توقيت المساعدة العسكرية الروسية لم تكن بمحض الصدفة
مقالات الكاتب

المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت
(ترجمة السورية نت)
يعترف وزير الخارجية الروسي بأن موسكو تشحن مساعدات عسكرية لنظام الأسد، ونحن لا نتحدث فقط عن بعض قطع الغيار، فهناك مستشارون وقوات ومساكن جاهزة والعديد من البنى التحتية تظهر في سورية – بلد مزقته سنوات من الحرب الأهلية.
من الواضح أن موسكو وطهران يعملان يداً بيد، وحتى الآن لم يستطع الغرب التفريق بينهما. عندما رفضت دول حلف الناتو منح حقوق الطيران لمساعدات روسيا "الإنسانية"، تقدمت إيران بعرضها: "لا مشكلة، استخدموا مجالنا الجوي"، يبدو أن السيد بوتين لديه أصدقاء في جميع الأماكن الخاطئة.
هذه الدفعة الجديدة من الدعم للأسد تجعل الحرب المستعصية في سورية أكثر تعقيداً، كل من روسيا وإيران لديهما سبب وجيه لدعم الرجل القوي مفجر الكيماوي.
فهذا يتيح لهما الوصول إلى أراضٍ ذات أهمية استراتيجية، كما أنهما يحصلان على منطقة عازلة بينهما وبين داعش (أو أي جماعات إسلامية متطرفة تقاتل على أبوابهما).
بينما يبدو من المنطقي بالنسبة لموسكو أن تدعم ما تبقى من سلطة العلويين حول دمشق، ربما بوتين ليس لديه مصلحة في الغوص أعمق في المستنقع السوري، في حين قد يرغب الكرملين في الحصول على منطقة عازلة بينهما وبين داعش، وهذا لا يعني بالضرورة أنه يرغب بإطفاء الإرهاب الإسلامي تماماً، الصراع مع داعش يضعف ويُلهي الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة، وكل من طهران وموسكو يعجبهما ذلك.
لكن قطار المنطق الذي نقل الآن موسكو إلى الصراع السوري يحمل راكباً آخر أيضاً.
لننظر في هذا: الأسد كان على الحبال منذ فترة طويلة، فلماذا يدخل في الحلقة الآن؟
تحركات موسكو تأتي فقط عندما أصبح واضحاً أن الرئيس أوباما قد قلّص أقلية حق النقض في مجلس الشيوخ بما يكفي لجعله يمضي قدماً في اتفاقه النووي مع إيران، توقيت الضغط الأخير من روسيا وإيران في سورية ليس فقط من قبيل الصدفة.
هو مجرد إصبع آخر في عين استراتيجية أوباما، التي تفترض أن الاشتباك مع المتنمرين سيجعلهم يلعبون بلطف.
وفي عام 2012، سمحت هذه الاستراتيجية الأوبامية لروسيا بتقديم هدية للولايات المتحدة باسم اتفاق "البداية الجديدة" النووي، حيث وافقت فيه أمريكا على خفض قواتها النووية وإلغاء خطة دفاع صاروخي طموحة من أجل أوروبا، بالمقابل لم توافق موسكو على أي تخفيضات نووية، عليها زيادة مخزونها من الأسلحة النووية التكتيكية. بعد ثلاث سنوات، برزت موسكو كأكبر تهديد أمني لغرب أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة.
يبدو اتفاق أوباما النووي مع طهران ضخماً كما لو كان رابحاً، حتى أثناء تباهي الإدارة بأنها استطاعت إحضار إيران إلى طاولة المفاوضات ووصلت إلى اتفاق سيمنع الحرب في الشرق الأوسط، تقوم روسيا وطهران بتصعيد افتعالهما للمشاكل في المنطقة، وروسيا ترسل قوات عسكرية، وآية الله يجدد وعده بأن اسرائيل لن تبقَ على قيد الحياة لـ25 سنة أخرى، وطهران لن تذهب إلى أبعد مما كتب في الاتفاق في "تعاونها" مع الولايات المتحدة.
بما أن اتفاق إيران لم يقترب بشكل كاف من تقييد طموحات طهران النووية، فهذه الأفعال والتصريحات تظهر أن السيد أوباما قد حصل بالضبط على لا شيء من اللعب بلطف مع موسكو وطهران.
مع كون اتفاق إيران كل شيء إلا كونه اتفاقاً محسوماً، إلا أن المكتب البيضاوي قد امتلأ بلا شك بفلين الشمبانيا المتناثر احتفالاً بهذا الاتفاق، لكن الاحتفال الحقيقي يحدث في موسكو وطهران ودمشق حيث يعلم الجميع أنهم حصلوا على شيء مقابل لا شيء.
تعليقات