حظوظ تطبيع العلاقات بين تركيا وروسيا

المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت
خلال الأيام القليلة الماضية، تبادل كل من الجانب الروسي والتركي رسائل إيجابية أجمع كثيرون على اعتبارها اختراقا للمنحى السلبي الذي كان قد طغى على العلاقات بين البلدين، بعد قيام القوات المسلحة التركية بإسقاط مقاتلة روسيّة اخترقت أجواء البلاد في نوفمبر من العام الماضي.
وكانت تركيا قد دأبت منذ اليوم الأول لإسقاط الطائرة الروسية على تأكيد ضرورة حل الإشكال بين البلدين، وقامت بعدها بعدّة محاولات للانخراط المباشر مع الجانب الروسي، لكن السلطات الروسيّة كانت تتهرّب دوما من إجراء مثل هذا النوع من التواصل.
في بداية الشهر الحالي، قامت وزارة الدفاع الروسية بمنح الضوء الأخضر لطائرات استطلاع تركية بالطيران في الأجواء الروسية وفق اتفاقية «الأجواء المفتوحة»، على الرغم من أنّها كانت قد رفضت السماح بطلب مماثل في شهر فبراير الماضي. وسرعان ما اغتنم الجانب التركي هذه الفرصة التي رأى فيها خطوة إيجابيّة وقام بدوره بإرسال رسائل تهنئة إلى كل من الرئيس الروسي بوتن ورئيس وزرائه ميدفيديف، عبّرت عن التطلع للارتقاء بالعلاقات الثنائية الى المستوى الذي تستحقه.
لا مبالغة في القول بأنّ العامل الاقتصادي قد يكون العنصر الأكثر ضغطاً على الطرفين لإجراء مصالحة، فالعقوبات الروسية أثّرت بشكل سلبي على تركيا لاسيما فيما يتعلق بقطاع السياحة، وفي المقابل فقد أضرّت هذه العقوبات بروسيا نفسها لاسيما فيما يتعلق بقطاع الإنشاءات واستيراد السلع التركية، وفي ظل استمرار العقوبات الأورروبية، بدا الأمر أشبه بجلد الذات، ولهذا السبب بالتحديد قامت موسكو بتخفيف القيود مجددا بشكل استثنائي على بعض مشاريع البنى التحتية التي ينفّذها الجانب التركي في روسيا.
لكن هناك عنصر آخر ربما لعب دوراً مهمّا أيضاً فيما يجري، وهو تدهور علاقات تركيا مع إدارة أوباما، وتحسّن علاقات روسيا مع إسرائيل. بمعنى آخر، قد يكون للعامل السياسي دور، إذ إنّ تركيا وإسرائيل من الحلفاء المهمّين للولايات المتّحدة في المنطقة، وشأنهم شأن باقي حلفاء واشنطن يعانون من تدهور شديد في العلاقات مع إدارة أوباما، وهو الأمر الذي تريد موسكو على ما يبدو إستغلاله وتوظيفه في سياق تثبيت نفوذها المستجد في المنطقة، ليس من خلال الانفتاح عليهم فقط بل ومحاولة تقديم بديل.
ولعل ما ورد في تقرير مهم للديلي بيست الأسبوع الماضي يعدّ مجرّد مؤشر على عقلية وسلوك روسيا المستجد، إذ نقل التقرير أنّ موسكو تحاول تجنيد المقاتلين السوريين الذين كانوا يتلقّون دعماً أمريكيّاً ثم خرجوا من اللعبة بعد أن تيقنوا أنّ الدعم غير كافٍ أو مشروط فقط بمحاربة داعش، وأنّ الجانب الروسي أبلغ بعض قادة هذه الفصائل: «سندعمكم للأبد، لن نترككم أبدا لوحدكم كما فعل أصدقاؤكم السابقون»، ولعل هذه هي الرسالة التي تريد موسكو أن توصلها بالفعل للحلفاء المتذمرين من إدارة أوباما.
يبقى أن نشير إلى أنّه لا يجب أن نفرط في التفاؤل فيما يتعلق بتطبيع العلاقات بين تركيا وروسيا، إذ لا يزال الجانب الروسي متمسّكا بشروطه كما هو الحال بالنسبة إلى الجانب التركي، ناهيك عن أنّ الخطوات الإيجابية التي حصلت مؤخرا ليست كافية لوحدها لإعادة وصل ما انقطع، وهو ما يطرح تساؤلا حول شكل الخطوة التالية والطرف الذي سيقدم عليها.;
تعليقات