فلسفة الثورة

المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت
انطلقت من الجامع الأموي لتجوب شوارع دمشق القديمة هاتفة على كل سوري أن يحدد موقفه في المعركة الأخلاقية الكبرى بين الكرامة والعبودية دون أن يخطر على بال أحدهم أن ينادي على حزب أو طائفة وإنما كان النداء (وينك يا سوري وينك) فارتد هذا الصوت على أصابع أطفال لم تبصم في يوم من الأيام على طلب انتساب لحزب ولا يعلمون معنى التحييز للطائفة فكتبوا على جدران مدارسهم (إجاك الدور يا دكتور )..
ثم تهتز الأرض وتصيح حناجر الأحرار بميلاد عصر جديد (شدي حيلك يا بلد ...الحرية بتتولد) ............
إنها ثورتنا وهي وبكل وضوح ليست ثورة إسلام على كفر وإن كان المسلمون حملة رايتها وحاضنيها فهذا شرف لنا نتفاخر به ولا نحتكره لأننا نقوم بواجبنا السماوي وهو تحرير العباد من عبودية الظالمين ....
وليست ثورة سنة على شيعة وعلوية وإن كان السنة رأس حربتها فهذا تاج فخار ورفعة في الدنيا والآخرة وهذا يدلل على عمق انتمائنا للأمة التي لاتهاب المحن.
وإننا لم نقم بهذه الثورة لنحمل الكفار والمخالفين على الإسلام بالقوة وإن كان يسرنا أن يهتدوا لديننا مختارين لأن حمل الناس بالسيف على مالا يريدون يورث النفاق ولا يورث الإيمان وخلافنا معهم نحله بلسان عربي مبين وحوار رصين وعلم ونور مبين ثم يفصل به ربنا يوم الدين.
إن ثورتنا هي ثورة الحق على الباطل والعلم على الجهل والحرية على الاستبداد وثورة ضحية على جلاد طالما سلخ جلدها وكسر أضلاعها ورمى بعظامها لكلاب الشرق والغرب، وهي ثورة امرأة حرة على نخاس قذر يقايض بكرامتها على ملذاته ومصالح زبانيته ...
إنها موقف أخلاقي مع الكرامة والعدالة والشرف والمروءة واجتنابٍ للظلم والفساد والاستكبار وهذا عين ما تدعوا له شرائع السماء......
إنها ثورة المظلوم السني وغير السني على الظالم العلوي وغير العلوي (ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها).
إنها ثورة ليست لإنهاء الوجود الدرزي أو الشيعي أو المسيحي أو العلوي وإنما ثورة لإنهاء نظام عاهر فاجر يجير كل الطوائف ويوظف كل المكونات في حماية أركانه وجلاوزته وفجاره .....
من لم يدرك هذه الفلسفة الشعبية لروح الثورة وقع في التناقض عندما ظهرت داعش فطغت وبغت وظلمت فارتعشت يداه على الزناد وقال كيف أقاتل (أخوتي ) وهذا تبعاً لظنه أنه كان يخوض معركة بين إسلام وكفر بمعناها الديني المحض ونسي أنه إنما شرع سلاحه بالأساس ليقاتل الظلم أياً كان مذهبه ويحارب المستبد ولو تعلق بأستار الكعبة ....
ونسي أن الجهاد في ديننا شرع لرد الحرابة لا لإفناء الكفار وأن السلف الصالح حاربوا المسلمين البغاة والخوارج وتركوا الكفار المسالمين في ديارهم آمنين ....
ونسي أن الله تعالى قال (فقاتلوا التي تبغي) وهم من المسلمين وقال (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) وهم من الكافرين .....
نحارب من حاربنا وإن كان مسلماً سنياً ونسالم من سالمنا وإن كان كافراً عصياً
إنها ثورة موسى على فرعونية متألهة وثورة هارون على هامانية منتفعة وثورة يحيى على سوق البغايا وثورة يوسف على السجان وثورة محمد صلى الله عليه وسلم على جاهلية جهلاء ....
إنها ثورة المظلوم السني وغيره وثورة المتدين والمتغافل وثورة المحجبة والمتحررة وثورة العالم والأمي والرجل والمرأة والطفل والكهل على كلاب الصيد وشذاذ الآفاق ودجاجلة السوء ولاعقي البيادة ولا فرق بين الظالمين من لابس للبسطاء ولابس لعمامة ولا فرق بين سافرة ومحتجبة إن كانت كل واحدة كحمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ......
تعليقات