فاعِليّة قرار مجلس الأمن في ظل الانتهاك الروسي

المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت
(ترجمة السورية نت)
قد أقرّ مجلس الأمن في الأمم المتحدة من أجل سورية بالإجماع يوم الجمعة الماضي، بإلزام جميع الأطراف المعنية بإيقاف أي هجمات ضد المدنيين، والممتلكات المدنية، واستخدام عشوائي للأسلحة، بما في ذلك القصف المدفعي والجوي. إلا أنه بعد أقل من 48 ساعة شنت الطائرات الروسية ستة غارات جوية على أهداف مدنية في عاصمة المحافظة السورية الشمالية إدلب، متسببة بمقتل عدد من المدنيين، حيث يعتبر ذلك انتهاكاً صارخاً لقرار مجلس الأمن والتي صوتت روسيا بدوها عليه، مما يثبت ذلك نظرية بوتين الفعلية في الاتفاقات الدبلوماسية والتي تدفع إدارة أوباما لتحقيقها في سورية.
حيث استهدف الطيران الروسي من خلال طائراته سوقاً شعبياً في وسط إدلب، بالإضافة إلى مبنى تابع للقضاء، وخلَّف وراءه مقتل43 مدنياً بالإضافة إلى عشرات الجثث التي مازالت تحت الأنقاض ولم يتم سحبها بعد والتعرف عليها، وذلك وفقاً لمصادر محلية قد استندت إليها وكالة رويترز الإخبارية ونقلاً عن مرسل البوست هيو نايلور، في حين تخضع هذه البلدة لسيطرة الثوار السوريين بغالبية إسلامية، غير أنها ليست قريبة من المناطق الخاضعة لسيطرة "تنظيم الدولة الإسلامية".
لا يتوجب على سفراء مجلس الأمن الشعور بالحرج من هذه الإهانة فحسب، وخاصة بعد تصريح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بعد لقائه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين قائلاً: "أن الحكومة الروسية تقف مع الاعتراضات الأمريكية ضد الغارات الجوية على الأهداف التي تقع خارج مناطق سيطرة تنظيم الدولة"، ولكن ما لبث أن غادر السيد كيري حتى ألقى بوتين بجملة من الاعتراضات مجدداً، ومن المرجح لن تغير روسية من سياستها العسكرية في سورية، والتي تعتمد على قصف قوات المعارضة المعتدلة تحت غطاء مكافحة "الدولة الإسلامية".
وقد اعتنقت الحرب الروسية في سورية سياسة الأسد وأساليبه في القتل، فهي لم تكتفي بقصف قوات الثوار فحسب، بل استهدفت البنية التحتية لهم من خلال قصفها للمنشآت المدنية من المشافي والمخابز في الشمال السوري والذي يقع بعيداً عن حدود "تنظيم الدولة"، وذلك حسب تقرير الأمم المتحدة الأخير، وقد شكك عمال الدفاع المدني بالنوايا الروسية بقصفها المتعمد لهذه المنشآت، حسب تقرير مراسلة البوست ليز سلاي.
وفي السياق نفسه أفاد تقرير صدر حديثاً من منظمة الهيومن رايتس وواتش أن القوى الروسية السورية تستخدم الذخائر العنقودية في المناطق المدنية، ومما يعتبر ذلك انتهاكاً آخر للأمم المتحدة، ويذكر التقرير أنه تم استخدام هذه القنابل في عشرون هجوماً منذ أن بدأت روسيا بهجومها المشترك في الثلاثين من شهر أيلول السابق، ووثق التقرير هذه الهجمات في تسع مواقع أودت بقتل 35 مدنياً على الأقل بما فيهم 17 طفلاً.
ويروج جون كيري إلى أهمية القرار الصادر عن الأمم المتحدة بوضعه للمرة الأولى جدولاً زمنياً لانتقال سياسي في سورية، يتم خلاله صياغة دستور جديد وعقد انتخابات خلال 18 شهراً. وبشكل أكثر واقعية يدعو القرار لوقف إطلاق نار مبكر، وفي حال تم تحقيقه سوف يقدم استراحة للمدنيين هم بأشد الحاجة إليها، وسيسمح لكل الأطراف بالتركيز على محاربة "الدولة الإسلامية".
ولكن ليكون للقرار أي معنى فعلى روسيا وإيران أن تكونا مستعدتين لفرض شروطه على الأسد والتخلي عن حملتيهما لتدمير جماعات المعارضة المدعومة من قبل الغرب. بعد أحداث يوم الأحد، سنوافق رأي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي قال بشأن القرار الجديد: "أنا لست متفائلاً للغاية حول ما تم تحقيقه."
تعليقات