الأسد لم يعد موجوداً ولا يمثل سلطة حكم.. كبير مفاوضي الهيئة العليا للمفاوضات يكشف عن رؤيته لمستقبل القضية السورية

أكد كبير المفاوضين في الهيئة العليا للمفاوضات محمد صبرا، أنّ تنظيم "الدولة الإسلامية" استُخدم لإيجاد شرعية أخلاقية لمن يقاتلونه مثلما فعل نظام الأسد في دير الزور، ولكنه استغرب "الانهزام السريع والمفاجئ للتنظيم في غالبية المعارك، من دون رؤية أيّ جثث أو أسرى لقياديين من التنظيم".
جاءت هذه التصريحات في حديث لصحيفة "النهار" اللبنانية نشرته اليوم الخميس، وأشار فيها، إلى أنه لا يختلف اثنان على أنّ نظام الأسد، وبمساعدة مباشرة من روسيا وإيران، استطاع أن يستعيد أجزاءً واسعة من الأراضي.
لكن برأي صبرا، فإنّ "ما يحدث ليس تمرّداً عسكرياً"، وبناءً على هذه المعادلة يرفض ربط موازين القوى باتساع الرقعة الجغرافية الخارجة عن سيطرة النظام أو انحسارها، مذكراً بأنّ "ما يحصل في سوريا ثورة شعبية بدأت عندما كان النظام يسيطر على 100 بالمئة من التراب السوري إضافة إلى سيطرته على لبنان، ورغم ذلك استطاع السوريون الخروج بتظاهرات لإسقاطه، لهذا فإن مسألة حمل السلاح ضد النظام لاحقة، وجزء كبير منها كان هدفه حماية المدنيين وجزء آخر هو طرف ثالث يحاول تنفيذ أجندة خاصّة به تختلف عن أجندة الثورة، إذاً من ينتصر عسكرياً ليس هو المنتصر".
وحول رؤيته للقضية السوري مستقبلاً، فإن لصبرا رؤيته التي تقوم على تفصيل الوضع السوري إلى ثلاثة مستويات:
المستوى الأول: الثورة التي كانت بين شعب ونظام حكم مستبدّ ومجرم.
المستوى الثاني: صراع إقليمي كبير على إعادة تموضع بين القوى الإقليمية تركيا، إيران وروسيا.
المستوى الثالث: صراع دوليّ مع منظومة الإرهاب العالمي.
وفي نظره، فإنّ "كل المقاربات تتحدث عن المستوى الثاني الذي يتعلق بإعادة توزيع مناطق النفوذ بين القوى الإقليمية الكبرى"، ويستنتج أنّ "الأزمة تتجه إلى مرحلة تشبه الانتداب وفق قرارات عصبة الأمم المتحدة التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى لا الأمم المتحدة نفسها".
وينقسم النفوذ في سوريا مناطقياً، ببقعة جغرافية لمصلحة تركيا، منطقة إيرانية وسط سوريا باعتراف روسي، ومنطقة نفوذ أمريكية في الشرق، في ظل مساع روسية لإشراك الأردن بمنطقة نفوذ في الجنوب السوري، وهذه الحال برأي صبرا "لا يمكن أن تنتج حلّاً سياسياً يحمي وحدة سوريا، بل إذا استمر تجاهل السوريين فإن ما يجري سيقود إلى فدرلة سوريا أو إلى التقسيم، إذاً إلى إعادة إنتاج الحروب بطريقة مختلفة وفي فترات زمنية طويلة".
ماذا عن الأسد؟
شدد صبرا في تصريحاته للصحيفة، على أن "موضوع الأسد محسوم، وهو لم يعد موجوداً ولا يمثل سلطة حكم كي نقول إنه سيبقى أو لا، هو زعيم ميليشيا مثل كل الميليشيات ولكنها الأقوى والأكثر عديداً وتتمتع بعلاقات دولية وتسيطر على جزء أكبر من سوريا، لكنه في النهاية رهينة لدى الإيراني والروسي".
وفي شأن تغيّر المواقف الدولية تجاه الأسد، وتوقف "دي مستورا" عند هذا التغير في مباحثات جنيف، يقول صبرا: "قلنا لدي مستورا إنّ كلامه يشبه من يقترح منح هتلر جائزة نوبل للسلام، والحديث عن بقائه عار أخلاقي ولا يمكن لأي دولة أن تفرض الأسد إلا بقوة الحديد والنار، ورغم ذلك هذه القوة ستهزم يوماً ما والشعب لا يُهزم والسوريون مستعدّون للتضحيات، ونشهد في سوريا بوادر ظهور الموجة الثورية الثانية التي نعوّل عليها من أجل فرض إرادة السوريين، وهي تظاهرات كبيرة في مناطق المعارضة وتقوم على التصدي للإرهاب والأسد، ففي جسر الشغور ومعرة النعمان وغيرها يرفع شعار التصدي للنصرة والأسد".
يضيف: "لا أحد يتحدث عن بقاء الأسد، بل بعض الدول تتحدث عن انتقال تدريجي للسلطة حتى لا تحدث فوضى، والمعارضة قدمت تنازلات عندما طالبت برحيل الأسد بمرحلة انتقالية بدلاً من المطالبة بمحاكمته كمجرم حرب".
ولفت إلى أنّ "السياسة الأمريكية لا رؤية نهائية لها، الفرنسيون أوضحوا أنهم لا يؤيدون بقاء الأسد وهناك محاولة لمبادرة فرنسية على هامش اجتماعات الجمعية العمومية، حتى روسيا تؤكد أنها غير معنية ببقاء الأسد بل بعدم حصول فوضى".
اقرأ أيضاً: وصل إلى مرحلة غير مسبوقة.. "نتنياهو" يكشف عن وجود تعاون "غير معلن" مع الدول العربية
تعليقات