فرصة للحل الدبلوماسي في سورية

المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت
(ترجمة السورية نت)
قيام مقاتلي "الدولة الإسلامية" بقطع رأس عالم الآثار السوري خالد الأسعد، الذي قدم حياته لحماية بعض أعظم كنوز سورية، كان تذكيراً مروعاً بمدى تعقيد الصراع الذي مزق سورية على مدار أربعة أعوام – ومدى استغلاله – من قبل "الدولة الإسلامية" وشرها العقدي والإقليمي المتوحش.
إتمام الاتفاق النووي الإيراني الشهر الماضي أفسح مجالاً لتجديد الدفع لتحقيق حل سياسي للحرب الأهلية الطاحنة بين بشار الأسد والثوار الساعين للإطاحة به، والتي كلفت 250,000 روح وأجبرت 11 مليون شخص على التخلي عن منازلهم. منذ ذلك الحين، قامت موجة من اللقاءات الدبلوماسية عالية المستوى برفع الآمال بالبدء بتحقيق جهد كهذا أخيراً.
ولكنه لا زال من غير الواضح إن كان لدى الولايات المتحدة وروسيا وإيران وسورية والمملكة العربية السعودية وأطراف هامة أخرى العجلة والإرادة السياسية لقيادة سورية نحو مسار مستقر. ولكن الواضح هو أنه ودون التسوية السياسية في سورية من الصعب تصور تشكل حملة فاعلة وموحدة ضد "الدولة الإسلامية"، المعروفة أيضاً بداعش، والعازمة على إنشاء خلافة في سورية والعراق.
النشاط الدبلوماسي الأخير المتعلق بسورية مثير للاهتمام. فروسيا، الداعم الأقوى للأسد، شكلت صلات جديدة مع المملكة العربية السعودية، التي هي خصمه اللدود وممول كبير لجماعات الثوار السوريين، وتواسطت في اجتماع بين مسؤولي استخبارات سوريين وسعوديين. وفي بداية هذا الشهر، التقى وزيرا الخارجية الروسي والسعودي في موسكو بينما كان محمد جواد ظريف وزير خارجية إيران، الحليف الهام الآخر للأسد، في دمشق لمقابلة الأسد. قبل أسبوع من ذلك، عقد وزير الخارجية جون كيري ونظيراه الروسي والسعودي اجتماعهما الثلاثي الأول حول سورية.
هنالك أسباب ملحة لتجنب انهيار أكبر للدولة السورية: فإن الأسد، الذي يصارع على أرض المعركة ولتجنيد قوات لجيشه، يزداد ضعفاً. الأمريكيون والروس والسعوديون من ضمن غيرهم، يخشون من أن تقوم داعش، التي تسيطر بالفعل على قسم كبير من سورية وتفوق الجماعات الأخرى قوة هناك، باستلام السيطرة في حال سقط النظام.
في هذه الأثناء، فإن خطط أوباما لتدريب وتسليح القوات البرية للثوار السوريين لتزيد من فعالية الغارات الجوية الأمريكية ضد داعش من خلال تأمين الأراضي قد فشلت إلى حد كبير.
حتى مع ذلك، وعلى الرغم من أهمية اللحظة، يبدو أن لهذه المناورات الدبلوماسية غرض ما، فإن الأطراف تقوم بالاستطلاع بدلاً من أن تسعى لتطوير خطة واضحة للتقدم قدماً. التقدم الواقعي الوحيد قد كان هو التصريح المتواضع غير الملزم الذي اعتمده مجلس أمن الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، والذي يحث الحكومة السورية وخصومها على النقاش حول "انتقال دبلوماسي" يتوافق مع ما اتفق عليه الدبلوماسيون في جنيف عام 2012.
عوائق الموافقة على مثل هذا الانتقال هائلة، ليس فقط لغياب أي إجماع على مدتها أو زمن تنحي الأسد، في حال حصل على الإطلاق. الولايات المتحدة وآخرون، بما فيهم المملكة العربية السعودية وتركيا، قد أصروا على رحيله، بينما وقفت روسيا وإيران معه. يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن روسيا قد تكون مستعدة لقطع صلاتها مع الأسد كجزء من خطة لإعادة الاستقرار إلى سورية دونه ولمنع داعش من الهيمنة، ولكن إلى الآن لم تنل أي من الخطط المطروحة الموافقة.
تدخل روسيا في جهد لحشد تحالف ضد داعش، وهو ما عملت الولايات المتحدة عليه منذ العام الفائت، هو أمر مرحب به، نظراً لعنادها السابق. في عام 2011، عندما أطلق الأسد العنان لغضبه من خلال استخدامه للقوة ضد المتظاهرين السلميين، منعت روسيا، مع الصين، كل المحاولات للضغط على الأسد في مجلس الأمن من خلال العقوبات والطرق الأخرى للسعي وراء حل سياسي.
نظراً إلى عدد الأرواح التي فقدت منذ ذلك الحين، والطريقة التي تفتح فيها الحرب الأهلية المستمرة الأبواب لداعش، من المؤسف أن موسكو تأخرت بالمشاركة. ومع ذلك، يبدو أن هنالك اهتمام جدي الآن للسعي وراء حل دبلوماسي، ولا بد من تشجيعه. إن روسيا وإيران تحملان مسؤولية خاصة لتحريكه قدماً.
تعليقات