وفاة الشيخ جودت سعيد..داعية “اللاعنف” في مواجهة الإستبداد

توفي المفكر  السوري، جودت سعيد، فجر اليوم الأحد في مدينة إسطنبول التركية، عن عمر يناهز 91 عاماً.

ونعت شخصيات فكرية وسياسية سورية، جودت سعيد، من بينهم الدكتور عبد الكريم بكار، الذي قال إن “أمة الإسلام فقدت اليوم واحداً من رموز المفكرين المسلمين في العصر الحديث، هو الأستاذ السوري جودت سعيد الذي قضى حياة مديدة في تثقيف الشباب مع الصدع بالحق والزهد في الدنيا”.

كما نعاه رئيس مجلس إدارة “المنتدى السوري”، مصطفى صبّاغ، حيث كتب على صفحته في “فيسبوك”، أن جودت سعيد رحل “بعد مسيرة حافلة من العطاء عمل جاهداً خلالها على إرساء مفهوم اللاعنف في عملية بناء الدولة وتغيير نظام أسد، كما ارتكز فكره ودعوته على قيام دولة مدنية ديمقراطية تحترم الجميع بمنأى عن الانقلابات العسكرية”.

وقال الرئيس الأسبق لـ”ألإئتلاف الوطني السوري”، معاذ الخطيب، إن جودت سعيد هو “رائد المقاومة المدنية في سورية والمقاوم العنيد لكل أنواع الظلم ومنذ بدايات شبابه اعتقل وعذب واضطهد فلم يغير طريقه”.

 واعتبر الرئيس السابق لـ”ألشؤون الدينية التركية”، محمد غورماز، أن “العالم الإسلامي فقد اليوم مفكراً مهماً”.


وأصدرت “هيئة علماء فلسطين”، بياناً عزت فيه بوفاة سعيد، وقالت إنه “أحد أبرز رموز الفكر الإسلامي المعاصر، وداعية الفكر السّلمي، وأحد أبرز رموز المجتمع السّوريّ، الذي ‏لبّى نداء ربّه تعالى فجر اليوم الأحد في مهاجره في مدينة إسطنبول عقب حياة حافلةٍ بالعمل الإسلاميّ، ورفض الطّغيان ومواجهة ‏الاستبداد بأشكاله المختلفة”.

وسعيد من مواليد عام 1931، حيث ينحدر من محافظة القنيطرة، وهو من أصول شركسية تعود جذورها إلى بلاد القوقاز.

درس سعيد المرحلة الابتدائية في مدرسة قرية بئر العجم، ثم انتقل إلى مصر سنة 1946، حيث درس اللغة العربية في جامعة الأزهر، وحصل على دبلوٍ في التربية، قبل أن ينتقل للسعودية سنة 1958، حيث عمل كمدرسٍ لنحو عامين.

عاد سعيد إلى سورية وبدأ عمله كمدرس قبل أن يلتحق في الخدمة العسكرية، وفي سنة 1961 شارك اللواء الذي يخدم فيه سعيد في الحركة “الإنقلابية” التي أنهت الوحدة بين سورية ومصر، واعترض على المشاركة في تنفيذ أي أوامر، ثم نُقل لاحقاً إلى الكلية الحربية في حمص كمحاضر وبقي هناك حتى “انقلاب البعث” سنة 1963.

جرى اعتقاله عدة مرات في “حكم البعث”، أول مرة كانت في 1965، ثم فُصل نهائياً من سلك التعليم، قبل اعتقاله مرة ثانية سنة 1986 لمدة ستة أشهر.

بقي جودت سعيد مُقيماً في سورية حنى عام 2012، حيث تعرضت قريته لقصف من قبل قوات الأسد أدى لمقتل شقيقه، ثم انتقل إلى إسطنبول التي بقي فيها حتى وفاته فجر اليوم.

صدر لجودت سعيد عدة كتب كان أولها “مذهب ابن آدم الأول.. مشكلة العنف في العمل الإسلامي”، ثم أصدر عدة مؤلفات منها “حتى يغيروا ما بأنفسهم”، و”اقرأ وربك الأكرم” و”كن كبني آدم”.

وكان جودت من الموقعين على وثيقة “إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي” في 2005 إلى جانب العشرات من المفكرين والمعارضين السوريين الذين دعوا إلى تغيير ديمقراطي في سورية.

ومع انطلاق الثورة السورية سنة 2011، عبر عن دعمه للحراك السلمي ورفضه للثورة المسلحة.

ويعرف عن سعيد بأنه داعية “اللاعنف”، إذ كان يدعو إلى إصلاح المجتمع بغير القوة، كما رفض إعلان مجموعة من العلماء في مصر “الجهاد في سورية”.

وفي إحدى مقابلاته الإعلامية وصف سعيد العلماء الذين دعوا إلى “الجهاد” في سورية بـ”الجهلة”.

وفي مقابلة أُخرى، قال سعيد إن “الذي يأتي بالسيف يتحاكم إلى السيف، نحن لا نتحاكم إلى السيف.. نحن دعاة سلام في الأرض”.

وأضاف “إذ نجحت الثورة السورية بالسلاح سنظل محكومين بالسلاح، وكل ما أخذ بالسيف بالسيف يهلك، والديمقراطية لا تحل في بلد إلا إذا جميع الفرقاء قالوا لا نلجأ إلى العنف ونلجأ إلى صندوق الانتخابات”.

المصدر السورية. نت
قد يعجبك أيضا