السوريون في الكويت.. نزيف الوطن أكبر من فرحة العيد

تكاد تغيب الفرحة عن السوريين في العيد، فالهمّ مما يجري بوطنهم يجمعهم، لكن القاسم المشترك أن الدماء التي تسيل هي دماؤهم جميعاً.
القلق والانشغال بما يدور في بلدهم يكاد يكون المسيطر على حوارات السوريين في الكويت، بل إن تهنئتهم لبعضهم تشوبها غصة كبيرة على أمل أن يبزغ فجر عيد حقيقي لبلدهم.
الفنان العالمي السوري، علي فرزات، المقيم حالياً بالكويت، يقول: "هذا العالم أصبح مسبق الصنع، لم تعد المناسبات تعني إلا شيئاً واحداً وهي أنها فقط عناوين تتضمنها الروزنامات (الجداول) والمناسبات السنوية التي تصلب على الجدران".
ويضيف فرزات: "فقدنا الحب فصنعنا له عيداً، وعندما أهنّا المعلم عوضناه بالعيد، وعندما أجحفنا بحق الأم صنعنا لها عيداً". وأردف: "لم يعد لتلك المناسبات أية قيمة معنوية حميمية كنا عرفناها أيام كنا صغاراً".
ووسط حالة من الحزن طغت على حديث فرزات بدا متمسكاً بالأمل قائلاً: "العيد الذي سنحتفي به قريباً يوم الفرح بساحات النصر عندها فقط نشعر أن للعيد معنى وللفرح ضحكة يرسمها قوس قزح".
أما عبدالكريم المقداد، الكاتب والصحفي السوري، فيقول: "منذ أربع سنوات وأنا أبحث عن العيد دون جدوى، أجسادنا هنا، ومشاعرنا في سورية، حيث يقبع قسم من أهلنا تحت رحمة المدافع والبراميل المتفجرة والسيارات المفخخة والحواجز المتخلفة التي ما أنزل الله بها من سلطان، وقسم آخر يكتوي بذل مخيمات اللاجئين في دول الجوار".
ويضيف المقداد المقيم في الكويت "نقعد هنا وأنظارنا معلقة بالشاشات وأخبار الوكالات، أعصابنا ما عادت تحتمل" ويستدرك: "انعكس توتر أعصابنا على مجمل علاقاتنا حتى مع أفراد أسرنا ".
ويمضي قائلاً: "على الرغم من كل ذلك، فأحوالنا في الغربة لا تقاس أبداً بأحوال أحبتنا بالداخل السوري، الذين لا نملك أن نبدل من أوضاعهم شيئاً، نجود بما نستطيع من المال ليقووا على الاستمرار في الحياة، بينما يجودون بدمائهم، معادلة تدمي القلب".
"يا عيد عدت وادمعي منهلة.... والقلب بين صوارم ورحاح" بهذا البيت الشعري بدأ عبد الهادي صافي، الحاصل على ماجستير في الأدب العربي والمقيم في الكويت، حديثه، محاولاً به أن يلخص مشاعره ومشاعر كثير غيره من السوريين.
ويضيف صافي متنهداً: "ماذا أتذكر وماذا أترك من الذكريات المؤلمة عن بلدي الذي أصبح تنوشه الذئاب من كل جانب، كيف أشعر بفرحة العيد وأهلي هناك شبه مشردين لا يعرفون للعيد فرحة"، ويتابع صافي متسائلاً: "كيف يمكن أن نفرح في هذا العيد والأطفال هناك مشردون في خيامهم؟ لمن العيد، للحيارى، للثكالى، لمدنف بالجراح؟".
لكن صافي لا يفقد الأمل قائلاً: "أرجو أن يكون العيد في السنة القادمة عيداً مفرحاً لكل الناس في جميع أصقاع الدنيا، حيث لا صوت للمدافع ولا أزيز للطائرات والمتفجرات".
ويبلغ عدد الجالية السورية في الكويت نحو 139 ألفاً، كثاني أكبر الجاليات بعد الجالية المصرية، بحسب الإحصاءات الرسمية للحكومة الكويتية.