الحُداء فن عربي عريق، استعمله العرب رعاة وغزاة، فكشفوا من خلاله عن روحهم المتوثبة، وعن شجاعتهم التي رمت بهم في قلب الملحمة العالمية، فكانوا من الشعوب القليلة التي اتسم تاريخها بالقيادة والريادة في المسيرة الإنسانية.
ولم تكن تستغني أي قافلة عربية عن حادٍ يُطرب الأسماع بنغماته، ويستحث السائرين بأهازيجه، فيلهب حماس الأصحاب، ويُحِيل السفر متعة وهو قطعة من العذاب. كما لم تكن تستغني أي قافلة عربية عن دليل يأخذ بخطامها في مجاهل الصحراء، فيقودها بحِذْقه وتمرسِّه إلى أخصر سبيل، وينأى بها عن مزالق الخطر وقُطَّاع الطريق.