مخيمات النزوح غارقة مجدداً..ما الذي تغير بين الشتاء الماضي والحالي؟

390 مخيماً عشوائياً ونحو 400 ألف شخص يواجهون مخاطر الشتاء والبرد

مع أول عاصفة مطرية تضرب الشمال السوري، مطلع فصل الشتاء الحالي، استفاق سكان المخيمات، خلال اليومين الماضيين، على وقع مياه تسربت إلى فراشهم وأحاطت بخيمهم، لتنذر بأزمة شتوية شبيهة بالتي حصلت العام الماضي، أو ربما أقسى.

و انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الخميس، لمخيمات غارقة بمياه الأمطار والسيول، كانت كفيلة بنقل جزء بسيط من معاناةٍ لازمت سكان المخيمات على مدى 9 سنوات من عمر الحرب والقصف والتهجير في سورية، دون إيجاد حل جذري ينهي تلك المعاناة، أو حتى حل مؤقت يقي النازحين حر الصيف وبرد الشتاء.

فهنا يظهر صوت امرأة في أحد مخيمات النزوح العشوائية تطلب من ابنتها رفع أخيها الصغير عن الأرض كي لا يتضرر من المياه التي أغرقت خيمتهم، في حين يعلو على صوت الأم صوت بكاء أطفالها، وهم ينظرون إلى أغراضهم التي تجرفها السيول، وهناك يُمسك نازحون مجارفهم لمنع المياه من الدخول إلى خيامهم دون حول ولا قوة.

ورغم المشاريع التي تم تنفيذها خلال الصيف المنصرم لاستبدال الخيم القماشية بخيم إسمنتية، كانت الصدمة الكبرى هو انهيار جزء من تلك الخيام الإسمنتية فوق ساكنيها لعدم وجود دواعم، ما أدى لتسرب المياه إلى داخل الخيمة وإلحاق أضرار مادية كبيرة، مع أولى الهطولات المطرية التي شهدتها المنطقة خلال اليومين الماضيين.

عام أسوأ من الذي قبله.. هل فات الأوان؟

المأساة التي تفاقمت خلال الشتاء الماضي في مخيمات الشمال السوري، نتيجة تضرر أكثر من 7 آلاف عائلة من الهطولات المطرية والثلجية، دفعت كثيرين للتساؤل عن التغييرات والتحضيرات التي تم العمل عليها لتجنب حدوث كوارث مماثلة هذا الشتاء؟

اعتبر مدير فريق “منسقو استجابة سوريا”، محمد حلاج، أن الاستجابة لأزمات الشتاء هذا الموسم قد تأخرت، مشيراً إلى أن الانتباه لحجم الكارثة بدأ بعد تضرر 51 مخيماً خلال يومين من الهطولات المطرية فقط.

وأضاف حلاج لـ”السورية نت” أن الشتاء الماضي شهد 6 هطولات مطرية قوية ألحقت أضراراً بنحو 7 آلاف عائلة، إلا أنه مع بدء أولى الهطولات المطرية لهذا الموسم تضررت نحو 3500 عائلة، رغم أن فصل الشتاء لا يزال ببدايته.

وحسب ذات المتحدث، فقد تشهد مخيمات النزوح في الشمال السوري أوضاعاً مأساوية هذا الشتاء، أكثر من الموسم الماضي، متحدثاً عن تغييرات للأسوأ وليس للأفضل.

وأرجع مدير “منسقو الاستجابة” الأمر إلى عدم وجود أي تجهيز مسبق من قبل الأهالي أو من قبل المنظمات الإنسانية العاملة، مضيفاً: “هناك حلول إسعافية نطلبها من الأهالي دائماً، مثل حفر خنادق صغيرة في محيط الخيام وفي محيط المخيمات، على اعتبار أن الخنادق تمتص الصدمة المائية الأولى الناجمة عن الفيضانات”.

