في اليوم العالمي لحقوق الانسان..واقع المرأة السورية زمن “الحروب والأوبئة”

منذ أحد عشر عاماً وواقع المرأة السورية في تراجع مستمر، حيث تزداد حالات العنف الأسري يوماً بعد يوم، بسبب مجموعة من العوامل التي رافقت واقع المرأة السورية في السنوات الأخيرة، كما تراجع دور المرأة في بعض المجالات الحياتية بسبب التهميش المتعمد لهن خصوصاً في بيئة العمل أو التمثيل السياسي.

وبالرغم من هذا الواقع المفروض مؤخراً إلا أن لمراكز الحماية في دعم النساء، أهمية كبيرة اليوم تنعكس إيجاباً على حياة السوريات في مختلف المناطق السورية والمجتمع السوري بصورة عامة.

نحن في مراكز حماية المرأة السورية في الشمال السوري، على تماس مباشر مع السيدات اللاتي تعرضن للعنف والظلم والإساءة، ونعمل بشكل حثيث على الإجابة على مجمل التساؤلات التي تلخص عمل مراكز تمكين وحماية المرأة، لنكون عوناً حقيقياً لنساء أخريات هم بحاجة ماسة لوقوفنا إلى جانبهم.

ومن التساؤلات المطروحة في سلم الأولويات هي، كيف هو واقع المرأة السورية في مناطق شمال غرب سورية وإدلب؟

نحن نعتبر ان النساء في هذه المناطق، لديهن معاناة حقيقة نتيجة التهجير القسري، وفقدان الأحبّة، والأوضاع المعيشية القاسية، والتي تعتبر مشاكل المجتمع السوري بصورة عامة وليس النساء فحسب.
لكن الجميع يتفق أن إنعكاس هذه المشاكل على حياة النساء بصورة خاصة تكون أقسى بكثير، لأن المرأة عاطفية بطبعها، وتعتبر الحلقة الاضعف والأكثر هشاشة والأكثر عرضة للأذى، خصوصاً في ظروف الحروب أو الاوضاع الميدانية التي تنعكس عليها بشكل سلبي.

العنف ضد المرأة يمثل تحدياً كبيراً لبناء السلام واستدامته وانتشال المجتمع من مشاكله والنهوض به، لأنّ آثاره السلبية تتجاوز المرأة لتطال محيطها بأكمله، وكما نعرّفه نحن هو العنف القائم على النوع الاجتماعي، أي الأذى الذي يُرتكب ضد الشخص بناءً على نوعه أو جنسه و إجباره على القيام بشيء ضد إرادته من خلال تهديد أو إكراه أو خداع أو ضغط، وله أشكال كثيرة تبدأ من الاغتصاب وما يمت إليه كتحرش أو استغلال أو أي فعل غاياته جنسية، إلى العنف الجسدي وما يحويه من أي فعل مؤذي للجسد، إلى العنف النفسي العاطفي، وصولاً للزواج المبكر والقسري وانتهاءً بالحرمان من الحق أو الفرصة أو المورد، كلها زادت بصورة واضحة بعد الحرب منها ما يذيع صيته، ومنها ما يدفن حياً وبصمت.

ويمكن أن نختصر الأسباب التي تدفع المجتمع لتعنيف النساء إلى صاحب سلطةٍ أساء استخدامها، وعدم المساواة بين الذكر والأنثى، بالإضافة إلى التنشئة الإجتماعية التي تبنى على أساس تقليد أو عرف بالي، فضلاً عن عدم التكافؤ في الأدوار الإجتماعية الذي يؤثر على الحق والفرصة والامتياز وعدم وجود حماية قانونية أو معرفة بالحق.

نحن اليوم في اليوم العالمي لحقوق الإنسان نؤكد كمتطوعين في العمل الإنساني، أن جميع الناس  يولدنَّّ أحرارًا بطبيعة الحال، ومتساويات في الكرامة والحقوق والواجبات، وقد وُهبوا العقل والوجدان، ومن حقهنَّ أن يحظينَّ بأفضل الحقوق، ومهما كانت الظروف الإجتماعية التي يعانيها المجتمع يجب أن لا تنعكس أي ظروف مهما كانت قاسية بشكل سلبي على فئة على حساب أُخرى،

من خلال مراكز التمكين والإبداع للنساء في سورية، نهتم بعلاج الاسباب الجذرية الكامنة وراء تعرض المرأة للعنف أو الاستغلال، بالاضافة إلى معالجة المظالم والقضاء على عدم المساواة والسماح للمرأة في صنع القرارات التي تؤثر على حياتها بشكل يومي.

في هذه المراكز تشعر المرأة وكأنها عوّضت بالوطن بعد الهجرة عن البلد الأم وفقد الأهل، كما تجد في هذه المراكز الأذن المُصغية لوجعها واليد الممدودة لعونها، ونستغرب في بعض الأحيان الهجوم المتكرر على هذه المراكز التي تعمل بشكل كبير على المساهمة في إعادة توازن المجتمع، وتغيير الثقافة السائدة فيه  ونشر التوعية الاجتماعية، كما نُحارب بالعمل على تأهيل النساء والرجال بالمهارات الأبوية والأسرية التي تساعدهم على تربية منزلية تهدف إلى تنشئة الأبناء نشأة سليمة، بعيدةً عن العنف ورافضةً لكل ما يشبهه، ونُحارب أيضاً بتكثيف المشاريع المقامة للنساء بهدف التمكين والتعليم والتأهيل.

أخيراً إن المجتمعات التي تحمي وتعزز حقوق الانسان، هي المجتمعات الأكثر قدرة على المواجهة والصمود، ومجهزة بشكل افضل للتصدي للأزمات غير المتوقعة، خاصة في زمن الحروب وانتشار الأوبئة، ويعتبر كل من المساواة وعدم التمييز أساساً للوقاية في الحياة الاجتماعية، وعدم المساواة واستمرار العنف ضد اي جهة في المجتمع وفي مقدمتها النساء تؤدي حتماً إلى دوامة من النزاعات والأزمات المستدامة في المجتمع وتحوله إلى مجتمع مريض يستوجب العلاج.

المصدر السورية.نت


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا