هل تختطف “الفصائل العسكرية” حراك الشارع في شمال سورية؟

خلال هجوم “هيئة تحرير الشام”، على منطقتي عفرين وإعزاز شمالي حلب نادت مظاهرة شعبية وسط مدينة إدلب يوم الجمعة بـ”توحيد الصفوف وتحرير البلاد”، وهو ما اعتبره ناشطون دعماً مبطّناً تتلخّص أبرز أهدافه بـ”إنشاء إدارة مدنية وعسكرية وأمنية موحّدة تحت قيادة الهيئة” لمنطقة شمالي غربي سورية.

وكان لافتاً احتفاء الإعلام الرديف والمعرّفات المقرّبة من “تحرير الشام” بالحراك المنادي بـ”توحيد الصفوف” وسط إدلب، ونقاط أخرى في المحافظة، فيما اتهم ناشطون “تحرير الشام” بالدفع نحو هذه التظاهرة، تزامناً مع حراك شعبيّ مناهض لها في مدينة إعزاز، يرفض دخولها للمدينة.

وفي إعزاز شمالي حلب، التي تعتبر معقلاً لـ”الجبهة الشامية” أحد أكبر فصائل “الفيلق الثالث” المتصارع مع “هيئة تحرير الشام”، ورغم الاتفاق الموقّع بين الطرفين، تمسّك سكّانها بمطالبهم الرافضة لدخول الأخيرة إلى مدينتهم.

وعلى وقع التظاهرات المتضادة، بين المنطقتين، وملامسة مطالبها لحالة “الاقتتال العسكري” تخوّف ناشطون محليّون، عبر تعليقات مختلفة، من استقطاب الفصائل لحراك الشارع، واختطاف الحراك الشعبي في المنطقة لصالح أهداف الفصائل المتصارعة.

وفي وقتٍ تفرض فيه “تحرير الشام” على المظاهرات ترخيصاً في مدينة إدلب، تتمتع منطقة ريف حلب الخاضع لـ”الجيش الوطني” بهامش أكبر من الحريات في التظاهر، بسبب تعدد الجهات الأمنية والفصائل العسكرية.

“الحراك موؤود في إدلب”

يوضح إبراهيم باريش، ناشط ثوري أنّ “الحراك كان موجوداً بشكل عفوي ومنسّق، لكن في المرحلة الأخيرة تطلّب ترخيص الحراك قبل المظاهرة وخاصة في إدلب المدينة”.

ويردف باريش وهو منسق “تحالف الحراك الثوري” لـ”السورية. نت”: “لا يوجد حراك حر في إدلب.. لقد تم وأده منذ مدّة”.

ويعترض التظاهر داخل مدينة إدلب، طلب الترخيص من “الجهاز الأمني”، إذ يُطالب المنظّمون بإعلان شعارات ومطالب المظاهرة قبيل تنظيمها، وهو ما يعتبره القائمون على المظاهرات، تقييداً وإجهاضاً لحراكهم.

يقول ناشط إعلامي، مقيم في إدلب، (فضل عدم الكشف عن اسمه) إنّ “مطالب فتح الجبهات أو انتقاد الحكومة غير مرحّب بها في المظاهرات، لذلك تمّ تقييد التظاهر بالترخيص”.

ويضيف لـ”السورية. نت”: “المظاهرات المباحة في إدلب يجب أن تهتف فقط ضد النظام السوري، وهذا الأمر هو أساس حراكنا.. لكن لا يعني أن يبتعد حراك الشارع الثوري عن مطالب ونبض الشارع في المنطقة”.

في هذا السياق، يقول باريش: “كان الهدف من هذه الإجراءات، ضبط توجّه الشارع، وتوجيهه لمدح وتلميع سلطات أمر الواقع.. أي رقص وتهريج”.

ويضمّ تحالف الحراك الثوري، حراك كل من “مدينة سراقب وإدلب، وريف حماة، وتجمع النّاجيات”.

“اعزاز..المطالب شعبية”

يفصل محتجون في ريف حلب، بين موقفهم من الفصائل العسكرية ومطالبهم “الشعبية” الرافضة لـ”دخول تحرير الشام”، رغم اتفاق هذه المطالب مع رغبات “الفيلق الثالث”.

يجد في هذا السياق، عبد القادر حاج عثمان وهو ناشط إعلامي من مدينة اعزاز ومشارك في الاحتجاج، أنّ “دوافع الشارع للاحتجاج على دخول تحرير الشام متفاوتة.. إلا أنّ قسماً كبيراً من المحتجّين ندددوا بدخول الهيئة، رغم اتفاق الأخيرة، مع الفيلق الثالث”.

ويدلل المحتجّون على “عفوية مطالبهم” أنها بقيت مستمرة رغم اتفاق الطرفين (الفيلق الثالث وتحرير الشام).

ويضيف عبد القادر لـ”السورية.نت”: “لا يمكن وصف حراك كبير مثل الذي شهدته مدينة اعزاز بالتسيس من جهة عسكرية ما، رغم تشجعيها له”.

ويوضح عبد القادر، حول طبيعة الحراك، أنّ “المظاهرات كانت احتجاجية على فكرة قيادة أبو محمد الجولاني والهيئة، للملفات العسكرية والأمنية والإدارية في المنطقة، وليس ضدّ دخول (تحرير الشام) بالمطلق للمنطقة”.

ويلفت إلى أنّ “الحراك الشعبي في المنطقة هو مستمر منذ سنوات، ضد الاقتتالات الفصائلية وضد انتهاكات الفصائل العسكرية وليس وليد اللحظة، وهو ما يدلل على مبدئيته وعدم ارتهانه لمصلحة فصائلية أو اصطفاف آني”.

ويرى المتظاهرون في شمالي حلب أنّ “أبناء المنطقة من الفصائل والكوادر الإدارية هم أولى بإدارتها من غيرهم، بما فيهم تحرير الشام”، و”هي دافع قوي لخروج الاحتجاجات والمتظاهرين”، حسب عبد القادر.

“نماذج ناجحة”

قدّم المتظاهرون في مدن وبلدات ريف حلب، نماذج ناجحة للتظاهر السلميّ، في وجه السلطات المحليّة، بعد نجاحها في تحقيق مطالبها.

وكان أبرز تلك الاحتجاجات، ضد إطلاق “الشركة العسكرية في مدينة الباب” سراح عنصر سابق في قوات الأسد (الفرقة الرابعة)، محمد حسان المصطفى، التي أفضت إلى إعادة اعتقاله مع قياديين متورطين في إطلاق سراحه.

مدينة الباب..تجدد الاحتجاجات و”الدّفاع” تشكل “لجنة عسكرية”

وتوقفت المواجهات بين “الفيلق الثالث”، و”هيئة تحرير الشام”، بعد دخول الأخيرة بلدة “كفرجنة” بريف مدينة عفرين الأسبوع الماضي.

وسبق الهجوم، اتفاق بين الفصيلين المتصارعين، ممهوراً بتوقيع قائد “تحرير الشام”، أبو محمد الجولاني من جهة، وحسام ياسين (أبو ياسين) قائد “الفيلق الثالث”.

وتنص بنوده على وقف إطلاق نار كامل وإنهاء الخلاف الحاصل بين الطرفين، وإطلاق سراح كافة الموقوفين في الأحداث الأخيرة، وعودة قوات “الفيلق الثالث” إلى مقراته وثكناته.

وقضى أيضاً بفك الاستنفار العسكري الحاصل من جانب “تحرير الشام”، وأن يتركز عمل “الفيلق الثالث” في المجال العسكري فقط، فضلاً عن بنود أخرى آخرها استمرار عمليات التشاور وإصلاح المؤسسات المدنية في المرحلة المقبلة.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا