لبنان بموافقة “حزب الله” على الطاولة مع إسرائيل

خلال أقل من أسبوعين، يتوجه وفد حكومي وعسكري ونيابي لبناني إلى الناقورة ليجلس على طاولة الأمم المتحدة مع الوفد الإسرائيلي والوسيط الأميركي للتفاوض حول ملف الحدود البحرية.

المفاوضات الرباعية ستتم إما في 12 أو 14 أكتوبر كما قال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر، وهي تلحق اتفاق الإطار الإسرائيلي – اللبناني الموقع برعاية أميركية والذي تم الإعلان عنه يوم الخميس.

اتفاق الإطار ليس اتفاقا، هو خطوة أولى باتجاه الوصول إلى اتفاق يتم من خلاله ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط وفي المربعات 8 و9 و10 المتنازع عليها بين الجانبين؛ تجدر الإشارة أن رئيس مجلس النواب الأميركي ذكر أن المفاوضات ستطال “ترسيم الحدود البحرية والبرية في جنوب لبنان”، في تناقض مع ما ذكره شنكر.

سياسيا، المفاوضات اللبنانية – الإسرائيلية، ولو أنها محصورة بالحدود البحرية، عرابيها هما رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري والرئيس اللبناني ميشال عون أي حليفي “حزب الله”، وهي ما كانت لتتم من دون موافقته. المبررات والأهداف الأبرز منها هي:

1 – تخفيف الضغط الاقتصادي ووطأة العقوبات: المفاوضات التي استعجل الجانب الأميركي بالإعلان عنها وشكر بري، هي لإيجاد منفس للضغوط الاقتصادية على لبنان وتخفيف وطأة العقوبات التي طالت حلفاء بري وتقترب من دائرة الرئيس عون.

إهداء أميركا والرئيس دونالد ترامب تحديدا ورقة الجلوس مع إسرائيل جاء بعد تفجير المرفأ وفي اتصال هاتفي بين عون وترامب في منتصف أغسطس. النخبة الحاكمة في لبنان ومن يرعى مصالحها في واشنطن تدرك أهمية الملف الإسرائيلي بالنسبة لترامب وتحركت في هذا الاتجاه لاستمالة الإدارة والكونغرس.

2 – شراء الوقت حتى الانتخابات الأميركية في 3 نوفمبر: المفاوضات اللبنانية – الإسرائيلية لا يمكن أن تتم من دون موافقة من “حزب الله” وأميركا تدرك ذلك. هذه الموافقة هي تكتيك من الحزب لشراء الوقت لحين الانتخابات الأميركية في 3 نوفمبر. إعادة انتخاب ترامب، تعني الاستمرار بالمفاوضات فيما قدوم إدارة جديدة تعني رفع السقف والمطالب اللبنانية واستخدام الحدود البحرية لتحسين الشروط مع الإدارة المقبلة.

3 – التحضير لعقود الغاز والنفط: هذه المفاوضات تعني جزئيا أن عون وبري اتفقا مرحليا على تجميد خلافاتهما وصوغ حلول لتقاسم حصص الغاز والنفط في حال تم استخراجها. هذا ينعكس من خلال موافقة كليهما على الدخول بالمفاوضات وتقرير أسماء الوفد المشارك في اجتماع أكتوبر.

4 – حماية النخبة الحاكمة في لبنان: المفاوضات والترحيب الأميركي وضمنيا الدولي يعني أيضا أن الانتقادات للسلطة الفاسدة والمفلسة ستستبدلها اليوم بيانات وخطوات للمضي باتفاق دبلوماسي. رأي الشارع لا يهم السلطة، والجلوس مع إسرائيل هو أسهل أمام هؤلاء من القيام بإصلاحات تطال مع جذور الفساد السياسي في لبنان.

5 – استمالة الكونغرس: المفاوضات تصاحبها حملة مركزة لاستمالة أعضاء الكونغرس بينهم السناتور جين شاهين لمنح لبنان إعفاءات من قانون قيصر تتيح له استيراد الكهرباء من النظام السوري. الخارجية الأميركية تدرس هذه الإعفاءات منذ فترة وعلى الأرجح ستعارضها، لكن تبدل في موقف الكونغرس قد يعطي الإدارة بعض الليونة.

ورقة المفاوضات مع إسرائيل هي مناورة دبلوماسية بامتياز من “حزب الله” وحلفائه لشراء الوقت ومغازلة الجانب الأميركي. نجاحها سيتطلب أكثر من اجتماع في الناقورة ويرتبط بما ستحمله الانتخابات الأميركية ومستقبل العقوبات على لبنان والنخبة نفسها التي فتحت نافذة التفاوض مع إسرائيل.

المصدر الحرة


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا