موسكو تتوسط بين واشنطن وطهران

أعلنت الخارجية الروسية الخميس في 4 من الجاري ، أن روسيا مستعدة للتعاون مع الإدارة الأميركية الجديدة في مسألة “إنقاذ” الصفقة النووية مع إيران . وقالت الناطقة الرسمية باسم الخارجية ماريا زاخاروفا ، أن روسيا على استعداد “للتعاون الوثيق” مع الأطراف الآخرين في الصفقة المعنية لبلوغ هذا الهدف ، وكذلك “للتعاون البناء” بهذا الشأن مع الإدارة الأميركية الجديدة . وأشارت زاخاروفا ، إلى أن أعمال طهران الراهنة في التخلي عن إلتزاماتها بموجب الصفقة المعنية ، هي تحت الرقابة المشددة من قبل وكالة الطاقة النووية ، ولا تتخطى أطر معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

وكانت نوفوستي قد نقلت في اليوم عينه عن السفير الإيراني في روسيا كاظم جلالي تصريحه في مؤتمر صحافي في مقر “روسيا اليوم” ، بأن إيران تأمل أن تتمكن الولايات المتحدة ، قبل إنقضاء الوقت المحدد ، من تعويض الأضرار ، التي لحقت بإيران . وقال السفير ، بأن على الولايات المتحدة في المرحلة الأولى ، أن ترفع العقوبات ، وأن إيران تنتظر أعمالاً وليس شعارات وتصريحات ، كما سبق وقال وزير الخارجية محمد جواد ظريف.

يبدو مما تنشره المواقع الإعلامية ، أن واشنطن وطهران تعدان كل أوراقهما ، إستعداداً للصفقة النووية القديمة ـــــــــــ الجديدة بينهما . فقد نقلت صحيفة الكرملين “vz” عن مساعد الرئيس الأميركي للأمن القومي جيك سوليفان قوله ، بأن الولايات المتحدة تتفاعل الآن مع الإتحاد الأوروبي ، وخاصة مع الأعضاء الثلاثة في منصة “خمسة زائد واحد” : ألمانيا وبريطانيا وفرنسا ، وتتحدث معهم على مستويات مختلفة . وستفضي هذه الإستشارات ، برأيه ، إلى تشكيل جبهة موحدة بشأن الإستراتيجية حيال إيران وحيال الدبلوماسية بالموضوع النووي.

وتنقل الصحيفة عن المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس قوله ، بأن الإدارة الأميركية الجديدة لن تقدم على التواصل مع السلطات الإيرانية قبل أن تتخذ طهران خطوات لتنفيذ إتفاقية الصفقة النووية الإيرانية . وتقول الصحيفة ، بأن موسكو دعت طهران لعدم إتخاذ خطوات تعقــــــد تنفيذ الصفقة النوويــة ، وأشارت إلى أن الخارجية الروسية شددت على أن عودة الولايات المتحدة إلى تنفيذ إلتزاماتها بإتفاقية الصفقة النووية ، لا ينبغي أن تصبح مادة للمساومة ، أو حجة لإعادة النظر بالصفقة ، وفرض شروط إضافية على إيران ، أو بقية الأطراف المشاركة في الإتفاقية.

موقع “ruherald” الأميركي الناطق بالروسية قال ، بأن الولايات المتحدة تتقبل ببرودة الفكرة الإيرانية حول الخطوات المتزامنة في الصفقة النووية . وقال ، بأن الولايات المتحدة استقبلت ببرودة إقتراح إيران ، بأن تقدم كل من واشنطن وطهران على خطوات متزامنة للعودة إلى الصفقة النووية مع إيران . وكان وزير الخارجية الإيراني إقترح ، مطلع الشهر الجاري ، مثل هذه الخطوات المتزامنة كوسيلة للخروج من المأزق مع واشنطن . وكانت هذه المرة الأولى ، برأي الموقع ، التي يلمح فيها جواد ظريف ، إلى أن إيران قد تخفض من مطلبها ، بأن تخفف الولايات المتحدة من عقوباتها الإقتصادية ، قبل أن تعود طهران لتنفيذ الإتفاقية.

ونقل الموقع عن الناطق بإسم الخارجية الأميركية نيد برايس قوله ، بأن “ليس لدينا” أية مفاوضات مع الإيرانيين ، وليس من المتوقع أن تجري مثل هذه المفاوضات ، قبل إستشارات إدارة بايدن مع “الحلفاء والشركاء والكونغرس” . وقال ، بأن ثمة الكثير من الخطوات ، التي ينبغي القيام بها في هذه العملية ، قبل بلوغ التواصل المباشر مع الإيرانيين ، وتصبح الولايات المتحدة حينها مستعدة لتقبل “أية إقتراحات”.

صحيفة “NG” السياسية نشرت للسفير الروسي الأسبق في إيران ، وخبير منتدى “فالداي” في 3 من الشهر الجاري نصاً بعنوان “طهران ترفع الرهانات في المساومة مع واشنطن” ، وآخر ثانوي “لماذا يجب الإسراع في إنقاذ “الصفقة النووية”” ، قال فيه ، بأن طهران وواشنطن تدركان أهمية العودة إلى إتفاقية الصفقة النووية . فمن المهم ، بالنسبة لواشنطن ، أن تعود طهران للوفاء بالتزاماتها في الصفقة النووية ، التي تحد بشكل كبير من نشاطاتها النووية ، وتقفل الطريق ، عملياً ، على إيران لحيازة السلاح النووي . وبالنسبة لطهران ، من المهم رفع العقوبات ، التي فرضها دونالد ترامب ، والعودة إلى تصدير النفط ، ولو جزئياً ، ورفع الحظر عن التحويلات المالية.

ويعتبر الكاتب ، أن الحديث لا يدور عن إمكانية عودة الولايات المتحدة إلى الصفقة ، بل عن موعد هذه العودة ، ومن يبدأ العملية أولاً . فلا طهران ولا واشنطن مستعجلتان للقيام بالخطوة الأولى ، لأن ذلك سوف يعتبر من أعداء الصفقة في البلدبن علامة ضعف وتراجع.

ويقول بأن الجانب الإيراني يشير ، محقاً ، إلى أن الجانب الأميركي هو من خرق إلتزاماته أولاً ، وطهران لم تخرج من الصفقة ، وإن كانت قد اضطرت للرد بعدد من الإجراءات الملحوظة ، بالمناسبة، في الإتفاقية عينها ، ودفعتها إليها سياسة “الضغط الأقصى” للإدارة الأميركية السابقة . ونتيجة لتلك السياسة تراجعت في إيران الثقة بواشنطن حتى الصفر ، وإن كانت طهران ستكون ، مع ذلك ، مستعدة للعودة كلياً لإحترام إلتزاماتها ، ما أن تعود الولايات المتحدة إلى الإتفاقية.

يشير الكاتب إلى وقوف السعودية والإمارات وإسرائيل بحزم ضد الصفقة النووية ، وإلى سعي إسرئيل لإقامة تكتل مع هذه الدول معاد لإيران ، ويحظى بتأييد الولايات المتحدة , ويبدو أن إدارة بايدن ، التي تجري تصحيحاً لسياسة ترامب الشرق أوسطية ، سوف تواجه مهمة صعبة في لجم نشاط إسرائيل المعادي لإيران ، والذي يهدد بإحباط محاولة الولايات المتحدة العودة إلى الصفقة النووية.

سياسة “الضغط الأقصى” ، التي إنتهجها ترامب حيال إيران ، أضعفت بشدة مواقع الجناح البراغماتي في القيادة الإيرانية بزعامة الرئيس حسن روحاني ، الذي راهن في حينه على إتفاقية الصفقة النووية . وبعد خروج واشنطن من الصفقة ، وتشديد العقوبات الأميركية ، وجدت حكومة روحاني نفسها مكرهة ، تحت ضغط المحافظين ، للتخلي عن جزء من إلتزاماتها في الصفقة ، بما فيها رفع نسبة تخصيب اليورانيوم ، والإعلان عن قرب الحد من صلاحيات مراقبي وكالة الطاقة النووية.

الدوائر الراديكالية المحافظة في القيادة الإيرانية ترفع رهاناتها في المساومة المقبلة مع الإدارة الأميركية بشأن الصفقة النووية . وثمة ما يكفي من الأسس لتوقع إنتصار هذه الدوائر في الإنتخابات الرئاسية القادمة . فإذا لم تتم العودة حتى ذلك الحين إلى الصفقة النووية ، سيكون ذلك أصعب بما لا يقاس في ظل السيطرة الكاملة لهذه الدوائر على السلطة في إيران.

المصدر المدن


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا