انهيار القانون الدولي
مقالات الكاتب

المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت
(ترجمة السورية)
عند استرجاع الأحداث المتسارعة خلال الأعوام الأربعة الأخيرة في سورية، نجد أكثر ما يؤلم هو إدراك أن تراخ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد أنشأ الظروف التي سمحت للصراع بالتمدد إلى ما يتعدى حدود البلاد وأضر بشدة بالقوانين التي وضعت لحماية المدنيين خلال الصراع.
الاستهداف المتعمد للمدنيين كان يجب أن يكون كافياً لدفع مجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات اللازمة. إن قصف المشافي والعيادات، واعتقال وقتل الأطباء، كان يجب أن يحفز على القيام بشيء، فتجويع السوريين للخضوع كافٍ بأن يدفع كل الدول لاتخاذ موقف ضد التجاهل المنهجي والمتعمد لحقوق الإنسان والقوانين الإنسانية.
لم يكن هنالك صراع موثق جيداً بهذا الشكل من قبل. لا عذر لعدم التصرف. لم يحتج مجلس الأمن بسبب نقص المعلومات، لم يتطلب الأمر تأكيداً إضافياً لهذه الانتهاكات.
أعداد الضحايا في سورية مستمر بالارتفاع بعناد: قد تمت خسارة 220,000 روح، وقد نزح نصف السكان، وانطفأت 83 بالمئة من الأضواء، وتدمر نظام الرعاية الصحية، وعلق الأطباء في مرمى القصف. وكما وثقنا في منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، قتل 610 من العاملين في المجال الطبي على الأقل، وقد كان هنالك 233 هجمة متعمدة أو عشوائية على 183 منشأة طبية في البلاد. ما الذي سيتطلبه الأمر أكثر من ذلك من أجل التصرف بشأن سورية؟
وما هي تكاليف عدم القيام بذلك؟ إن خطف الأطباء والممرضات في ليبيا من قبل جماعة تربط نفسها "بالدولة الإسلامية" هو أحد الدلائل على تلك التكلفة. فقد تم خطفهم ومن ثم إطلاق سراحهم بشرط واحد: عليهم البقاء في سيرت وتقديم العلاج لأفراد من الجماعة المسلحة.
إن الأطباء وغيرهم من المحترفين في مجال الصحة يتقيدون بالمعايير الأخلاقية التي تتطلب منهم تقديم الرعاية لأي من يحتاجها، بغض النظر عن أي جانب من جوانب هوية الفرد أو تحالفه السياسي – وهو المبدأ المعروف في القانون الدولي بالحياد الطبي. إن محاولة تسييس القرارات التي يتخذها الأطباء أثناء عملهم، واستهداف الأطباء الذين يلتزمون بمبدأ الحياد الطبي، يعتبر اتجاهاً مثيراً للقلق.
في سورية وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، والآن في ليبيا، أصبح امتهان الطب أمراً خطيراً، ليس لأن الأطباء يخاطرون للوصول إلى مرضاهم، حتى من يتواجدون في مناطق الصراع، ولكن لأنهم يتعرضون للاستهداف بسبب إسراعهم لمن لديه حاجات طبية عاجلة. في سورية على سبيل المثال تقوم قوات الحكومة بتنفيذ غارات مزدوجة. فهم يسقطون القنبلة في مكان مزدحم مثل الأسواق، ويتنظرون لقدوم من يستجيب ويسرع إلى الحدث لإنقاذ الجرحى ونقلهم إلى المشافي أو العيادات، وحينها يقومون بقصفهم.
إن لم يتصرف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قريباً لإيقاف المذبحة وتحميل مرتكبي الانتهاكات المنهجية للمعايير الدولية مسؤولية أفعالهم، فإن هنالك خطراً حقيقياً بأن يتدمر القانون الدولي – الذي يهدف لحماية المدنيين وسط الحرب – مثل دمار نظام الرعاية الصحية في سورية.
إن الأمر بسيط: على مجلس الأمن التصرف الآن لإنقاذ الأرواح، وليدعم العدالة والمساءلة، ولحماية القوانين التي تم الحصول عليها بشق الأنفس والتي تهدف لجعل العالم أكثر أمناً للجميع.