في حلب حالة معيشية سيئة ودولار مازال يصعد دون توقف

بعد انقضاء الربع الأول من عام 2016، وتهاوي الليرة السورية أمام الدولار إلى أدنى مستوى له حيث وصل سعر الدولار الواحد اليوم إلى 492 ليرة سورية، غدا المواطن السوري الخاسر الأكبر، وأصبح يحمل أعباء جديدة على كتفيه بالإضافة الى الأعباء السابقة التي تحملها خلال سنوات الثورة السورية.
وعاد تتدهور الليرة السورية بالسوء على المواطن في مناطق المعارضة وفي المناطق التي يسيطر عليها النظام على حد سواء. حيث أصيبت الأسواق بالركود وأصبح المواطن يعتمد على شراء الأساسيات في حياته اليومية وبشكل مقنن جداً فكل مادة من خضار أو فواكه حيث زادت الأسعار بنسبة 400 بالمئة عما كانت عليه قبل أربع سنوات. وهذا ما لا يطيقه المواطن الذي هو بالأصل يبحث عن عمل يسد به رمق أولاده.
ويقول محمد عبد الله وهو مواطن سوري من قرية عنجارة لـ"السورية نت" واصفاً الحالة المعيشية بأن "هناك مواطنون كان عندهم مدخرات جمعوها في السابق، واليوم أنفقوها كلها، ومع انخفاض الليرة السورية كان الضرر بالغاً، وعلى اعتبار أن دخل الفرد بمعدل وسطي في هذه المناطق لا يتجاوز 25 ألف ليرة، فهي لا تكفيه لشراء الحاجيات الأساسية، ولا يصل إلى آخر الشهر، إلا بشق النفس، وبعد أن يكون قد اقترض، إن وجد من يقرضه".
ويتابع عبد الله: "كل شيء ارتفع سعره، مع ارتفاع سعر الدولار، ووصل سعر كيلو الفليفلة لـ1200 ليرة (أكثر من 2 دولار بقليل)، وأصبح شراء كيلو واحد من أي خضار أو فاكهة حلماً عند أغلب المواطنين، هذا عدا عن تكاليف الأمبير (الإضاءة) والمياه بشكل أسبوعي".
ويوضح عبد الله أن ارتفاع الأسعار يعود "إلى ألاعيب التجار الذين يقومون بتخزين المواد إلى حين ارتفاع الدولار، ويقومون بربط أسعار جميع المواد بارتفاع وانخفاض الدولار، والمواطن المسكين وحده من يتحمل هذا، وقد غدا راتبه لا يتجاوز الـ50 دولاراً فقط".
من جانبه يقول عبد المنعم شحود وهو مزارع من قرية الجينة بريف حلب لـ"السورية نت": إن "ارتفاع سعر الدولار الواحد لـ500 ليرة سورية جعل الكثير من المزارعين ينتقلون إلى الزراعة البعلية بعد أن أصبحوا غير قادرين على تغطية مصاريف الزراعة المروية من أسمدة وأدوية بالإضافة إلى الارتفاع الكبير في أسعار المازوت وضعف التصريف لكثير من المحاصيل الزراعية".
ويضيف: "هذه السنة عمد الكثير من المزارعين إلى فلاحة أراضيهم عن طريق الأجداد (فدان) فتكلفة فلاحة هكتار واحد وصلت لـ35 ألف ليرة سورية بعد أن كان لا يتجاوز ألفي ليرة سورية".
ويستدرك شحود بحسرة: "قد يصل المواطن لزمن لا يستطيع فيه حتى الحصول على قوته يومه إذا ما استمر الدولار بالارتفاع على هذا الشكل".
أما أبو الفاروق وهو أحد صرافي العملة في مناطق المعارضة فيقول: "يعود ارتفاع سعر صرف الدولار في سورية إلى التضخم الكبير في الاقتصاد فضلاً عن التخوف من سقوط النظام بأي لحظة الأمر الذي سيحول العملة السورية إلى أرواق لا فائدة منها".
وأوضح لـ"السورية نت" أنه "في الماضي عندما كان يتقدم النظام ويحتل مناطق محررة كان ينخفض الدولار أما اليوم فهو يرتفع وبشكل يومي بمعدل 2 ليرة سورية إلى 5 وحتى وإن تقدم النظام. وهذا يعود بوضع كارثي على المواطن كون أغلب المواطنين لا يحملون سوى العملة السورية بالإضافة إلى ارتباط أغلب السلع السوقية بالدولار".
وبالانتقال إلى مناطق سيطرة النظام فإن تأثير ارتفاع سعر صرف الدولار على المواطنين كارثي أيضاً. فهم يقتصدون بشراء الحاجات الأساسية وأصبح أغلبهم ينتقلون للعيش في المدارس بعد أن كانوا مستأجرين لمنازل.
ويقول أبو الخير وهو موظف في أحد القطاعات الحكومية عند نظام الأسد: "بعد 25 عاماً من العمل لدى حكومة النظام لم يتجاوز راتبي إلى الآن 28 ألف ليرة سورية (ما يعادل 56 دولاراً) في حين أن المنزل الذي نسكنه أنا وعائلتي أجرته الشهرية 25 ألف ليرة سورية. وبالإضافة إلى دفع الأمبيرات والمياه وشراء الخضار والمواد الأساسية للطبخ، فإنني أبدأ بالاقتراض بعد أيام قليلة من بداية الشهر".
ويتابع أبو الخير في حديثه لـ"السورية نت" ونبرة عميقة من الأسى تتخلل كلامه: " انتهى بي الأمر مؤخراً لترك المنزل والعيش بأحد المدارس في حلب"
أصبح المواطن في مناطق سيطرة النظام يعمل أكثر من 16 ساعة ليحصل في نهاية الشهر على راتب يعادل مائة دولار، وهو ما يجعله يعيش بحالة دون الوسط، في حين أن نظام الأسد بدأ يتهاوى اقتصادياً، دون الالتفات لحالة المواطنين المعيشية السيئة.
اقرأ أيضاً: في لبنان مطامر نفايات تضر البيئة
تعليقات