ماذا بعد إثبات ضلوع نظام الأسد في هجوم دوما الكيماوي؟

لم يعد نظام الأسد “متهماً” من قبل المجتمع الدولي أو تحيط بمسؤوليته مواربة وشكوك بعد التقرير الذي أصدرته منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” وأثببت فيه بالأدلة ضلوع قواته الجوية في استهداف مدينة دوما بغاز الكلور السام في 2018، ما أسفر عن عشرات الضحايا من المدنيين.

وعلى مدى السنوات الماضية لطالما أنكر النظام السوري وحليفته روسيا مسؤوليتهم عن الهجوم الكيماوي، وحتى أنهم حاولوا دحض رواية المسعفين وشهود العيان والناجين الذين شهدوا تفاصيل الجريمة آنذاك، من خلال استعراض روايات لشهود زور من أهالي المدينة نفسها.

وفي سلسلة بيانات نشرتها منظمات حقوقية وإنسانية على رأسها “الدفاع المدني السوري”، اليوم السبت، اعتبرت أن تقرير “حظر الكيماوي” خطوة مهمة وضرورية لإثبات الحقيقة، ومع ذلك “يظل غير كافٍ ما لم تتخذ الأمم المتحدة تدابير جادة وسريعة لتحقيق العدالة والمساءلة”.

وأضاف “الدفاع المدني” أن نتائج تقرير المنظمة تقدم الحقائق في مواجهة محاولات روسيا تضليل الرأي العام العالمي، من خلال حملات التضليل والتحركات الدبلوماسية وترهيب الشهود وتعطيل عمل لجان الأمم المتحدة وفرق التحقيق.

كما توضح النتائج أصوات الناجين والشهود ويثبت وقائع الهجوم ضد الادعاءات الكاذبة والمعلومات المضللة.

ولا يوجد حالياً أي إجراء جماعي دولي لتحميل الأفراد المسؤولية الجنائية عن الهجمات الكيميائية، على الرغم من أن استخدامها محظور بموجب القانون الدولي.

ودعا “الدفاع المدني” إلى تحرك جماعي دولي للتحقيق في جميع الهجمات الكيميائية التي أكدتها المنظمة، وتحميل الأفراد المسؤولية الجنائية.

“انتصار صغير جداً”

وقال المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فرناندو أرياس في بيان، أمس الجمعة، إن “استخدام الأسلحة الكيماوية في دوما – وفي أي مكان – غير مقبول وخرق للقانون الدولي”.

وأضاف: “العالم يعرف الآن الحقائق – الأمر متروك للمجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات، في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وخارجها”.

وجاء في تقرير “حظر الأسلحة الكيماوية” أن طائرة مروحية واحدة على الأقل من طراز Mi-8/17 تابعة لـ”سلاح الجو العربي السوري”، كانت تقلع من قاعدة الضمير الجوية وتعمل تحت سيطرة قوات النمر، أسقطت أسطوانتين صفراء تحويان غاز الكلور السام في 7 نيسان / أبريل 2018.

وأضافت أن الأسطوانات أصابت مبنيين سكنيين في وسط دوما.

وذكر التقرير أن أول أسطوانة “تمزقت وسرعان ما أطلق غاز الكلور السام بتركيزات عالية جداً، وتناثر بسرعة داخل المبنى، مما أسفر عن مقتل 43 فرداً محددين وإصابة العشرات”.

وتحطمت الأسطوانة الثانية في شقة وأطلقت ببطء بعض الكلور “مما أثر بشكل طفيف على أولئك الذين وصلوا أولاً إلى مكان الحادث”.

وأشار تقرير المنظمة إلى أن المحققين فحصوا 70 عينة بيئية وطبية و 66 إفادة شاهد وبيانات أخرى بما في ذلك التحليل الجنائي وصور الأقمار الصناعية ونمذجة تشتت الغاز ومحاكاة المسار.

وأوضح مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“، فضل عبد الغني أن تقرير المنظمة يستند إلى منهجية مركبة وصارمة، وإلى “كم ضخم من الأدلة وإمكانيات مخبرية لا تمتلكها سوى قلة من الدول”.

وقد رسمت المنهجية سيناريوهات متعددة خلصت من خلالها إلى النتيجة التي وصل إليها التقرير، وهي ضلوع نظام الأسد في الهجوم الكيماوي.

وقال عبد الغني إن “التقرير يعتبر وثيقة تاريخية تشكل إدانة قوية للنظام الأسدي المتوحش ولحليفه الروسي الذي بذل جهوداً جبارة لعرقلة التحقيق وترهيب الشهود”.

وأضاف: “التقرير يخلص و بشكل واضح لمسؤولية النظام السوري، ويبين أن المتسبب بالضربة هو مروحية تتبع قوات النمر ألقت بعبوتين محملتين بغاز الكلور فوق مبنى سكني ما تسبب بوفاة 43 شخص من سكان البناء تم تحديدهم بالأسماء جميعاً”.

بدوره قال الطبيب السوري ابن مدينة دوما، محمد كتوب إن “التقرير وإن كان حتى الآن لا يترافق مع أي خطوات جدية اتجاه محاسبة الأسد، ولكنه انتصار صغير جداً للشهود الذين تحملوا كل الضغوط والترهيب، الذي كان يصلهم عبر أصدقاء طفولتهم بعدما استخدمهم النظام”.

وأضاف عبر منشور في “فيس بوك”: “أكوام من التحقيقات والمجرم ما زال طليقاً وشهود الزور سيحملون إثمه معهم لآخر عمرهم”.

“إدانات دولية”

وفي بيان مشترك عبّر وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، عن “إدانتهم الشديدة” لاستخدام النظام السوري أسلحة كيماوية، مؤكدين التزامهم بمحاسبة مرتكبي هذه الهجمات في سورية وخارجها.

وجاء في بيان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ونظرائه في بريطانيا وفرنسا وألمانيا: “تدين حكوماتنا بأشد العبارات استخدام النظام السوري المتكرر لهذه الأسلحة المروعة”، مطالبين نظام الأسد بـ”الامتثال فوار لالتزاماته بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.

وأبرز البيان أن على النظام السوري “الإعلان بشكل كامل عن برنامج أسلحته الكيماوية والتخلص منها، والسماح بنشر موظفي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سوريا للتحقق من قيامه بذلك”.

ودعا وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا روسيا إلى “الكف عن حماية سورية من المساءلة عن استخدامها للأسلحة الكيماوية”، مبرزين أنه “لا يمكن لأي قدر من المعلومات المضللة من الكرملين إخفاء يده في تحريض نظام الأسد”.

وتابعوا: “كل التضليل الإعلامي في العالم لن يكون قادراً على إخفاء الدور الذي لعبه الكرملين في تشجيع نظام الأسد”.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا