المغادرون من عربين يغالبون دموعهم قبل تهجيرهم من الغوطة الشرقية

تستعد دفعة جديدة من المقاتلين والمدنيين وهم يغالبون دموعهم لمغادرة جنوب الغوطة الشرقية بموجب اتفاق مع روسيا، ما سيؤدي في حال اتمام تنفيذه إلى إحكام سيطرة قوات النظام على هذه المنطقة.
وبعد حصار محكم فرضه النظام منذ العام 2013 وحملة عسكرية عنيفة بدأتها في 18 شباط/فبراير، باتت قوات النظام تسيطر مساحة واسعة من الغوطة الشرقية.
وتوصلت روسيا تباعاً مع فصيلي حركة "أحرار الشام" في مدينة حرستا و"فيلق الرحمن" في جنوب الغوطة الشرقية، إلى اتفاقي إجلاء للمقاتلين والمدنيين إلى شمال سوريا، تم تنفيذ الأول ويستكمل تنفيذ الثاني اليوم، فيما لا تزال المفاوضات مستمرة بشأن مدينة دوما، معقل "جيش الإسلام".
وتجمع عشرات المقاتلين والمدنيين في عربين اليوم وسط حالة من الحزن، بعدما وضبوا ما أمكنهم من حاجياتهم في الحقائب و أكياس من القماش، قبل أن يستقلوا أولى الحافلات في طريقهم إلى حرستا، نقطة التجمع قبل الانطلاق إلى مناطق الشمال.
ولم يتمكن الأهالي من حبس دموعهم وهم يهمون بالصعود إلى الحافلات التي وصلت صباحاً وتوقفت في شوارع مملوءة بالركام وعلى ضفتيها أبنية مهدمة وأخرى تصدعت واجهاتها أو طوابقها العلوية جراء كثافة القصف.
وقال أحد السكان حمزة عباس لـ"فرانس برس": "تخرج الناس إلى بلاد غير بلادها. لم يعد لديها مال أو منازل أو حتى ملابس ليأخذوها نتيجة القصف".
وأضاف بتأثر "قررت مغادرة الغوطة، كيف بامكاني أن أعيش مع شخص قتل أهلي وأصدقائي؟ مع من دمرني ودمر مستقبلي؟".
وتنتظر في هذه الاثناء 15 حافلة تقل 898 مقاتلاً مع أفراد عائلاتهم من عربين، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية عند منطقة حرستا.
تهجير الآلاف
وبعد خروجها من عربين، تتوقف الحافلات تباعاً في حرستا بانتظار اكتمال القافلة تمهيداً لانطلاقها نحو الشمال.
في تلك النقطة، تخضع الحافلات لعملية تفتيش قبل أن يستقل جندي روسي كل حافلة لمرافقتها حتى بلوغ وجهتها.
وتعد هذه القافلة الثانية التي يتم إجلاؤها من عربين والبلدات المجاورة تحت سيطرة "فيلق الرحمن" غداة قافلة أولى نقلت نحو ألف مقاتل ومدني من المنطقة وبلغت الأحد قلعة المضيق في ريف حماة الشمالي، المحطة ما قبل الأخيرة قبل توجهها إلى إدلب.
ومن المقرر بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه "إثر مفاوضات مع روسيا" وفق ما أعلن "فيلق الرحمن"، إجلاء نحو سبعة آلاف شخص من زملكا وعربين وعين ترما وحي جوبر الدمشقي، في عملية قد تتواصل خلال اليومين المقبلين.
وتتعرض الغوطة الشرقية منذ 18 شباط/فبراير لحملة عسكرية عنيفة، تمكنت خلالها قوات النظام بدعم روسي، من تضييق الخناق وبشكل تدريجي على الفصائل وتقسيم مناطق سيطرتها إلى ثلاثة جيوب منفصلة، ما دفع مقاتلي المعارضة إلى القبول بالتفاوض.
وخلال شهر من العمليات العسكرية، قتل خلال أكثر من شهر من الهجوم أكثر من 1630 مدنياً بينهم نحو 330 طفلاً على الاقل.
بانتظار مصير دوما
في غضون ذلك، ما زال مصير مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية مجهولاً مع انتظار نتائج مفاوضات تجرى مع مسؤولين روس.
وتتواصل منذ أيام عدة حركة النزوح من دوما عبر معبر الوافدين شمالاً.
ووضع النظام، مطلع هذا العام، الأولوية لاستعادة السيطرة على الغوطة الشرقية، التي تحظى برمزية كبيرة لقربها من العاصمة وتعد من أوائل المناطق التي شهدت مظاهرات احتجاجية مناهضة للنظام في عام 2011.
وخلال السنوات الماضية، شهدت مناطق سورية عدة بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات تهجير ممنهج لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع النظام إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها الأحياء الشرقية في مدينة حلب نهاية العام 2016.
اقرأ أيضا: يستغلون معاناتهم ويمنعوهم من التحرك.. كيف يتعامل النظام مع مهجري الغوطة الشرقية بمراكز الإيواء؟
تعليقات