من جانبه، وَصفَ فراس خليفة، عضو المكتب الإعلامي في منظمة “الدفاع المدني السوري”، الوضع في المخيمات بالـ”مأساوي” في مخيمات النزوح، مشيراً إلى عدم وجود تغييرات إيجابية بين الشتاء الماضي والحالي، على اعتبار أن النزوح لا يزال قائماً.

وأضاف خليفة في حديثه “السورية نت”، أن الحل الوحيد لتفادي أزمات الحر والبرد في المخيمات هو توقف القصف وعودة النازحين لبلداتهم وقراهم، مشيراً إلى أن تصعيد القصف من قبل النظام وروسيا، خلال الأيام القليلة الماضية، على ريف إدلب الجنوبي سيُحدث موجات نزوح جديدة وبالتالي ستظل الأزمات الموسمية قائمة.

كيف أثرت جائحة “كورونا” على المساعدات المقدمة للمخيمات؟

بدت جهود الاستجابة لفصل الشتاء هذا الموسم خجولة نسبياً، اقتصرت على قيام بعض المنظمات بتركيب عوازل مطرية وعوازل أرضية داخل بعض المخيمات، وإجراء إصلاحات بسيطة في الصرف الصحي.

إلا أن مدير فريق “منسقو استجابة سوريا”، محمد حلاج، اعتبر أن هناك حاجة ماسة لتعبيد الطرقات داخل المخيمات، مشيراً إلى أن ذلك صعب حالياً بسبب عدم قدرة المنظمات على تعبيد كافة الطرقات، نتيجة قلة الدعم الدولي المُقدّم.

وأشار حلاج إلى أن المساعدات الشتوية المقدمة للنازحين هذا العام ستكون أقل من الموسم الفائت، على اعتبار أن الدعم الدولي أقل هذا العام، بسبب تخصيص جزء كبير منه لمكافحة فيروس “كورونا” المستجد، والذي انتشر بشكل كبير في مناطق الشمال السوري، الخارج عن سيطرة النظام.

ومع ذلك، تحدث عضو المكتب الإعلامي في “الدفاع المدني”، فراس خليفة، عن إجراءات إسعافية يجري العمل عليها حالياً لتفادي أكبر قدر ممكن من الأضرار، مشيراً إلى أن المنظمة كثفت من مراكزها في محيط المخيمات للاستجابة لجميع حالات الغرق وإبعاد مياه الأمطار عن المخيمات.

وتحدث خليفة عن مخاطر كبيرة يواجهها النازحون حالياً، ومن بينها انخفاض درجات الحرارة وغرق الخيام، ما قد يؤدي إلى انتشار الأمراض فيما بينهم والتي تصل في بعض الحالات إلى الوفاة.

من هم الأكثر عرضة للخطر؟

من أبرز المخيمات التي تضررت من الهطولات المطرية الأولى لهذا الموسم هي: مخيم أطمة وحزانو وحول باريش ودير حسان والسكة وغيرها من المخيمات العشوائية، التي تسللت السيول لداخلها.

مدير فريق “منسقو الاستجابة”، محمد حلاج، اعتبر أن جميع المخيمات دون استثناء معرضة لخطر السيول والفيضانات، إلا أن المخيمات الأكثر عرضة للخطر من غيرها هي تلك الواقعة في مجاري الأنهار الجافة والوديان.

وأضاف أن معظم مخيمات الشمال السوري مشيدة على تربة حمراء وهي تربة غير صالحة لإقامة مساكن عليها، كونها تمتص المياه بشكل كبير، ما قد يؤدي إلى ارتفاع منسوب ما يُعرف بـ “البساط المائي”، الذي يُلحق بدوره أضراراً كبيرة بالمخيمات وساكنيها.

وبحسب إحصائيات “الدفاع المدني” يوجد في الشمال السوري أكثر من 390 مخيماً عشوائياً(من أصل نحو ألف مخيم)، مهدداً بالغرق بأي لحظة، يقطنها أكثر من 400 ألف نسمة معرضين لخطر الموت من البرد.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا