استياء الطائفة العلوية من الأسد

المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت
(ترجمة السورية)
تظهر القاعدة العلوية لنظام الرئيس بشار الأسد إشارات تململ تحت ضغط الحرب الأهلية في سورية.
فوفقاً لناشطين ومحللين فإن بعض أفراد الأقلية العلوية أصبحوا أكثر نقداً على صفحاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال مظاهرات نادرة لطريقة تعامل النظام مع الصراع في سورية. ويقولون أيضاً بأن العلويين الذين يشكلون أساس قوات أمن الأسد، أصبحوا يتجنبون خدمة الجيش الإلزامية بشكل متزايد في الحرب التي قاربت الأربعة أعوام حيث تكبد مجتمعهم إصابات هائلة مقارنة مع سنة سورية، الذين قادوا الثورة.
وقد صاعدت قوات الأمن حدة الاحتجاجات بسبب قيامها بالاعتقال والتهديد للمحتجين.
وبينما لا يعتقد كثيرون أن هذه الاحتجاجات تهدد حكم الأسد بشكل مباشر، والذي ينتمي أيضاً للطائفة العلوية، فإن التوتر المتصاعد يشير إلى إنهاك المجتمع، الذي يعتبر صموده أمراً حاسماً لدعم نظامه في مواجهة الثورة التي يظهر وكأنها لن تنتهي.
"إن صبر العلويين على النظام بدء ينفد وبازدياد، لأنه لم يستطع تحقيق تقدم كبير لإنهاء الحرب"، قال هذا لؤي حسين الناشط العلوي المقيم في دمشق والبالغ 54 عاماً والناقد لنظام الأسد.
وفي يوم الأربعاء، تم اعتقال حسين من قبل السلطات السورية أثناء محاولته العبور إلى لبنان، حسبما قال حلفاؤه السياسيون. وقد اعتقل من قبل بسبب معارضته لنظام الأسد. ولم نستطع الحصول على تعليق من المسؤولين السوريين على سبب اعتقاله.
وقد أرجع آندرو تابلر الخبير حول سورية والعضو الرفيع في مؤسسة واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، هذا الميل بشكل جزئي للتركيبة السكانية: فإن غالبية سورية السنية تتفوق بأعدادها على العلويين الذين يُعتبرون فرعاً من الإسلام الشيعي بشكل كبير، ويشكلون فقط حوالي 12 بالمئة من التعداد السكاني السابق للبلاد والذي شكّل 24 مليون نسمة.
"يدرك الناس بأن الحرب لن تنتهي بأي وقت قريب، وأنه ليس بإمكانك حل هذه المشكلة عسكرياً – ليس مع التركيبة السكانية لسورية"، وأضاف: "هناك الكثير من السنة".
وعلى الرغم من أن العلويين لم يجتمعوا أبداً على دعم الأسد، فإن الخوف من المعارضة التي تزداد تطرفاً من أن يمنعهم ذلك من الانفصال عن النظام بأعداد كبيرة، حسب قول المحللين. فالمتطرفون السنة يعتبرونهم مرتدين، وبالمقابل فهم يرون النظام كحصن ضد العنف المتعصب الذي تتبناه جماعات مثل "الدولة الإسلامية". ومع ذلك، فإن أفراد من مجتمعهم بدأوا يعبرون بازدياد عن إحباطهم في العلن.
وتجمع العشرات في حمص عقب انفجارين في الشهر الفائت أديا لقتل ما يقارب من 50 طفلاً في منطقة من المدينة ذات الأغلبية العلوية، مطالبين بتنحية حاكم المحافظة بسبب فشله بإيقاف الهجمات. وعلى الرغم من عدم مطالبتهم برحيل الأسد، فإنهم قد رفضوا رفع صوره خلال المظاهرة.
وقد حدثت احتجاجات صغيرة مؤخراً في المناطق العلوية على طول الساحل السوري، وفقاً لناشطين علويين على تواصل مع سكان هذه المناطق.
وفي طرطوس، خرج السكان بمسيرات ووزعوا مناشير تحث الناس على "التحدث عالياً" بسبب تزايد ضحايا الحرب والاتهامات الموجهة للنظام بأنه تخلى عن الجنود الذين تم اعتقالهم وإعدامهم من قبل المتطرفين السنة. وقد حدد مؤخراً المرصد السوري لحقوق الإنسان عدد قوات الأمن الذين قتلوا بـ 110,000 على الأقل، بينما يصف بعضهم القرى العلوية بأنها أصبحت تقريباً خالية من الرجال الذين في سن الخدمة العسكرية.
وقال ناصر النقري، العلوي الذي ينسق مع الناشطين في سورية، بأن مسيرات طرطوس قد احتجت أيضاً على اعتقال الشباب الذين رفضوا الخدمة العسكرية الإلزامية. وقد تضمن ذلك قيام الجنود بالقبض على أفراد من الطاقم الطبي في مشفى الباسل في طرطوس منذ عدة أسابيع، والاعتقال الأخير للأشخاص الذين أتوا لمكاتب شركة كهرباء المدينة استجابة لإعلان عن فرص عمل. "لقد خدعتهم شركة الكهرباء، لأن المزيد من الأشخاص يرفضون تأدية الخدمة العسكرية"، قال هذا النقري، الذي لجأ مؤخراً إلى باريس خوفاً من الاعتقال بسبب نشاطاته.
ويتحدث المحللون والناشطون ووسائل الإعلام المحلية عن الجهود المكثفة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام لاعتقال الأعداد المتزايدة من الشباب الذين يتجنبون الخدمة في الجيش وفي وحداته المساندة، مثل قوة الدفاع الوطني، وهي عبارة عن قوة من المتطوعين المحليين تتألف بشكل أساس من العلويين. ويقولون بأن جهود النظام تهدف إلى تعويض خسائره الكبيرة في القوى البشرية وإلى تصعيد الهجمات على مناطق الثوار.
وقد وصل عدد الهاربين من الخدمة العسكرية في طرطوس وحدها حسب التقارير إلى 5,000 شخص بحلول شهر كانون الثاني من هذا العام، بينما لاحظ الناشطون والمحللون نزعة للرحيل عند العلويين إلى خارج البلاد.
"أعتقد مما يصلني من عدد من المصادر ومن الأدلة الكلامية أن الأشخاص الذين من طرف النظام يبحثون عن ملجأ، ليغادروا سورية ويذهبوا إلى الخارج"، قال هذا يزيد صايغ، المساعد في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت.
وقال لؤي حسين الناشط العلوي الذي يقطن في دمشق أن المزيد من أصدقائه العلويين وبما فيهم عائلة من ستة أشخاص، انتقلوا العام الماضي إلى أوروبا وإلى البلاد العربية.
وقال: "إن العلويين يشعرون بأنهم ملزمون باختيار النظام، مهما كرهوه. ولذا ومع هذا الخيار فالعديد منهم يرغب بالمغادرة".
أما الذين لازالوا في سورية، فإن تحدي النظام قد يكون خطراً. وقال ناشط معارض للنظام إن أكثر من 12 علوياً تم اعتقالهم من قبل قوات الأمن خلال الشهرين الماضيين لبدئهم بالحوار مع قادة القرى السنية. وقد تم اعتقال أحدهم من قرية قرب مدينة اللاذقية الساحلية واحتجز مؤقتاً في سجن لأمن الدولة، حيث ضربه السجانون بقسوة إلى أن أصبح الآن بحاجة لمساعدة للمشي، حسبما قال هذا الناشط الذي رفض أن يعرف عن نفسه بسبب الخوف على سلامته.
النقد المتصاعد في وسائل الإعلام الاجتماعية أدى أيضاً لحدوث اعتقالات، وبما في ذلك عدة اعتقالات في حمص على إثر هجمات الشهر الماضي التي أدت لقتل أعداد من الأطفال. فقد تم القبض فوراً على امرأة نشرت انتقادات للأسد على موقع الفيسبوك بعد هذه الهجمات.
وقد قال جوشوا لاندس أستاذ التاريخ في جامعة أوكلاهوما وهو على تواصل مستمر مع العلويين في سورية أن مثل هذه الانتقادات تشير إلى تحول في تفكيرهم حول كيفية انتهاء هذه الحرب. وذاك يتضمن ترك القومية العربية التي يبناها نظام الأسد وتقسيم سورية لإنشاء جيب منفصل يتحكم فيه العلويون.
وقال: "إنهم يفكرون بحلول متطرفة. فهم يعلمون أنهم لا يستطيعون احتلال مناطق الثوار هذه، كما لا يريدون أن يموت أولادهم بعد الآن".