد نهاية التنظيم الإرهابي في منطقة “الباغوز” في آذار 2019 إلى إقامة في الشمال الشرقي. ونقطة الاختلاف الثالثة، هي أن القوات الأميركية ليست على تماس مباشر مع الميليشيات التي تتبع لإيران في سوريا، ومع ذلك فإن الأطراف التي بدأت تتحرش بها تابعة لميليشيات الحشد الشعبي العراقي في مناطق الحدود السورية العراقية والبادية، حيث يحتفظ الأميركيون بقوات في قاعدة التنف في البادية من أجل الحرب على داعش.

ومنذ فترة برزت إشارات إلى إمكانية تكرر سيناريو التحرش بالقوات الأميركية من خلال عمليات قصف، وإرسال طائرات مسيرة، وتطور الأمر تدريجيا حتى بلغ في الأسبوع الماضي حد المواجهة في أكثر من منطقة في ريف محافظة دير الزور، وجرى استهداف القوات الأميركية الموجودة في قاعدة حقل العمر بالصواريخ، وعلق قائد قوات التحالف الدولي اللواء جون برینان “الاستهداف لم يوقع أي إصابات”، مشيراً إلى أن عدداً من القذائف سقط داخل القاعدة وتسبب “بأضرار طفيفة”. والملاحظ أن الهجوم تزامن مع هجمات ضد القوات الأميركية في العراق، وفي الذكرى الثانية لمقتل سليماني. وهو الأمر الذي علق عليه الناطق باسم البنتاغون جون كيربي “ما زلنا نرى قواتنا في العراق وسوريا مهدّدة من قبل ميليشيات مدعومة من إيران”.

المصدر تلفزيون سوريا


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا