هل حُسم مصير “زيارة عيد” السوريين لصالح المعارضة التركية؟

حازت مسألة “زيارة العيد” الخاصة بالسوريين المقيمين في تركيا، ومدى مشروعيتها أو عدمها، حيزاً من السجال السياسي الحاصل بين مسؤولين من الحكومة التركية ومعارضيها خلال الأيام الماضية.

وأشعل المواقف في هذا الجانب، ما ذكره حليف أردوغان الأبرز، رئيس حزب “الحركة القومية”، دولت باهتشلي، عندما قال صباح الاثنين الماضي، إن اللاجئين السوريين “الذين يمكنهم الذهاب إلى بلدهم خاصة في الأعياد، غير مضطرين للعودة”، في إشارة إلى السوريين من حملة الإقامة المؤقتة، الذين تمنحهم تركيا حق زيارة بلادهم لقضاء إجازات عيدي الفطر والأضحى.

ودعا باهتشلي في تصريحات نشرها موقع صحيفة “حرييت“، إلى “ترحيل من يخلّون بالأمن العام والمجتمعي” من السوريين إلى خارج الحدود “دون شفقة”. حسب وصفه.

بعد ساعات من موقف باهتشلي، ظهر وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، معلناً عزم بلاده فرض قيود على السماح للسوريين من حملة هوية الحماية المؤقتة “الكمليك”، فيما يتعلق بزيارة العيد، دون توضيح هذه القيود، أو تاريخ تطبيقها.

الجدل التركي، تزامن مع خبر نشرته وكالة الأناضول، حول إلغاء زيارة العيد الممنوحة للسوريين، قبل أن تعمد إلى تعديله بصيغة أخرى، تشير فيه إلى أن هناك “دراسات لتقييد هذه الزيارات”.

كما تزامن أيضاً، مع معلومات حول إغلاق بعض المعابر أبوابها، أمام الراغبين بقضاء زيارة العيد، وأن هناك رسائل وصلت إلى بعض من تقدم بطلب الزيارة وحجز موعداً، تتضمن إلغاء طلبه.

هذه الأنباء، أكدت تقارير إعلامية لاحقة عدم صحتها، مشيرة إلى استمرار دخول السوريين الراغبين بقضاء زيارة العيد داخل بلادهم من خلال معبر باب السلامة، لتخرج إدارة الأخير في ساعات متاخرة من أمس الأربعاء، معلنة إنتهاء دخول الدفعة الأول، وتأجيل دخول الدفعتين الثانية والثالثة “حتى إشعار آخر”. وهو ما يدلل على وجود قرار ربما اتخذ بإيقاف “زيارة العيد”.

في سياق متصل، لعل الرقم الصادر من المعبر ذاته قبل ساعات من قرار إيقاف استكمال عبور السوريين، وهو نحو 3150 زائراً فقط، من الدلائل على مدى تأثيرات الحملة الحالية التي تستهدف “زيارة العيد”، إذا ما جرى مقارنة هذا العدد بعدد الداخلين من ذات المعبر العام الماضي، وهو 22 ألفاً و463.

جدل سوري سوري

ما ميز مشكلة “إجازة العيد” هذه المرة، أنها لم تثير تجاذب وجدل بين مسؤولين وسياسيين أتراك فقط، بل أثارت كذلك سجالاً بين سوريين في تركيا، حول مشروعيتها، وإن اشترك الجميع في التخوف من نتائجها في المستقبل القريب.

في مواقع التواصل، انتشر سجال وجدل بين من يرى بأن “زيارة العيد” من حق السوريين، وبين من نصح الراغبين بقضاءها  داخل البلاد بالتمهل، وهناك من وجد عدم مشروعيتها القانونية.

مدير تجمع المحامين السوريين (منظمة حقوقية مرخصة في تركيا)، المحامي غزوان قرنفل، وفي منشور على صفحته في “فيسبوك”، رأى بأن “الزيارة نفسها ليست حقاً قانونياً لمن هو تحت الحماية”.

وحسب رأيه، فإن “كل قوانين اللجوء والحماية لا تتيح للاجئين الفارين من بلدهم بسبب الحرب أو الاضطهاد، أن يعود أحدهم لنفس هذا البلد مقيماً أو زائراً طالما هو لاجئ، أو حاصل على الحماية”.

وأضاف: “يترتب على مخالفة ذلك إلغاء اللجوء أو الحماية عنه، ولا تعتبر إجازة الحكومة التركية لهؤلاء بتلك الزيارة، إلغاء للموجبات القانونية المقررة بقوانين اللجوء والحماية، التي ستأتي لحظة ويتم توظيفها ضد كل من ذهب في تلك الزيارات، ويتم إسقاط الحماية عنه”.

ودعا قرنفل، كل من اتخذ قرار الحصول على إجازة العيد، إلى “التفكير في المعطيات والظروف المحيطة، خاصة مايتعلق منها بالقرارات الفجائية وغير المتوقعة والمتناقضة أحياناً، المتعلقة بأوضاع السوريين القانونية في تركيا”.

ونساءل: “ماذا لو صدر قرار باعتبار أولئك المغادرين في تلك الزيارات، آمنين على أنفسهم ولم يعودوا بحاجة لتلك الحماية، وبالتالي إلغاء الحماية عنهم، واستطراداً منعهم من العودة؟”.

بعض المواقف من سوريين، تماشت مع مواقف المعارضة التركية في هذا المجال، ومنهم من اعتبر أن الزيارة تعتبر “قمة في الاستفزاز للمجتمع التركي”، ليتلقى عقب ذلك سيل من التعليقات الناقدة، والرافضة.

وتتيح السلطات التركية لمن يرغب من السوريين المقيمين على أراضيها، قضاء زيارة عيدي الفطر والأضحى في سورية، لكنها اتخذت تدابير وإجراءات في العامين الماضيين، ومنعت بموجبها عبور أي سوري إلى الداخل خلال فترة الأعياد، بسبب انتشار فيروس كورونا.

وعقب انحسار المرض بشكل كبير، والتخفيف من الإجراءات المتعلقة به، أعلن معبر جرابلس في 28 سبتمبر/ أيلول 2021، عن بدء منح “زيارات خاصة”، للشمال السوري، لتتبعها بوابات أخرى بين البلدين في الإعلان ذاته.

وقبل جائحة كورونا، كان أمام السوريين الراغبين بقضاء زيارة العيد، 4 معابر للدخول إلى بلادهم، وهم: باب السلامة، وجرابلس، وباب الهوى، وتل أبيض.

ويبلغ عدد السوريين في تركيا نحو 3.8 مليون، حسب بيانات دائرة الهجرة التركية، يقيم أغلبهم في ولايات اسطنبول وعينتاب وأورفا.

هل حُسم الجدل للمعارضة؟

قرار باب السلامة الخاص بإيقاف استكمال إدخال السوريين، وكذلك تضاؤل أعداد الراغبين بهذه الزيارة مقارنة بالأعوام السابقة، دلائل تُشير  إلى تنفيذ الحكومة التركية لرغبة المعارضة في هذا الموضوع، إذ تعتبر الأخيرة أن قضاء آلاف السوريين أيام العيد في بلدهم كل سنة، دليل على أنهم يستطيعون البقاء هناك بشكل دائم دون عوائق.

ويخشى كثير من السوريين في تركيا، أن تتزايد حدة الخطابات ضدهم، والتي تتبناها أحزاب تركية ضمن سباق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في السنة القادمة.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا