سوريا في دائرة النبوءات القيامية

المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت
يتفق الجميع أن الحضارة البشرية ستنهار ذات يوم، وأن هذا العالم من حولنا سيتلاشى وينتهي إلى العدم، وهي كفكرة خالصة لا يمكننا حصرها ووضعها في إطارها المكاني أو الزماني أو الديني كلٌ على حدا.
فالتنبؤ بنهاية العالم وقرب يوم الحساب أصبح من الحتميات التي آمن بها الجميع باختلاف معتقداتهم، كما أن الخطأ لا يعني إغلاق المجال أمام محاولات الاجتهاد، فأكثر النظريات بناءً وتدميراً عبر التاريخ انطلقت من تساؤلات بسيطة على نمط تفاحة نيوتن:
- كيف ستنتهي هذه الكره الملتهبة والمحمومة بالصراعات البشرية؟
هناك عدة توجهات تناولت التصورات القيامية الحاصلة نهاية الزمان، منها تلك التي حاكت القضية بحس علمي واقعي ومنها تصورات شخصية قائمة على الخيال العلمي إطارها التنجيم وقراءة الطالع وآخرها وأكثرها انتشاراً اليوم تلك التصورات ذات الخصوصية الدينية والتي عادت وطفت على السطح وأثارت هوس الكثيرين مع امتداد وتعمق الصراع في سوريا.
لكن في العموم تتباين التوقعات حول النهاية المحتومة للأرض. فخلال عدة مليارات من السنوات القادمة يرى العلماء أن الكون سيسير طوعاً إلى شيخوخة مفرطة تصاحبها تبدلات وتقلبات فيزيائية للكرة الأرضية، وقد تناول الخطاب العلمي بالبحث والتحليل الدقيق لائحة كاملة لنظريات سيئة ترسم تصورات قيامة العالم. ومنها (نظريات التشقق العظيم -الانسحاق الشديد -نظرية الارتداد العظيم) وكذلك مصير كون يتمدد ويتقلص عبر تخمينات تتعلق بتغيرات مناخية كظاهرة الاحتباس الحراري وما يرافقه من تداعيات تهلك الأرض، أو اشتعال الأرض بموجة من البراكين والزلازل الضخمة أو اقتراب النهاية المحتومة من فرضية عيشنا المنفلت في هذا الكون الخرافي كاقترابنا من ثقوب سوداء عملاقة مفرطة الجاذبية بالتالي دخولنا في العدم، أو تعرض الأرض لعواصف وتوهجات شمسية تنذر بكوارث تحمل في طياتها بذور فناء الأرض.
لكن أكثر الفرضيات العلمية واقعية والتي يميل لإثباتها الخطاب الديني هو الحديث المتكرر حول نفاد النجوم والكويكبات الطائرة لوقودها النووي لتصار ذاتياً مع الوقت بإصدار إشعاعات تخترق الغلاف الجوي محدثة انفجارات هائلة لتدمر الحياة في امتداد الخطر الواقع في نطاق 300 سنة ضوئية. عندها ستزداد سخونة لب الأرض وقشرتها وينجم عن ذلك زلازل وبراكين لم تشهدها الأرض منذ تشكلها ثم يبدأ الحقل المغناطيسي لتلك النجوم بتمزيق وتفتيت كوكبنا. فيضطرب الغلاف الجوي والمحيطات والقشرة الأرضية ويموت الناس بسرعة هائلة لتتشقق قشرة الأرض وتنسكب الحمم في باطنها وتسيل في الفضاء في سيناريو مرعب لنهاية محتومة.
لكن هذه النهاية المحتومة تناولها فريق آخر دون أن يجهد نفسه في كشف تفاصيلها الدقيقة أو تفسيرها علمياً، حيث يدفع هذا الفريق ليكون في هذا الموقع ادعاؤه لامتلاكه مزايا وخصائص منحها الخالق له فأعطته صبغة توقع النتائج الكارثية من قدرات الاستحضار والاستعلاء في استبصار القادم إما بقراءة الماضي أو عبر مزايا تدفعه لقراءات مستقبلية. وهي نبوءات اعتمدت في مجملها على الكاريزما القيادية لروادها لتبرر طروحاتها فكانت بعيدة عن الواقع لاستنادها إلى قراءات خيالية من أمور التنجيم وقراءة الطالع. ولهذا الفريق أنصار ومؤيدون كثر حول العالم يدفعهم للانخراط في متابعتهم حب الإنسان للغوص في عوالم الماورائيات الميتافيزيقية رغم أن جميع هده النبوءات لم تنجح في رصد حالة مقنعة تحدد نهاية العالم، لتبوء في النهاية بالفشل.
ونذكر هنا بعضاً من أشهر هذه النبوءات والتي حشدت أنصاراً ومؤيدين وأثارت الهلع والرعب في أجزاء كبيرة في الكرة الأرضية في أزمنة مختلفة:
- نبوءة الفيلسوف الروماني الشهير سينيكا: حين ربط في سنة 79 ميلادية بين فورة بُركان فيزوف الذي دمر مدينة بومبي الرومانية وبين توقع يوم القيامة.
- دجاجة ماري بيتمان أو يورشيكا الساحرة: ما حدث هو أنه في بدايات القرن التاسع عشر عندما ذاع صيت دجاجة في انكلترا تبيض بيوضاً كتب عليها "المسيح قادم" ليتم الكشف لاحقاً عبر المصادفة أن مالكة الدجاجة السيدة "ماري بيتمان" تستخدم نوعاً من الحبر الحمضي، لكتابة تلك العبارة على البيضة، ثم تعيدها ثانية إلى جوف الدجاجة، طمعاً في ربح أكبر.
- مجيئيو اليوم السابع "الأدفنتست": في العام 1831 تبع القس وليم ميلر مجموعة من الشبان المتدين فور تبشيره بأفكاره المنادية بعودة المسيح إلى الأرض ﺑﻴﻦ 21 ﻣﺎﺭﺱ/ﺁﺫﺍﺭ 1843 ﻭ21 ﻣﺎﺭﺱ /ﺁﺫﺍﺭ 1844 وسيفرق بعودته بين الطاهرين والخطاة فقاموا ﺑﺒﻴﻊ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻬﻢ ﻭﺗﺨﻠﻮﺍ ﻋﻦ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻭﻭﻇﺎﺋﻔﻬﻢ، ﻭﺍﺭﺗﺪﻭﺍ ﺛﻴﺎﺑﺎًً ﺑﻴﻀﺎﺀ، ﻭﺧﺮﺟﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺎﺕ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ.
- نبوءة بات روبرتسون: كانت أشهر نبوءات روبرتسون وهو الإعلامي ﻭﻣﺆﺳﺲ ﺍﻻﺋﺘﻼﻑ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ الأمريكي المعروف بتوقع عودة المسيح بحلول العام 1980 ﺣﻴﺚ أضاف لتلك النبوءة قوله في برنامجه ﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ "ﻧﺎﺩﻱ 700" : "ﺃﺿﻤﻦ ﻟﻜﻢ أنه ﻭﺑﺤﻠﻮﻝ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎﻡ 1982، ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ".
- مجموعة "بوابة السماء": توقع عالم الفلك الفرنسي كميل فلاماريون في سنة 1910 بدمار كبير يحدثه مُذنب هالي في الغلاف الجوي للكُرة الأرضية في تلك السنة لينتهي شيء اسمه الأرض. لكن ذلك لم يحدث ليعاد طرح نفس الفرضية في العام 1997 من قبل مجموعة دينية تدعى "بوابة السماء" وهي مجموعه تؤمن بوجود الأطباق الفضائية، وتوقعت بأن طبقاً فضائياً سينقذهم من مُذنب هالي بوب وأن يوم القيامة سيحل في السادس والعشرين من مارس / آذار العام 1997، لهذا أقدم 39 شخصاً في المجموعة على الانتحار لقناعاتهم الدينية بأن ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻻ ﻣﺠﺮﺩ ﻭﻋﺎﺀ ﻳﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺑﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻟﻬﻤﻬﻢ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺃﺟﺴﺎﺩﻫﻢ، ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺤﺎﻕ ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺒﺔ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺗﻤﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ.
- وأهم النبوءات في هذا الجانب والتي لازال كثر حول العالم اليوم من المؤمنين بها هي نبوءات ﻧﻮﺳﺘﺮﺍﺩﺍﻣﻮﺱ المنجم والصيدلاني الأشهر عبر التاريخ خصوصاً جانبها الذي تحدث عن نهاية العالم في حلول العام 3797 ميلادية والتي كتب أحداثها على شكل رباعيات غير مفهومة لليوم.
لكن مع دخول البشرية في الألفية الجديدة ثارت مخاوف وتنبؤات كثيرة فشل بعضها أيضاً ولازال بعضها الآخر مثار جدل. أهم تلك النبوءات كان اليوم الأول من كانون ثاني / يناير عام 2000 هو اليوم الموعود لزوال الأرض. فقد خشي الكثيرون من حدوث أخطاء كارثية ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﺪﻡ ﺗﻌﺮﻑ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﺔ الجديدة، ما سيؤدي إلى ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻲ، ﻭﺗﺤﻄﻢ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﻭﺍﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻤﻔﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ، ﻭﺗﻌﻄﻞ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ محتومة للحياة على الأرض. الأمر الذي دفع لارتفاع ملحوظ في أسعار ﺍﻟﺴﻼﺡ، وجهزت الملاجئ لحرب نووية مفادها عدم القدرة بالتحكم في مسار التكنولوجيا.
كما توقع في نفس العام مؤلف كتاب "الجليد" ريتشارد نون بأن الأجرام السماوية سوف تُسبب ذوبان كميات هائلة من الجليد وكوارث تفني الحياة. لكن مرت السنوات الأولى من الألفية الجديدة ولم يحصل شيء، لتشاع لاحقاً وبالتحديد في ديسمبر من العام 2012 نبوءة حضارة المايا التي ارتبطت في الحقيقة بتقويم قديم يعود إلى ما قبل 5.125 سنة لشعب المايا والذي يقول إن نهاية العالم ستكون في نهاية 2012.
ومع تحول الربيع العربي وخصوصاً في سوريا ذات الخصوصية الدينية -لدى الديانات الإبراهيمية الثلاث -إلى ملحمة كبرى سالت فيها الدماء لمستويات غير مسبوقة وأصبحت نقطة توتر أقلقت العالم برمته وليس فقط الشرق الأوسط، كل ذلك جعل الحديث عن قرب معركة آخر الزمان يكثر وبهستيرية. وأخذ تفسير نهاية العالم يطلق على أسس وتنبؤات دينية محضة محورها أن الصراع الأخير وفق الإرهاصات الدينية القيامية هي في سورية، لما لسورية من مكانة مهمة في النبوءات الأخيرة ولوصف الدين المصدر المحدد للتصورات والأشياء الموجودة في العالم، وأن الإله الخالق هو من يحيي الأرض والشمس والنجوم ويوجه حركات الأجسام السماوية في مدارها المنتظم ويعنى بشؤون البشر وبالتالي يتحكم في الأحوال الفيزيقية لحياتنا. وفي حال توافق الوجود الإنساني مع الحركة التي يرتئيها الله في نصوصه المنزلّة على أنبيائه سينجح الإنسان في تحقيق السعادة البشرية وفي حال قصّر الإنسان فإن فساده سيحيل هذه الأرض إلى خراب وستساق طوعاً إلى نهاياتها القيامية .
وبهذا التصور تختلف الأديان فيما بينها في طرح هذه النهايات. وأبسطها وأقواها على الإقناع أن الموجودات لابد لها من موجد وقد حدد الله (هذا الموجد) نهاياتها بطرق وصيغ متشابهة لكنها تختلف من دين لآخر بفعل التحوير الحاصل من قبل الإنسان على هذه الديانات وإن كانت تتشابه وتتلاقى في كثير منها.
فاﺳﺘﻨﺎﺩﺍًً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻮﺀﺍﺕ الدينية الكبرى الثلاث فإن ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ كله في النهاية ﺳﻮﻑ ﻳﺘﻤﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ وأن المعركة الكبرى ستقام على أرض بلاد الشام ﻓﻲ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ. وأﻥ ﻛﻞ ﺍﻷﻣﻢ ﺳﻮﻑ ﺗﻀﻄﺮﺏ ﻭﺳﻮﻑ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺘﻮﺭﻃﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻫﻨﺎﻙ من خراب وهو بالفعل ما يجري اليوم من صراع هائل أخذ يجذب كطرفي مغناطيس شيئاً فشيئاً جيوش العالم للتورط به.
لهذا يتابع رجال الدين اليهود والمسيحيون والمسلمون على حدٍ سواء ما يجري في سورية عن كثب. إذ تذكر نصوص التوراة والتلمود وفق مفسريها عن ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ وبأن ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ (ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﺮ) سوف يهبط في سوريا وسيسحق ﻛﻠﻴﺎًً ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﺄﻟﻘﻴﻦ ﺍﻟﺬين ﻳﻘﻮﺩﻫﻢ ﺍﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻱ ﻟﻠﻤﺴﻴﺢ.
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺗﻲ ﻫﺎﻝ ﻟﻴﻨﺪﺳﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﻘﺒﻞ": "ﻓﻜﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﻦ 200 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺟﻨﺪﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻣﻊ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻳﻘﻮﺩﻫﺎ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻣﻦ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺪﺛﺔ (ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ )" . كما يرى المسيحيون أﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ (أي سوريا) ﺳﻴﻜﻮﻥ مسرحاً ﻷﻋﻈﻢ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ قبل عودة المسيح الثانية.
وفي السنوات الأخيرة وبالتحديد منذ تسلح الثورة السورية لاقت نبوءة المعركة الفاصلة بين الخير والشر اهتماماً واسعاً بين أوساط المسلمين حول العالم، وقد عزز ذلك الاهتمام ظهور وسيطرة "تنظيم الدولة الاسلامية" المعروف اختصاراً بـ"داعش" في آب / أغسطس عام 2014 على قرية "دابق" القرية الصغيرة الواقعة شمال شرق حلب واتخاذها مقراً رئيسياً له مستنداً في ذلك إلى اعتبارات تاريخية ودينية لهذه القرية والتي ارتبط اسمها وفق النبوءات القديمة لدى المسلمين باسم المعركة الكبرى التي ستقام نهاية الزمان بين الخير والشر والتي على أثرها سينزل الروم بالأعماق أو بدابق أي بدخول الروم إلى دمشق وذلك حسب حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قال: «لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج لهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ.. ».
وينتظر كثير من المسلمين هذه المعركة وخصوصاً المقاتلين المستضعفين في سوريا ومن آزرهم وانضم لهم من مقاتلين من الغرب والشرق لما تبشرهم الأحاديث من نصر مؤزر بعد هذه المعركة.
حيث انقسام العالم اليوم حول الصراع في سوريا إلى عدة تحالفات أخذ أشكالاً وأسماء متعددة باسم (التحالف الغربي بزعامة أميركا - والتحالف الروسي الإيراني السوري - وأخيراً التحالف الإسلامي بقيادة السعودية) وكلها تتحزم للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية بأعداد وصلت إلى 62 دولة وتزيد كل فترة، كل هذا يدفع كثير من المسلمين واليهود والمسيحيين بانتظار عهد وقوع الملاحم، حيث يقول في هذا الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم): «ستصالحون الروم صلحاً أمناً فتغزون أنتم وهم عدواً من ورائهم تسلمون وتغتنمون ثم تنزلون بمرج ذي تلول فيقوم رجل من الروم فيرفع الصليب ويقول غلب الصليب فيقوم إليه رجل من المسلمين فيقتله فتغدر الروم وتكون الملاحم فيجتمعون لكم في ثمانين غاية مع كل غاية اثنا عشر ألفاً».
في العموم إنّ القول بظهور المسيح في آخر الزمان قد اتفق فيه المسلمون مع اليهود والمسيحيين في الجملة، ولكنهم اختلفوا في التفصيل كما ذكرنا، فاليهود ينتظرون مسيحاً جديداً يجدد ملك إسرائيل ولذلك يسعون لتحقيق هذه الأمنية سعياً ماديّاً يناسب الملك، والمسيحيون ينتظرون مجيء المسيح في ملكوته وصليبه ليدين العالمين ويحاسبهم على نحو ما يعتقد المسلمون في الآخرة، والمسلمون يعتقدون أن المسيح ينزل في آخر الزمان فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويقيم الشريعة الإسلامية ويصلي مأموماً وراء أحد أئمة المسلمين ليظهر أنّ الدين عند الله الإسلام. لكن الاتفاق الأعم الذي تناوله الكثيرون هو أن تلك الأحداث ستحدث بشكل أو بآخر في سوريا وما يؤطرها من بقاع مباركة في تلك الديانات كل ذلك بعد ملحمة الفصل الكبرى. لكن هذا لا يعني إن حلّ السلام في سوريا ولم تندلع المعركة المنتظرة في الأيام القادمة هو برهان لفشل نبوءات آخر الزمان التي فصلتها الديانة الإسلامية، لأننا لا نعلم هل ستكون معركتنا اليوم -في حال فشلت مؤتمرات السلام حول سوريا في ضل هذا التجييش -هي ضمن هذا التصور القيامي المنادي بالفكر الخلاصي لنهاية الزمان أم لا ?؟
تعليقات