جيش الفتح الذي أحببناه…… من أين وإلى أين ؟

المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت
سنكتب هنا للشعب الذي نادى بحريته وهو في شوق لها وليس لمن يعشق الأوهام المتبددة.
ونبدأ من رمضان الماضي حيث بدأ الانحراف في مسيرة القاعدة وبناتها على أرض الشام فبعد خلافة الخرافة والأوهام البغدادية بدأ الجولاني من خلال مجلس الشورى عنده استبدال القيادات السورية والتي كانت تعتبر صمامات أمان بقيادات إقصائية متشددة غالبها من خارج سورية لتمسك بزمام الأمور داخل جبهة النصرة ليتحكم بمفاصل القرار على شباب باعوا أنفسهم لله وبايعوا النصرة ولا يملكون من القرار شيئاً.
وبدأ التغيير والتحييد مع رأس الهرم كاستبدال أبي ماريا القحطاني بسامي العريدي وكثير منهم قتل أو سجن أو غيب أو عزل وحل مكانهم شخصيات داعشية بثياب نصراوية.
ومع توغل الدواعش داخل الصفوف بدأ الافتراق داخل النصرة وبدأ تغيير المسار لكل مراقب ومتابع.
وحينها بدأ قادة النصرة بالانكفاء على أنفسهم والاستئثار لأنفسهم بكل شيء دون مشاركة الآخرين، وبدأت النظرة الاستعلائية علي غيرهم من الفصائل واتخذوا منهجية الدواعش في شيطنة بعض فصائل الجيش الحر بدعوى الردة وغيرها، للسيطرة على سلاحهم وإنهاء روح المقاومة الشعبية لتسود مكانها جلافة القاعدة ولا بد لهذا من غطاء فقصدوا تسريب مقطع الجولاني في إعلان إمارته، وكانت غايته المحافظة علي عناصره من التفلت والذهاب لداعش ولجذب الآخرين تجاه النصرة وفرض الإمارة بالقوة في المناطق التي يتوغلون فيها ثم بدأت المشاريع الخفية والتصرفات العبثية والتدخلات في شؤون الناس وحياتهم ودينهم ومعتقدهم، وبدأوا يقيمون الحدود من جلد وقتل وغيره للمزاودة على داعش في خطابها بغية الحفاظ على عناصرهم من الذهاب لداعش.
واستطاعت النصرة وجند الأقصى السيطرة على كل صوامع الحبوب، ومستودعات النفط الموجودة بحجة الغنائم، وبدأت تبيع القمح للناس والنفط بسعر السوق وزيادة بدعوى حاجتهم لدعم معاركهم.
أمام افتضاح مشروعهم الذي بدأ يتكشف في الشمال على أرض الشام قامت في الذكري الرابعة للثورة ثورة جديدة تطالب برحيل سواد القاعدة وبناتها والعودة لروح الثورة الشعبية من جديد وقامت في تلك الفترة أكثر من ٣٠٠ مظاهرة ضد القاعدة وبناتها في مدن إدلب وحلب وريف حماة وريف دمشق ودرعا، وحين خشيت النصرة تهديد مواقعها وخافت على نفسها من الهلاك أمام نداءات الناس واحتجاجاتهم ومطالبهم وتفكك الحاضنة الشعبية، فكان لابد من صناعة مشروع تذوب فيه بنات القاعدة من نصرة وجند الأقصى تمرر على الناس والفصائل المسكينة الفقيرة المغلوب على أمرها والفصائل الممنهجة والتي تخشى من داعشييها وليضفي هذا المشروع على القاعدة وبناتها صفة أنها رجعت عن انتهاكاتها بحق الناس ورجعت للشعب وثورته وأصبحت تسير ضمن سياق الكتائب، فكان جيش الفتح.
وما نقوله في هذا المقال عن النصرة ينطبق على الفرع الأخطر الداعشي الذي لا يخفي نفسه والذي يسموه “جند الأقصى “.
وهنا يكمن الخطر فلا النصرة تغيرت ولا الجند تغيروا، ولكن هي مرحلة عملية التجميل التي عادت من بعدها حليمة لسيرتها القديمة بعدما أصابهم الغرور بانتصارات جيش الفتح في إدلب وتصدروا المشهد وبدأوا بفرض كلمتهم على فصائل تعيش عقدة نقص أمام النصرة وأخواتها، حيث إن الفصائل الأخرى يتورعون في الدماء والقاعدة تبطش بكل مخالف وهمها مصلحتها والقتل لتحقيق المصلحة وهذا جائز عندهم.
فكانت النصرة تفرض على نظيراتها أن تحصل على حصة الأسد من الغنائم وتتصدر المشهد الإعلامي في ظل تسويق إعلامي عالمي للنصرة وأخواتها دون غيرهم.
واستطاع الدعم الدولي الإعلامي أن يجعل من جبهة النصرة عقيد جيش الفتح في عيون الناس المتناسين في خضم المعارك و فرحة الانتصارات هموم القاعدة وخطرها، واستطاعت القاعدة من خلال جيش الفتح والتسويق الإعلامي لها أن تستعيد بعض الحاضنة الشعبية لنفسها وبعد السيطرة على إدلب وجسر الشغور والمسطومة بدأ الخلاف على الغنائم (الدوائر الحكومية والمنشآت العامة ومنشآت خاصة بدعوى أهلها أنهم من الشبيحة) وبدأ السلب والنهب بحجة الغنيمة فباعوا الدوائر الرسمية والمعامل وتحكموا بالوقود والمحروقات والقمح وباعوها للناس بسعر السوق السوداء وزيادة، وذلك بعد أن مشت اللعبة على الناس داخل سورية وخارجها.
وسوق الإعلام الدولي ما استطاع لذلك سبيلاً، بدأ تنفيذ المشروع في خطواته التالية (مع العلم أنه سجل توقف المراد من جيش الفتح)، فلا المطارات قصفها وعطلها ولا الفوعة وكفريا سيطر عليها ولا إلى الساحل اتجه وحتى من الغاب بريف حماة انسحب بعدما نشر جنوده والعتاد حيث أنه ليس بيده شيء، ويا حسرة كل شيء مدروس بعناية وهكذا أريد لهم.
وكان الثوار في هذه المرحلة إذا اتهموا من أمريكا أن جيش الفتح هو النصرة يرفضون هذه الدعوى ويقولون بل كل الفصائل مشاركة بلا استثناء ولذلك رفعنا شعاره في أشهر المنابر الإعلامية متابعة في العالم العربي.
وحتى تصدق دعوى الأمريكان تصدرت النصرة المشهد ببياناتها ومزايداتها على الفصائل في المناطق الأخرى ودعوتها لتشكيل جيش الفتح في مناطقها بحجة توحيد الفصائل تحت مسمى جيش الفتح على التراب السوري وهذا مشروع جيد عند السوريين لو صدقت النوايا.
فأسست لفتنة في حوران بدعوة بعض العناصر والمجموعات التي لا تملك ذلك الثقل العددي في مقابل الجيش الحر المتمثل في غرفة عمليات الجبهة الجنوبية والذي خاض أشرس المعارك وحرر اللواء ٥٢ بدون النصرة وأصحابها، وتدخلت في مطار الثعلة عند اقتراب السيطرة عليه ورافق تدخلها مجزرتها التي قامت بها في قلب لوزة الدرزية والتي راح ضحيتها ٢٣ مدنياً، والذين قال عنهم الجولاني إن صححوا عقيدتهم ودخلوا في الإسلام فهم إخواننا، في مقابلته الأخيرة، وصدر نفسه على أنه حامي للأقليات لاستجداء الدعم الدولي، وحين تدخلت النصرة وفعلت ما فعلت تنادى العالم لتعطيل السيطرة على مطار الثعلة في السويداء بحجة حماية الأقليات وانتقلت النصرة والقواعد منها لتنفيذ الخطوة التالية وهي الأخطر في الغوطة وريف دمشق:
حيث دعوا لتشكيل جيش الفتح في الغوطة بين شعب محاصر من سنوات لا يدري حقيقة ما يدور في شمال وجنوب وعلقوا اللافتات ودفعوا بخلايا لهم في بعض بلدات الغوطة للقيام بمظاهرات واحتجاجات بالمطالبة بتشكيل جيش الفتح وهنا لا بد من بيان عدة نقاط:
1- فيلق الرحمن وأجناد الشام وجيش الإسلام برغم وجود خلافات بينهم ردموا تلك الهوة فيما بينهم وعقدوا صلحاً واجتماعاً واحداً ليعلنوا عن القيادة العسكرية المشتركة، في حين أن الذي رفض هم النصرة وغيرهم من الدواعش المتسترين ببعض الفصائل الإسلامية وانفردوا لوحدهم دون الجميع وأسسوا دار قضاء لوحدهم وانفردوا عن مجلس القضاء الموحد للغوطة كلها.
2- ضمت هذه الفصائل للقيادة المشتركة ضباطاً وعسكريين وأصحاب خبرات من النخبة وانفردت النصرة وحدها رغم قلتها بالمزاودة على القيادة المشتركة.
3- الفاعلية الحقيقية كانت للقيادة المشتركة والنصرة أينما حلت في معركة انسحبت من أولها بحجة عدم الاستنزاف، وعند الإعلام يزاودون على غيرهم من خلال إعلام عالمي يسوق لهم.
4- النصرة وأخواتها في غوطة دمشق وجنوبها تمتاز بتشددها بزيادة كبيرة عما تجد عليه النصرة في الجنوب السوري، ودليل ذلك ما جرى من تضامنهم ومناصرتهم لداعش في معارك اقتحام مخيم اليرموك للقضاء على أكناف بيت المقدس لكسر شوكة الثوار الحقيقيين في مخيم اليرموك الذين عجز النظام عن كسرهم على مدار سنوات مضت.
5- واليوم دواعش النصرة في الغوطة بالتعاون مع بقايا ما يسمى جيش الأمة الذي قامت بالقضاء عليه القيادة المشتركة في الغوطة لكثرة إفساده يقومون بالتحريض هنا وهناك تحت دعاوى تشكيل جيش الفتح ووحدة الصف في الوقت الذي كانوا هم الأساس في شق الصف.
6- نجد في الغوطة دواعش النصرة يقومون بعمل شركة الدعاية في توزيع اللافتات الطرقية والدعوة لجيش الفتح ووحدة الصف فلو كانت لها كل هذه الفعالية فعلاً لماذا لا تقوم هي بفتح طريق الغوطة المحاصرة أو تصدر المشهد في المعارك التي خاضتها القيادة العسكرية المشتركة.
7- جبهة النصرة لا ترابط في كل الغوطة وأطرافها على أكثر من خمس نقاط ولا تعادل أكثر من 2% من فصائل الغوطة وتزاود عليهم في الخطاب.
8- إذا كانت النصرة صادقة في دعواها نصرة أهل الشام أليس الأجدر بها أن تتأخر للصف الثاني أو الثالث وألا تظهر في واجهة هذه الدعاوى وتقدم غيرها من الفصائل حتى لا يكون جيش الفتح متهماً أنه للنصرة والمسجلين في قائمة الإرهاب.
وهنا لا بد لكل متأمل أن يعرف المراد من دعوة النصرة وتصدرها المشهد في جيش الفتح بعد أن كان منقذاً لها في بداية تشكيله من المهلكة أمام الحاضنة الاجتماعية التي بدأت بالتذمر منها.
جاءت اليوم لتنفش ريشها وتتصدر هذه الدعوات وتسوق لها عبر الإعلام المسوق لها ولبياناتها بحجة وحدة الصف وهي إنما تريد أن تعمل لنفسها هالة على غير حقيقتها في الميدان وهذا قد يؤدي لشر عظيم وخطر جليل وهو تجيير اسم جيش الفتح للنصرة والقاعدة وفقط، وعندما يكون جيش الفتح قد انتشر على كل الأراضي المسيطر عليها من فصائل المعارضة على اختلاف أشكالها وأسماءها وانتماءاتها هنا يوجد اسم جيش الفتح الذي تصدرت النصرة الدعوة إليه المبرر لطائرات التحالف أن تقصف ما تشاء وأينما تشاء بالوقت الذي تشاء دون حسيب أو رقيب، حيث أن حجة التحالف حينها أن جيش الفتح يحوي في صفوفه إرهابيين، وهنا تستباح المدن السورية كلها في حملة واحدة من التحالف، وتكون حجة التحالف معهم في جيبهم وحينها تكون القاعدة أعلنت عن نفسها مسيطرة على عموم أراضي الثورة المسيطر عليها وبحجتها تستباح الثورة بالطائرات في كل المدن ويعيش الأسد متربعاً على كرسيه ويتفرج على طائرات التحالف وهي تحمل عنه عبء تدمير ما تبقى وقتل ما تبقى من منجزات الثورة على يد أبناءها الذين أرادوا الحرية عنواناً وتطهير أرضهم من المحتل هدفاً.
تعليقات