قادماً من اللاذقية.. شاب سوري يخوض الانتخابات البرلمانية في ألمانيا

قرر الشاب السوري، طارق سعد، الذي قَدم قبل سنوات إلى ألمانيا لاجئاً، أن يخطو خطوة في العمل السياسي، وأن يترشح عن حزبه لخوض الانتخابات البرلمانية، لولاية شليسفغ هولشتاين.

ويشير تقرير نشره موقع “DW” الألماني، أمس الأحد، إلى أن “سعد” ورغم حصوله على الجنسية الألمانية، وانخراطه في العمل السياسي، ودخوله في أروقة صناعة القرار بألمانيا التي تحتضن نحو 800 آلف لاجئ سوري، إلا أنه “لم ينس بلاده يوماً”.

ويقول في هذا السياق: “من الصعب جداً أن أفكر في العودة طالما استمر ديكتاتور يحكم، ولا توجد أدنى فرصة لإقامة نظام ديمقراطي، لكن إن حدث تغيير لبناء نظام سياسي جديد، فمن الأكيد أني سأكون واحد ممن لديهم خبرة سياسية، قد تكون مفيدة للغاية في هذا السياق، وهنا قد أعود وأساعد في البناء”.

“رحلة الوصول”

وصل طارق سعد ابن مدينة اللاذقية إلى ألمانيا قادماً من سورية، بعد إصابته خلال عمله الصحفي عام 2013، ليصبح اليوم واحداً من ألمع السياسيين في ولايته.

يضيف طارق أنه دفع نحو 2000 دولار على مرتين لأحد المهربين، الأولى لنقله إلى تركيا، والثانية لنقله من تركيا إلى اليونان، باستخدام قارب هوائي صغير.

لكن خلال تواجده في اليونان سنحت له الفرصة للسفر إلى هامبورغ.

عند وصوله إلى المطار، يتابع الشاب السوري: “لم يكن برفقتي أحد وكنت صغيراً (نحو 20 عاماً). لم أكن أعرف اللغة الألمانية، لكني تعرفت على سيدة لبنانية في المطار أوصلتني إلى قسم الشرطة، وهناك تقدمت بطلب لجوء تم قبوله بعد 6 أشهر”.

قرر طارق الالتحاق بالجامعة ودراسة العلوم السياسية، لكن دخوله حقل السياسة كان بمحض الصدفة.

ويروي الشاب القصة: “لم أكن أرغب في دخول العمل السياسي في ألمانيا، خاصة بعد التجربة المريرة التي عشتها في سورية، لكن دعتني سيدة ألمانية لحضور مظاهرة تندد بحركة بيغيدا اليمينية المتطرفة، وذهبت وتعرفت على الكثير من الأشخاص”.

وتابع: “فجأة وجدت أمامي رئيس وزراء الولاية، تسوستن البيش، وسط حشد من الصحافة والإعلام، ومن ثم توجهت إليه وخاطبته: “هل لديك فرصة للتدريب لمدة أسبوعين؟ ووافق ودعاني للحضور إلى مقر رئاسة وزراء ولاية شليسفغ هولشتاين، ومن هنا بدأت العمل في السياسة”.

“المسيرة السياسية”

بعد التدريب في مقر مجلس الوزراء، تقدم طارق سعد بطلب للانضمام إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، ومن ثم قرر الالتحاق بالجامعة لدراسة العلوم السياسية.

ويتذكر تلك الفترة، بالقول: “فهمت الكثير عن السياسة الألمانية خلال التدريب، وتعرفت على الكثير من السياسيين، وكيفية إدارة الملفات في أروقة الحكومة”.

بعد انتهائه من الدراسة، قرر طارق المشاركة في أنشطة الحزب بشكل فعال، وبدأ في التعامل مع قضايا الاندماج واللجوء والتنوع، وترشح لمنصب داخل الحزب لتولي هذا الملف.

ويروي في هذا المجال، أنه حصل على أصوات 26 شخصاً مقابل 25 رفضوا، “ربما لم يكن هناك ثقة كبيرة في قدراتي لأني وقتها كنت جديداً في ألمانيا قضيت 4 سنوات فقط، ولم تكن لغتي الألمانية جيدة، ولم أكن قد حصلت على الجنسية الألمانية .. وخلال عامين استطعت أن أجعل اسم طارق سعد معروفاً داخل الحزب”.

“نقاشات الهجرة واللجوء”

وبسبب منصبه الحزبي، تمت دعوته لمجموعات نقاشية عن الهجرة واللجوء، وكان دائم الظهور في الصحافة والإعلام، “وهو أمر كان يقدره الحزب بشدة”.

وعلى المستوى الشخصي، اهتم الشاب بتحسين وضع اللاجئين، الذين وصلوا إلى هنا بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت شتيفتونغ، ووضع مع المؤسسة خطة عمل لمدة 10 سنوات، “حتى يشعر من جاء هنا منذ عام 2015 أن هذا قد أصبح وطنهم بالفعل”.

يقول طارق: “عملت على الملف بجدية وتقدمت بمقترحات لتعديل قوانين. منها مثلاً أن يحصل الشخص على الإقامة الدائمة بعد 3 سنوات من الوصول إلى ألمانيا، وأن يكون التجنيس بعد 5 سنوات، وليس 8 سنوات، وهي من الأمور التي أفتخر أني كتبتها بنفسي، ووصلت إلى رئيس الوزراء أولاف شولتس، ووضعت ضمن برامج عمل الحزب”.

بعدها قرر طارق العمل على ملف الطاقة المتجددة، وهو الملف الذي أسهم فيه بشكل فعال حتى اليوم.

ومن خلال العمل داخل الحزب على ذلك، تعرف على الكثير من الشخصيات السياسية الفاعلة في أحزاب ومؤسسات مختلفة.

مواقف عنصرية؟

يؤكد طارق، بأنه لم يتعرض شخصياً لمواقف عنصرية خارج الحزب، أو عند اختلاطه بالمجتمع، بقوله: “ربما بسبب أني كنت قد تعلمت اللغة بشكل جيد، وأيضاً بسبب مظهري الذي يصعب معه الحكم علي المكان الذي جئت منه، لكن لي أصدقاء تعرضوا لمواقف سيئة خاصة عند البحث عن منزل، أو حتى في الشارع”.

ويضيف أن ما يتعرض له حالياً، هو “بعض الكتابات العنصرية على لوحات الدعاية السياسية التي تحمل اسمي وصورتي كمرشح للانتخابات البرلمانية، مثل التخوف من أسلمة ألمانيا، أو وضع أسماء لجنسيات نفذ أصحابها عمليات إرهابية بألمانيا، أو كلمات تطالبني بالعودة إلى بلدي الأم”.

ويعتقد طارق آسفاً، أنه “مهما اكتسب الشخص من مهارات في ألمانيا فسيظل اللاجئ لاجئاً. ستبقى هذه النظرة”.

ويتابع: “رغم أني حصلت على خبرات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، وكثير مما كتبت أضيف بالفعل لبرنامج الحزب، لكن يبدو أن البعض سيظل لديه تلك النظرة، أني أنا طارق الذي جاء لاجئاً إلى ألمانيا”.

المصدر السورية.نت DW
قد يعجبك أيضا